تظاهر العشرات من أتباع مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران، عصر اليوم الجمعة، أمام المنطقة الخضراء، وسط العاصمة العراقية بغداد، والتي تضم مبنى السفارة الأميركية، والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، احتجاجاً على العقوبات الأميركية على طهران، ومنع العراق من دفع مستحقات الغاز المتأخرة عن استيراد الغاز الإيراني المُشغل لمحطات الكهرباء العراقية، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وكانت جماعة "أهل الكهف"، التي يربط مراقبون ومختصون بشؤون الجماعات المسلحة في العراق صلتها بمليشيا "كتائب حزب الله"، قد نشرت بياناً أعلنت فيه تحشيدها للتظاهر أمام السفارة الأميركية، حيث تُحمّل الفصائل الحليفة لإيران الولايات المتحدة المسؤولية عن أزمة الكهرباء الحالية، في ظل عقوباتها على طهران.
ومنذ صباح اليوم، اتخذت القوات العراقية إجراءات أمنية مشددة في محيط المنطقة الخضراء، وقرب السفارة الأميركية، ومن ثم عززت إجراءاتها ونشرت المئات من عناصرها، وأغلقت المنطقة الخضراء قبل خروج التظاهرات.
وعصر اليوم، خرج العشرات من عناصر المليشيات، وتقدموا نحو بوابة الخضراء من جهة منطقة الكرادة القريبة، وهم يرددون شعارات ضد أميركا، ويحملون صور قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اللذين قتلا بضربة جوية أميركية في بغداد، مطلع العام 2020، كما حملوا أعلاما للفصائل، منها "عصائب أهل الحق" و"أهل الكهف" و"حزب الله العراق" و"النجباء"، فضلا عن أعلام إيرانية.
من التظاهرة ضد #السفارة_الامريكية قرب #المنطقة_الخضراء pic.twitter.com/n8J7TYSq7P
— سومري #313 (@S12_313) July 14, 2023
وشوهد عدد من النواب المرتبطين بالفصائل المسلحة مع المتظاهرين، منهم النائب عن مليشيا "عصائب أهل الحق" حسن سالم، والنائب عن مليشيا "حزب الله العراق" سعود الساعدي.
#عاجل
— نـ ـو رس مـ ـهاجـ ـر (@reda_1379) July 14, 2023
أوامر عاجلة بغلق جميع مداخل المنطقة الخضراء بالتزامن مع التظاهرات الحاشدة
المتظاهرين متهمين سفارة #الشر بتد. مير العراق وتقييده ومنع تقدمه بملف الكهرباء والخدمات حشود المتظاهرين توجه اصابع الاتها م نحو دولة الاحتلا ل الامر. يكي وسفيرته #حاصروا_السفارة pic.twitter.com/hY8hSkvMh8
من جهته، قال ضابط في قيادة عمليات بغداد (المسؤولة عن أمن العاصمة)، إن "التظاهرات لم تكن كبيرة. الأعداد بالعشرات، ولم يظهروا أي محاولة لاقتحام المنطقة الخضراء"، مبينا لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "القوات الأمنية اتخذت الإجراءات اللازمة لأي طارئ، ومنعت الاقتراب من بوابة المنطقة الخضراء".
وأضاف أن "التعليمات الأمنية أكدت على تجنب أي تصادم مع المتظاهرين، ومحاولة الحفاظ على سلمية التظاهرة"، مشدداً على أن "الوضع تحت السيطرة"، وأن "إعادة فتح المنطقة الخضراء سيكون حال انتهاء التظاهرة".
الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرة داغي، أشّار إلى قلة أعداد المتظاهرين، وقال معلقاً في تغريدة له: "يبدو واضحا أن هناك انقساماً بين الفصائل بخصوص وقفة اليوم ضد السفارة الأميركية"، مبينا أنه "من خلال أعداد المشاركين يتضح أن الكثير منهم لم يشاركوا في الوقفة، وحتى المشاركون يرتدون الكمامات من الخوف".
يبدو واضحا ان هناك انقسام بين الفصائل بخصوص وقفة اليوم ضد السفارة الامريكية
— شاهو القرةداغي (@shahokurdy) July 14, 2023
من خلال اعداد المشاركين يتضح ان الكثير منهم لم يشاركوا في الوقفة، وحتى المشاركين يرتدون الكمامات من الخوف. pic.twitter.com/P4iIfacviq
وكان التحالف الحاكم في العراق؛ "الإطار التنسيقي"، قد حمّل الأحد الماضي الجانب الأميركي مسؤولية ملف الكهرباء، داعيا الحكومة إلى مخاطبة الجانب الأميركي لإطلاق مستحقات استيراد الغاز الإيراني، لأجل توفير الطاقة في العراق.
ويجري ذلك في وقت تشهد فيه الساحة العراقية حالة من الهدوء الأمني غير المسبوق، بين الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، وبين القوات الأميركية في العراق، بعد توقّف عمليات القصف، واستهداف المصالح الأميركية، منذ ما يزيد على 6 أشهر.
وتُعَدّ فترة التهدئة هذه الأطول منذ مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في غارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع يناير/ كانون الثاني 2020.
وجاءت هذه التهدئة، التي لم تُعلَن رسمياً، بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني من قِبل "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع الكتل والأحزاب المقربة من طهران.
وقبل تشكيل حكومة السوداني، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت القواعد والمعسكرات التي تضم القوات الأميركية في العراق تتعرض دائماً لعمليات قصف من قبل فصائل مسلحة تُعرّف عن نفسها بمصطلح "فصائل المقاومة الإسلامية"، بواسطة طائرات مسيّرة أو صواريخ كاتيوشا، إضافة إلى استهداف أرتال الدعم اللوجستي التابعة لقوات التحالف الدولي.
وكان آخر هجوم صاروخي قد شهدته المنطقة الخضراء قد وقع، في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، بصواريخ سقط عدد منها في محيط السفارة الأميركية، أعقبته هجمات بعبوات ناسفة استهدفت ما تعرف بأرتال الدعم اللوجيستي التي تحمل معدات غير عسكرية لقوات التحالف في العراق، آخرها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.