العراق: اقتراح إيراني بحكومة توافقية

10 نوفمبر 2021
يستمر اعتصام مناصري القوى المعترضة أمام المنطقة الخضراء (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

مع مرور شهر كامل على إجراء الانتخابات التشريعية في العراق، وانتهاء مفوضية الانتخابات من النظر بالطعون، من دون تغيير مهم في النتائج، وفي ظل استمرار تشكيك القوى السياسية وأجنحة الفصائل المسلحة الحليفة لإيران بنزاهة العملية، بعد تراجع مقاعدها بشكل كبير، وفي أجواء من التوتر الأمني الذي تبع محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فجر الأحد الماضي، دخلت إيران على الخط، في محاولة للخروج بحل للأزمة عبر الدفع نحو حكومة توافقية. وتأتي المعلومات عن تدخّل إيراني للحلحلة، بعد زيارة لقائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى بغداد الأحد والإثنين الماضيين، عقب استهداف مقر الكاظمي في المنطقة الخضراء، والذي وُجهت أصابع الاتهام به إلى مليشيات موالية لطهران.

وبعد مرور شهر كامل على الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يستمر الانقسام السياسي الحاد حول النتائج الأولية، على الرغم من انتهاء مفوضية الانتخابات من النظر والتدقيق بجميع الطعون، وإعلانها الإثنين الماضي عن انتهاء عملية فتح أكثر من 14 ألف محطة انتخابية وعد وفرز أصواتها يدوياً، مؤكدة أن النتائج كانت مطابقة للأرقام والبيانات المعتمدة في أجهزة العد الإلكترونية، وهو ما يعني أن لا تغيير ملموساً في النتائج الأولية التي أعلنت قبل نحو 4 أسابيع. ويُنتظر إعلان اللجنة القضائية المكلفة بالنظر في الطعون انتهاء مهمتها وتحويل النتائج الحالية إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها واعتبارها نافذة.

مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد": الإيرانيون غير موافقين على دعوات حلفائهم في بغداد لإلغاء نتائج الانتخابات

وفي ظل هذه الأجواء، كشف مسؤول عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، أمس، أن الإيرانيين غير موافقين على دعوات حلفائهم في بغداد لإلغاء نتائج الانتخابات، ويطرحون مشروعاً وسطياً للخروج من الأزمة عبر حكومة توافقية بغض النظر عما حققته كل كتلة من الكتل السياسية الشيعية التي جرى العُرف السياسي في العراق بعد الغزو الأميركي أن يكون منصب رئاسة الحكومة من نصيب المكون العربي الشيعي على غرار العرف السائد في مناصب رئيس البرلمان والجمهورية للمكونين العربي السنّي والكردي. واعتبر المسؤول أن تصعيد قوى "الإطار التنسيقي" ضد نتائج الانتخابات، واستمرار تظاهرات أنصارها حول المنطقة الخضراء، "يهدف بشكل رئيسي لرفض الإقرار بأن هذه النتائج تمثل ثقلهم الحقيقي بالشارع العراقي". وقال المسؤول إن الأسبوع الحالي قد يشهد إرسال نتائج الانتخابات إلى المحكمة الاتحادية من قبل مفوضية الانتخابات بعد انتهاء مرحلة الطعون والتدقيق بها، مؤكداً أن خريطة توزيع مقاعد البرلمان على الكتل السياسية لن تتغير عن وضعها الأول الذي أعلن في 12 أكتوبر الماضي من حيث ترتيب الفائزين، باستثناء تغييرات في مقعد أو اثنين بين كتلة وأخرى أو تبدل أسماء مرشحين فائزين بآخرين من الكتلة نفسها نتيجة إعادة احتساب أصوات ملغاة أو تطبيق آلية نظام الكوتا للنساء والأقليات.

وفي السياق، قال القيادي في "تيار الحكمة"، الذي يتزعمه عمار الحكيم، حسن فدعم، إن حكومة الأغلبية باتت أمراً بعيداً جداً في العراق، مبيناً في تصريح للصحافيين في بغداد، أن "الوضع السياسي يفرض على الجميع الذهاب إلى حكومة توافقية مدعومة من كل الأطراف السياسية وبمشاركة الجميع، وحكومة الأغلبية أصبحت بعيدة جداً"، معتبراً أنه "لا يمكن لاي جهة سياسية فرض الأمر الواقع من دون توافقات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة".

في غضون ذلك، يستمر عدم اعتراف القوى الرافضة لنتائج الانتخابات بها، وهو ما ترجمه بيان "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى الحليفة لإيران، عقب اجتماع لها في بغداد في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين، إذ تضمّن في أحد بنوده الدعوة إلى "البحث عن معالجات قانونية لأزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية، تعيد لجميع الأطراف الثقة بالعملية الانتخابية التي اهتزت بدرجة كبيرة، والدعوة إلى اجتماع وطني لبحث إمكانية إيجاد حلول لهذه الأزمة المستعصية".

كما جدد زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات، قائلاً في حديث مع "الجزيرة" أمس، إن "النتائج غير المنطقية للانتخابات تدفعنا للاعتقاد أنها بُرمجت لتغليب طرف بفارق كبير". وأوضح أن المطالبة بإعادة الانتخابات "لا تزال قائمة بسبب ما رافقها من تلاعب".

الخزعلي: النتائج غير المنطقية للانتخابات تدفعنا للاعتقاد أنها بُرمجت لتغليب طرف بفارق كبير

وفي السياق، قال القيادي في كتلة "صادقون"، التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، محمد البلداوي، لـ"العربي الجديد"، إنهم "مؤمنون بوجود تلاعب واختراق سيبراني جرى من خلاله تزوير النتائج"، مؤكداً أنهم "لن يعترفوا بها". وأضاف البلداوي أن "عمليات العد والفرز اليدوي الجزئية لا تلبي الطلب وغير موفقة وليست دقيقة، وبالتالي لا يمكن التسليم بهذا الإجراء، وطلبنا عداً وفرزاً يدوياً كاملاً لكل محطات العراق مع مطابقة بصمات الناخبين أيضاً". وحول الخطوة المقبلة، قال "إذا لم تتغير النتائج وتصحح مسار العملية الانتخابية كاملة فالخيارات مفتوحة، ومنها أننا لن نشترك بالحكومة".

لكن القيادي في "التيار الصدري" عصام حسين، اتهم أمس الثلاثاء، القوى الرافضة لنتائج الانتخابات بأنها تريد "إدخال العراق في أزمات حتى تحصل بالنهاية على حلول لصالحها"، موضحاً في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن "قضية الاعتراض على نتائج الانتخابات كانت البداية ووصلت إلى استهداف الكاظمي، وهذا أمر خطير جداً"، متحدثاً عن استمرار "التيار الصدري" في مشاوراته مع كتل أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.

وتعليقاً على هذه التطورات، اعتبر الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي أحمد النعيمي، أن التوقعات حيال أزمة الانتخابات الأقرب للواقع مع استمرار الأزمة هي توجّه القوى الرافضة إلى المحكمة الاتحادية للطعن بشرعية الانتخابات ككل، وهو ما يعني امتداد الأزمة لفترة أطول. وأضاف النعيمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تعثّر مهمة الوساطة الإيرانية في تحقيق توافق بين الكتل الشيعية واستمرار حالة التصعيد في الشارع فيه تهديد مباشر للملف الأمني. ووفقاً للنتائج الحالية للانتخابات، فقد حل "التيار الصدري" في المرتبة الأولى بحصوله على 73 مقعداً برلمانياً، تلاه تحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بـ37 مقعداً، وحل تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ثالثا بواقع 34 مقعداً، فيما حصد تحالف "الفتح"، الذي يمثل الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، 17 مقعداً، بفارق كبير عن مقاعده في البرلمان الأخير الذي كان قرابة الخمسين مقعداً.

شارك في التغطية من بغداد: سلام الجاف
 

المساهمون