أعلنت القوات الأمنية العراقية، اليوم الأربعاء، عن اعتقال 29 شخصاً من جماعة رجل الدين العراقي المثير للجدل محمود الصرخي بتهمة "التطرف الديني".
وشهدت مدن عديدة جنوبي العراق لليوم الثاني، اضطرابات محدودة تخللتها عمليات حرق وهدم مقرات ودور عبادة تابعة للجماعة في البصرة وبابل وميسان والمثنى وذي قار، إثر دعوات وخطب دينية صدرت عن أعضاء الجماعة تهاجم بناء القبور والأضرحة وتدعو إلى إزالتها.
وعرف الصرخي (58 عاماً)، وهو أحد طلاب محمد صادق الصدر في مدينة النجف خلال تسعينيات القرن الماضي، بآرائه المختلفة عن آراء المراجع الدينية التقليدية في البلاد، فضلاً عن مناوأته للأحزاب السياسية والفصائل المسلحة.
وفي خطب موحدة ألقاها خطباء الجماعة في حسينيات تابعة لهم جنوبي العراق، بينها بابل والنجف وميسان وبغداد وذي قار والبصرة، هاجم الخطباء بعض الطقوس الدينية التي اعتبروها "دخيلة على الإسلام"، داعين إلى إزالة الأضرحة والمقامات.
واعتبرت السلطات العراقية أن هذه الدعوات تهدد السلم الأهلي في البلاد، بينما نددت أحزاب دينية وجماعات مسلحة بذلك، قبل أن تهاجم جماعات مختلفة، يومي الاثنين وأمس الثلاثاء، مقرات جماعة الصرخي ودور عبادة تابعة له جنوبي العراق وتُقدم على حرقها وتهديم بعضها بالجرافات، كما سجلت تفجيرات طاولت مقرات أخرى في النهروان والمسيب، جنوبي بغداد.
وأصدر زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر بياناً مقتضباً، أمهل فيه رجل الدين محمود الصرخي ثلاثة أيام للتبرؤ من هذه الدعوات، متوعدًا باتخاذ ما وصفه بـ"طرق قانونية وشرعية وعرفية".
ولا يعرف مكان الصرخي، إذ يتوارى عن الأنظار منذ عام 2014، بعد مواجهات مسلحة مع أنصاره في النجف، أسفرت عن مقتل العشرات منهم، على خلفية إصدار نوري المالكي، رئيس الوزراء آنذاك، أمراً باعتقاله.
وتعليقاً على اعتقال 29 شخصاً من الجماعة، قال جهاز الأمن الوطني، في بيان بثته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إنّ "الجهاز مستمر في حملته الموسعة لملاحقة واعتقال عناصر الحركة المتطرفة التي تحاول الإساءة إلى المعتقدات والرموز الدينية وتهدد السلم الأهلي، وذلك تنفيذاً لأوامر قضائية بهذا الشأن".
وأضاف "ألقي القبض على 29 متهماً بالانتماء إلى تلك الحركات المتطرفة في محافظات بغداد، ذي قار، بابل، القادسية، المثنى، البصرة، ميسان، واسط، النجف الأشرف"، مشيراً إلى "تدوين أقوالهم أصولياً وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة لينالوا جزاءهم العادل"، وفقاً للبيان.
من جهتها، أصدرت وزارة الداخلية بياناً آخر، الأربعاء، قالت فيه إنها "تتابع الانفعالات الشعبية والتظاهرات التي انطلقت في عدد من المحافظات على خلفية دعوات وخطب مشبوهة تسترت برداء الدين أطلقها نفر ضال ومنحرف وتخريبي تضمنت إساءات لعقائد ومشاعر المواطنين"، وفقاً لتعبير البيان.
حرق مقرات يقال إنها لجماعة الصرخي في #الديوانية pic.twitter.com/WhGb2nATRW
— سرمد القيسي (@SarmadMedia) April 12, 2022
وأضافت أن "تشكيلات وزارة الداخلية أغلقت مقار هذه الحركة المنحرفة واعتقلت بمذكرات قضائية المنحرفين المتجاوزين على المشاعر والعقائد لينالوا جزاءهم العادل أمام القضاء"، مؤكدة رفضها عمليات الحرق والهدم التي نفذت في الساعات الأخيرة.
حرق مسجد تابع لأنصار الصرخي في مدينة #السماوة#الشرقية_نيوز pic.twitter.com/W3GMUNfdOz
— AlSharqiya TV - قناة الشرقية (@alsharqiyatv) April 12, 2022
بدوره، قال مسؤول أمني عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك أوامر قبض بحق آخرين من أتباع الجماعة، مشيراً إلى أنّ قوات الأمن تقوم بملاحقتهم ضمن إطار تهديدهم السلم الأهلي، بسبب ما وصفها بـ"دعوات الجماعة إلى هدم المقدسات".
وأكد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "هناك قوى سياسية وجهات دينية تسعى إلى استغلال الأزمة وتحريك الشارع لغايات معروفة، بعضها مرتبط بالأزمة السياسية، لذا كان تدخل قوات الأمن ضرورياً لمنع توظيف الأزمة لصالح أي جهة".
وأضاف "أحرق وهدم وأغلق ما لا يقل عن 20 مسجداً ومكتباً ومقراً للجماعة في عدد من مدن جنوبي العراق"، مشيراً إلى أنّ قوات الأمن تسعى حالياً إلى حصر الملف بالإجراءات القضائية على اعتبار أنها دعوات مخلة بالاستقرار والأمن.
القضاء يصدر مذكرة اعتقال جديدة بحق رجل الدين محمود الصرخي
إلى ذلك، أصدر القضاء، اليوم الأربعاء، مذكرة قبض بحق رجل الدين محمود الصرخي، وهي ثالث مذكرة قبض تصدر بحقه منذ عام 2014، فيما لا يعرف مكانه حتى الآن، وسط ترجيحات بتوفير أتباعه الحماية له في مناطق داخل العراق، دون أن يكون قد غادر البلاد كما أشيع سابقاً.
في المقابل، انتقد الناشط الحقوقي العراقي أحمد الزيادي موجة الحرق والهدم لمقرات الجماعة، معتبراً أنها "خطأ آخر وجريمة تعالج بحريمة".
وقال في تدوينة على موقع "تويتر": "رغم رفضي واختلافي مع مريدي الفتنة ممن يتبعون الصرخي، إلا أن حرق جوامعهم بهذا الشكل هو خطأ كبير"، وأضاف "دائماً أدعو لأن تكون المعالجات بالطرق القانونية"، داعياً رجال الأمن لـ"عدم ترك الناس للاقتصاص من كل ما يرونه خطأ وهو خطأ بالفعل".
رغم رفضي واختلافي مع مريدي الفتنة ممن يتبعون الصرخي الا ان حرق جوامعهم بهذا الشكل هو خطأ كبير يعالج خطأ اخر
— احمد الزيادي (@ahmedalzyade1) April 12, 2022
وجريمة تعالج بجريمة !!
دائماً ادعو لأن تكون المعالجات بالطرق القانونية وعلى ايدي رجال الدولة
لا ان يترك للناس الاقتصاص من كل ما يرونه خطأ وان كان هو خطأ فعلاً pic.twitter.com/hUBvOVCkYj