"العدالة والتنمية" في مؤتمره الـ11: تحدي التجديد وتصحيح الأخطاء

07 أكتوبر 2023
أردوغان خلال إحياء ذكرى تأسيس الحزب، أغسطس الماضي (مصطفى كماجي/الأناضول)
+ الخط -

يعقد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، اليوم السبت، مؤتمره العام الحادي عشر، بهدف التجديد وضخ دماء جديدة في قيادته قبيل الانتخابات المحلية التي تجرى في نهاية مارس/ آذار المقبل. ويطمح "العدالة والتنمية" لرفع نسبة أصوات الحزب التي انخفضت في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/ أيار الماضي.

ويسعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إجراء تغييرات حزبية وإسناد مواقع مهمة في الحزب للشباب، على أمل أن يستعيد ثقة الشارع التركي والناخبين بعدما انخفضت أصوات "العدالة والتنمية" من 42.56 في المائة بانتخابات البرلمان عام 2018، إلى 35.63 في المائة بانتخابات العام الحالي، وهو ما أعاد الحزب إلى أولى مراحل صعوده في البلاد، على الرغم من أنه تصدّر انتخابات مايو وتمكن مع حلفائه في التحالف الجمهوري من الفوز بأغلبية البرلمان.

يسعى أردوغان إلى إجراء تغييرات حزبية وإسناد مواقع مهمة في الحزب للشباب

ويرغب أردوغان في تحقيق فوز في كبرى البلديات، وأهمها إسطنبول وأنقرة، التي خسرها عام 2019 أمام تحالف المعارضة، محاولاً الاستفادة هذه المرة من تشرذم المعارضة عقب فشل تحالف الشعب الذي مثّل الطاولة السداسية للمعارضة من تحقيق الفوز أمام أردوغان في انتخابات مايو.

ومنذ انتهاء الانتخابات البرلمانية يعكف "العدالة والتنمية" على معرفة الأسباب التي أدت إلى تراجع نسبة أصواته من أجل استدراك الأمر، فعمل على إعادة هندسة البنية الاقتصادية عبر فريق متخصص، بموازاة إقرار أردوغان رفع الرواتب والأجور في مسعى لتحقيق استقرار في الأسعار وخفض مستويات التضخم في الفترة المقبلة.

ضخ دماء جديدة

وتعد محطة المؤتمر العام مهمة جداً للحزب من أجل معرفة الأسماء الجديدة التي سيعمل أردوغان معها مستقبلاً، ومدى إمكانية قبولها من قبل الشارع التركي. ولهذا قال نائب أردوغان في الحزب أركان كاندمير في تصريح صحافي، الثلاثاء الماضي، إن المؤتمر الذي يعقد في أنقرة سيتضمن شعارين أساسيين، هما "دائماً جديد دائماً إلى الأمام"، وحزب العدالة والتنمية "الوجه الناصع للجمهورية والعقل المشترك لتركيا".

وبحسب كاندمير، فإن "العدالة والتنمية" يسعى من خلال الشعارين إلى "نشر الرفاهية للقاعدة الجماهيرية في البلاد، وبما أنه استطاع حل مشكلات كبيرة في البلاد من المواصلات إلى الصحة وغيرها، فإنه سيعمل على أن يقدّم خدماته لجميع المواطنين من دون استبعاد أي أحد". وأضاف أن "التغيير لن يكون تغييراً اسمياً، وستتم المحافظة على المفهوم، ولن تكون هناك تغييرات في النظام الداخلي، بل ستكون هناك خيارات قوية داخل لجنة اتخاذ القرار المركزي للحزب"، وهذه اللجنة هي التي تقود الحزب وتتألف من نحو 60 عضواً وتجتمع بشكل دائم بقيادة أردوغان.

ورأى كاندمير أن المؤتمر العام سيكون "بداية، فالحزب يعمل منذ فترة طويلة للانتخابات المحلية، وستُعلن نقطة الانطلاق خلال المؤتمر، وستكون هناك برامج سياسية مختلفة"، موضحاً أن "العدالة والتنمية سيخوض الانتخابات المحلية بقوة عبر التحالف الجمهوري، وبعد وضوح خريطة الطريق سيتم تقييم الأسماء المرشحة، وبعد المؤتمر العام وعقب أول اجتماع للجنة التنفيذية سيتم تحديد مواعيد اختيار المرشحين وإعلان أسمائهم".

من جهتها، قالت صحيفة "حرييت" إن "المؤتمر سيشهد عروضاً مبهرة عن مئوية تركيا، وكلمة أردوغان هي التي ستحدد سياسة الحزب وفي الغالب سيركز على مئوية تركيا الجديدة، إضافة إلى الدستور الجديد وندائه لبقية الأحزاب من أجل التوافق عليه، فضلاً عن مسألة مكافحة الإرهاب، ولكن الأهم التركيز على الإرادة الشعبية وتمثيل كافة شرائح المجتمع".

وأضافت الصحيفة أن "أردوغان سيركز على أهمية الجذور التي تأسس عليها الحزب، وعلى أن عملية التجديد ستحافظ على القيم الأساسية، كما سيطلق مرحلة الانتخابات المحلية من المؤتمر، لتتسارع الخطوات اللاحقة في اختيار المرشحين وتحديد الاستراتيجيات والشعارات في المرحلة الانتخابية قبيل الخروج إلى الميادين والساحات".

تحديات أمام "العدالة والتنمية"

وعلى الرغم من التغييرات المنتظرة في صفوف "العدالة والتنمية"، إلا أن مهمته لن تكون سهلة في الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن الفترة التي تلت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتجديد الثقة بأردوغان حملت مجموعة من القرارات المتعلقة بالضرائب ورفعها، فضلاً عن تراجع سعر الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وكلها تطورات ساهمت في إرهاق المواطنين. وفي حال لم يحصل تحسن كبير في الاقتصاد واستقرار أسعار الصرف فإن الانتخابات ستتحوّل إلى محطة صعبة للحزب ولأردوغان، خصوصاً في المدن الكبرى التي يسعى لاستعادتها.

ويضغط ملف الهجرة واللجوء أيضاً على الحكومة التي تحاول التماهي مع مطالب شعبية بطرد اللاجئين، وتحاول إيجاد سبل لتخفيف عبء هذا الملف ما يدفعها لاتخاذ قرارات متناقضة بعض الأحيان ولا سيما في ما يتعلق بالسوريين.

ملفات عديدة تؤثر على الحزب منها الوضع الاقتصادي وملف اللجوء

المحلل السياسي وعضو "العدالة والتنمية" بكير أتاجان، قال لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تغييرات في المؤتمر العام وتصحيحاً لبعض الأخطاء وبث دماء جديدة"، موضحاً أن "الركائز التي تأسس الحزب عليها ستبقى، وستضاف دماء جديدة، مع توسيع قاعدة الحزب من الشباب تمهيداً للمرحلة المقبلة". واعتبر أن "حصول الحزب على أصوات أقل في الانتخابات الأخيرة لا يُعتبر تراجعاً في شعبيته، فترتيبات الانتخابات البرلمانية مختلفة، وهناك أحزاب جديدة دخلت إلى البرلمان وهو ما أدى لهذا الانخفاض في أصوات الحزب، ولكن في النهاية التحالف الجمهوري حافظ على نسبته الأعلى".


يرجح أتاجان فوز "العدالة والتنمية" في انتخابات إسطنبول أمام مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو

وشدد على أن "الحزب لم يفقد أصواتاً، بل الأصوات التي كانت تذهب إليه لا تزال موجودة وتغيرت بالشكل الظاهري وذهبت لأحزاب متحالفة معه، منها حزب الرفاه من جديد، وهدى بار، واليسار الديمقراطي"، معتبراً أن "الانخفاض شكلي وليس فعلياً، وعند جمع الأصوات التي فُقدت فإن النسبة تبقى كما هي داخل التحالف الجمهوري".
وأضاف أتاجان أنه "في الانتخابات البلدية ينتظر أن تتجمع الأصوات لدى حزب العدالة والتنمية، كما أن الدماء الجديدة ستساهم في رفع أصوات الحزب وتعطيه قوة دفع في الانتخابات المحلية، وهي مؤشر نجاح سينعكس على النتائج خصوصاً أن حسابات الانتخابات المحلية تختلف عن البرلمانية".

وختم بالقول "الحزب سيستثمر النجاح بتجديد الثقة به، وعبر الحوافز المقدمة وتحديث الأعضاء ما يشجع الناخبين"، مرجحاً "فوز الحزب في انتخابات إسطنبول أمام مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، لأن ترشيح الأخير مرة ثانية سيكون له تأثير سلبي على ناخبي المعارضة وإيجابي على ناخبي العدالة والتنمية".

من جهته، رأى الصحافي والكاتب السياسي جلال دمير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "انعقاد مؤتمرات الأحزاب أمر مهم في ظل الفوضى في الشارع السياسي التركي والاستقالات من الأحزاب"، مضيفاً أنه "في هذا الجو السياسي الذي فيه ضبابية وقبيل الانتخابات البلدية فإن انعقاد مؤتمر العدالة والتنمية والخروج بعده أمام الجماهير سيكون له تأثير كبير على الشارع".

ولفت دمير إلى أن "التجديد في العدالة والتنمية أصبح عادة تقليدية، حتى في الانتخابات المحلية والبلديات وفي كافة المستويات والتشكيلات الحزبية". وأضاف أن "التجديد استراتيجية حزب العدالة والتنمية، وهو يهدف للوصول إلى أكبر عدد من المواطنين ورفع نسبة أصواته، ومن الواضح أن الرئيس أردوغان سيقوم بتجديد مهم، ووفق ما يدور في الكواليس فإن المرشحين للانتخابات المحلية سيكونون مؤثرين في الشارع وقريبين منه".

وشدد على أن "النقطة الأساسية التي سيركز عليها العدالة والتنمية في الترشح للبلديات هو التواصل مع الشارع، والسبب لذلك وجود بعض الشكاوى والاعتراضات وصلت للرئيس بأن رؤساء البلديات من الحزب أصبحوا أشخاصاً لا يمكن الوصول إليهم ولا ينزلون للشوارع"، متوقعاً أن يكون لهذه التغيرات تأثير على نسبة الأصوات التي سيحصل عليها الحزب.

المساهمون