الصين وترامب: مخاوف من حقبة ثانية أكثر تشدداً

18 يوليو 2024
ترامب وشي في بكين، نوفمبر 2017 (Getty)
+ الخط -

تراقب الصين بحذر مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسط تخوف من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفق ما عبّر عنه محللون صينيون، توقعوا أن الولاية الثانية لترامب ستكون أكثر تشدداً تجاه بكين. ونقلت صحف صينية، الثلاثاء الماضي، عن هؤلاء المحللين قولهم إنه لم يتضح بعد التأثير طويل الأمد لإطلاق النار على ترامب في تجمّع انتخابي الأسبوع الماضي، لكن من المؤكد أن عودة ترامب رئيسا ستؤدي إلى مشاكل للصين. ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، عن الباحث الصيني في مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان، جانغ جيا دونغ، قوله: إنه على الرغم من حالة عدم اليقين بين الصين وترامب إلا أنه من المؤكد أن ترامب و(الرئيس الحالي جو) بايدن سيتخذان موقفاً صارماً تجاه بكين، وأن ترامب قد يجعل مواجهة الصين أكبر أولويات سياسته الخارجية إذا أعيد انتخابه. ولفت الباحث الصيني إلى أن سياسة الحزب الديمقراطي تجاه الصين تشدد على التوازن، إذ إنهم يريدون التركيز على الاستقرار والحفاظ على الوضع الراهن، ولديهم مسائل أكثر إلحاحاً للتعامل معها مثل الصراع في أوكرانيا وحرب غزة. لكن الجمهوريين وترامب، يركزون أكثر على مصالح أميركا وأمنها، وترامب يعتقد أنه بغض النظر عن نتائج الحروب في أوكرانيا وغزة، فإنها لا تشكل تهديداً للولايات المتحدة ولن تقلب مكانتها في العالم.


شياو لونغ: لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين حين يتعلق الأمر بالصين

صدام الصين وترامب

من جهتها، رأت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الحكومية، أن الحزب الديمقراطي الأميركي قد يحتاج إلى معجزة لمنع ترامب من العودة إلى البيت الأبيض، ولفتت إلى أن ترامب استغل بصورة جيدة إطلاق النار في التجمع الانتخابي فرصة لتصوير نفسه على أنه "بطل أميركي"، وأن كثيرين يعتقدون أن الضغوط على الحزب الديمقراطي تتزايد، وربما يحتاجون إلى خلق معجزة لمنع ترامب من العودة إلى السلطة. وأضافت أن محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب نهاية الأسبوع الماضي من المفترض أن تحول دفة الأمور لصالحه في الأمد القريب، لكن التأثير الحاسم على الانتخابات الرئاسية الأميركية لم يتضح بعد. خلال ولايته السابقة التي امتدت بين عامي 2017 إلى 2021، تصادمت الصين وترامب الذي وصفها بأنها "منافس استراتيجي" وشن حرباً تجارية ضدها. ومرّت العلاقات بين البلدين بأسوأ محطاتها مع انقطاع قنوات التواصل وإغلاق قنصليات وتبادل الاتهامات وفرض عقوبات على أفراد ومؤسسات وكيانات اقتصادية وعسكرية. واستمر هذا الإرث مع إدارة جو بايدن التي ظلت تنظر إلى الصين باعتبارها تهديداً استراتيجياً، وإن كانت العلاقات قد شهدت خلال فترة حكمه درجة من الاستقرار مقارنة بحقبة ترامب.

في تعليقه على احتمال عودة ترامب إلى السلطة ومعنى ذلك بالنسبة لبكين، قال الباحث في العلاقات الدولية بمركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية، جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الهجوم المسلح (محاولة الاغتيال) الذي وقع الأسبوع الماضي، من شأنه أن يعزز من حظوظ ترامب في الوصول إلى السلطة، خصوصاً إذا سعى إلى حشد الدعم من الناخبين الآخرين في المعسكر المحافظ، الذين بدوا مترددين في البداية بسبب شؤونه الشخصية وإدانته الجنائية. وتابع: صورة ترامب وهو ملطخ بالدماء ستقدمه بصورة مغايرة أي بطلا قويا يناضل ويكافح من أجل بلاده، في وقت يعاني فيه منافسه بايدن من التشكيك بحالته الصحية وأهليته لقيادة الولايات المتحدة لولاية ثانية، وبالتالي جميع هذه العوامل تصب في مصلحة المرشح الجمهوري. ولفت جيانغ إلى أنه في حال فوز الرئيس السابق في الانتخابات الرئاسية ووصوله إلى البيت الأبيض، فذلك يعني تجدد الصدام بين الصين وترامب وإعادة اجترار جميع السياسات والقرارات السابقة التي اتخذها خلال ولايته الأولى ضد الصين، مضيفاً: لا شك في أن ترامب سيسعى في حال فوزه إلى إحاطة نفسه بوزراء لديهم مواقف متشددة من بكين، أمثال وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، والسيناتور ماركو روبيو، وهما معروفان بموقفهما المتشدد تجاه الصين. وتابع: ربما يدل على ذلك اختياره في مؤتمر الحزب الجمهوري جي دي فانس، نائباً للرئيس، وهو أيضاً من الشخصيات الأميركية التي تناصب الصين العداء، ولديه سجل من الإيديولوجية العدوانية تجاهاً.


جيانغ لي: ترامب سيسعى في حال فوزه إلى إحاطة نفسه بوزراء لديهم مواقف متشددة من بكين

واشنطن واحدة بمواجهة بكين

من جهته، قلل الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في جامعة جينان، شياو لونغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، من تأثير نتائج الانتخابات الأميركية على بكين، على اعتبار أنه لا فرق بين سياسة وأجندة الجمهوريين والديمقراطيين حين يتعلق الأمر بالصين. وقال إن كلا الحزبين لديهما وجهات نظر ومقاربات متفاوتة وخلافات في العديد من الملفات والقضايا، لكنهما يتفقان تماماً بشأن مواجهة الصين وطريقة التعامل معها، ولعل المثال الأبرز، حسب قوله، أن بايدن ألغى في بداية حكمه جميع القرارات التي اتخذها سلفه ترامب، أو أنه حاول إعادة ترميم ما أفسدته الإدارة السابقة في السياسة الخارجية، لكنه أبقى على العقوبات المفروضة على بكين باعتبارها قرارات صائبة تصب في مصلحة واشنطن، وفي ذلك ترجمة لصدام الصين وترامب واستمراريته. كما قلل شياو من تأثير الهجوم المسلح على هوية ساكن البيت الأبيض، وقال إن موجة التعاطف مع ترامب محدودة، لأن الناخبين في النهاية سيعودون إلى رشدهم، ويحكّمون المنطق في انتخاب الرئيس المقبل، وهم يدركون سجل ترامب الجنائي وفضائحه المستمرة. لكنه أشار أيضاً إلى أن بايدن نفسه يعاني في هذا السباق بسبب أدائه الضعيف في المناظرة الرئاسية (أُجريت في 27 يونيو/حزيران الماضي)، فضلاً عن التساؤلات حول أهليته وسلامته العقلية داخل حزبه الديمقراطي. لذلك توقع أن تتسبب محاولة الاغتيال في إثارة نقاشات وانقسامات داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من دون أن يمس ذلك سياسة البلاد الخارجية ومقاربتها للعديد من الملفات وفي مقدمتها الصين وروسيا.

 

المساهمون