الصين قلقة من الترتيبات الأمنية في محيطها

03 اغسطس 2024
جنود أميركيون في دونغدوشيون بكوريا الجنوبية، 2 مايو 2024 (جونغ ييون ـ جي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **التوترات الأمنية في المحيطين الهادئ والهندي**: تابعت الصين بقلق الترتيبات الأمنية بقيادة الولايات المتحدة، حيث شهدت المنطقة توقيع اتفاقيات أمنية ودفاعية مع حلفاء واشنطن، واجتماعات لتعزيز التعاون في الأمن البحري والسيبراني ومكافحة الإرهاب.

- **ردود الفعل الصينية**: اتهمت الصين الرباعية بإثارة التوترات وتضخيم التهديد الصيني، ووصفت ذلك بأنه استراتيجية أميركية لجعل الدول الإقليمية تعتمد على الولايات المتحدة، مع تعزيز التعاون العسكري مع اليابان وكوريا الجنوبية.

- **المناورات العسكرية والتوترات الإقليمية**: سلطت وسائل إعلام صينية الضوء على المناورات العسكرية بين الفيليبين والولايات المتحدة، معتبرة أن واشنطن تستغل النزاعات الحدودية لضرب العلاقات بين الصين وجيرانها، مما قد يدفع باتجاه حرب مفتوحة.

تابعت الصين بقلق الترتيبات والتفاعلات الأمنية والعسكرية المتسارعة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي بقيادة الولايات المتحدة، إذ شهدت المنطقة خلال الأيام الماضية حراكاً مكثفاً لمسؤولين أميركيين، أسفر عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات المشتركة مع حلفاء واشنطن في مجال الأمن والدفاع المشترك. وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، قد اجتمعوا في طوكيو الاثنين الماضي، وناقشوا تعزيز التعاون في مجال الأمن البحري والأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب، وأكدوا في بيان مشترك، التزامهم بتحقيق "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"، والحفاظ على القانون الدولي للنظام البحري القائم على القواعد، بما في ذلك في بحري الصين الشرقي والجنوبي. كما أكدوا المعارضة القوية لأي إجراءات أحادية الجانب تسعى إلى تغيير الوضع الراهن بالقوة أو الإكراه، في إشارة إلى الصين.

الصين تتهم الرباعية بإثارة التوترات

ورداً على ذلك، قالت بكين إن اجتماع الرباعية يخلق التوترات من خلال تضخيم التهديد الصيني في بحر الصين الجنوبي، ووصفت ذلك بأنه طريقة أميركية نموذجية لإثارة القلق الأمني، لجعل بعض الدول الإقليمية تعتمد بشكل أكبر على الكتلة التي تقودها الولايات المتحدة. أيضاً خلال الأيام الماضية، قررت واشنطن إرساء قيادة عسكرية جديدة في اليابان وذلك خلال محادثات (2 + 2) التي أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن مع نظيريهما اليابانيين يوكو كاميكاوا ومينورو كيهارا في طوكيو. كما عقد وزراء الدفاع من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية اجتماعاً ثلاثياً في العاصمة اليابانية، وتعهدوا بتعزيز التعاون لردع التهديدات النووية والصاروخية من كوريا الشمالية، وتم التوقيع على معاهدة أمنية شملت إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون الأمني بين سلطات الدفاع الخاصة بالبلدان الثلاثة، بما في ذلك المشاورات السياسية على مستوى كبار المسؤولين وتبادل المعلومات والتدريبات الثلاثية والتعاون في مجال الدفاع.

سلّطت وسائل إعلام صينية الضوء على المناورات الأميركية الفيليبينية

وسلطت وسائل إعلام صينية، أمس الجمعة، الضوء على المناورات العسكرية المشتركة بين الفيليبين والولايات المتحدة التي أجريت في بحر الصين الجنوبي الأربعاء الماضي. وذكرت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية الناطقة بالإنكليزية، أن واشنطن شددت قبضتها على مانيلا بعد أن توصلت الأخيرة إلى ترتيب مؤقت مع بكين بشأن إدارة الوضع في المنطقة. وذكرت أن المناورة التي أجريت "داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفيليبين"، شملت سفينتين وصُممت لتعزيز الاتصالات والتنسيق العملياتي بين البحريتين. وأضافت أن هدف واشنطن هو تشديد قبضتها على مانيلا وتجنّب الموقف الذي تنحرف فيه السياسات الفيليبينية بشأن بحر الصين الجنوبي عن استراتيجيات ومصالح الولايات المتحدة. من جهتها، أبرزت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست، أمس الجمعة، تصريحات قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية الجنرال بول لاكاميرا، خلال مشاركته في منتدى عبر الإنترنت في واشنطن الأربعاء الماضي، بأن التهديدات التي تواجهها كوريا الجنوبية تمتد إلى ما هو أبعد من بيونغ يانغ، ملمحاً إلى التهديد الصيني.

ونقلت وسائل إعلام محلية في كوريا الجنوبية عن لاكاميرا قوله: "ليست كوريا الشمالية وحدها التي تهدد جمهورية كوريا الجنوبية". وكان يرد على سؤال بشأن الدعوات المتزايدة في واشنطن للقوات الأميركية المنتشرة هناك لتحويل تركيزها على التهديدات الصينية المحتملة. وأكد المسؤول الأميركي أن معاهدة الدفاع المشترك لعام 1953 بين الحلفاء لم تحدد خصماً واحداً، مضيفاً أن قواته مستعدة للدفاع عن كوريا الجنوبية ضد جميع التهديدات. وتأتي هذه التعليقات وسط تزايد السرديات في واشنطن حول دور سول في معالجة ليس فقط التهديدات من كوريا الشمالية ولكن أيضاً التحديات العالمية الأخرى. وفي رده على سؤال لـ "العربي الجديد"، بشأن المخاوف الصينية، قال المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث، جينغ وي، إن بكين تتابع بقلق هذا التفاعلات التي تستهدفها بصورة مباشرة، معتبراً أن الصين كانت العنوان الأبرز في جميع الاجتماعات التي عقدها وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان مع حلفائهما في المنطقة خلال الأيام الماضية، والتي تمخضت عن ترتيبات أمنية مرتبطة بمفهوم الدفاع المشترك.

وانغ خه: الإدارة الأميركية اليوم عاجزة بالفعل عن التأثير على اللاعبين الأساسيين في المنطقة

ولفت إلى أن بكين تشعر بأن الولايات المتحدة تستغل النزاعات الحدودية بين الصين وجيرانها لضرب إسفين في العلاقات وجر دول الجوار إلى حلفها بما ينسجم مع توسيع مظلتها الأمنية في المنطقة. وأضاف: في سبيل تحقيق ذلك تعمل واشنطن على تضخيم التهديدات الصينية، مثلما تفعل مع إيران في الشرق الأوسط، للإبقاء على هيمنتها ونفوذها في المنطقة. وتابع: ليس من المستغرب أن تأتي المناورات العسكرية المشتركة بين مانيلا وواشنطن في بحر الصين الجنوبي بعد وقت قصير من توصل الصين إلى اتفاق مؤقت مع الفيليبين بشأن إدارة الوضع في شعاب ريناي جياو في بحر الصين الجنوبي في 22 يوليو/تموز الماضي، وكانت مانيلا قد أكملت مهمة إعادة الإمداد في ريناي جياو تحت إشراف خفر السواحل الصيني في 27 يوليو الماضي بعد الاتفاق.

فشل أميركي في أوكرانيا وغزة

من جهته، قال الباحث في معهد الجنوب للدراسات الدولية الصيني، وانغ خه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن اندفاع واشنطن باتجاه منطقة المحيطين الهادئ والهندي، يأتي بعد فشلها وعجزها عن معالجة الأزمة الأوكرانية والحرب في غزة. وأضاف أن سعي الإدارة الأميركية إلى توسيع مظلتها الأمنية في محيط الصين، هو محاولة لترميم صورتها أمام حلفائها بعد أن فشلت في ردع حليفتها في الشرق الأوسط (إسرائيل) عن الاستمرار في حربها على غزة. وقال إن الإدارة الأميركية اليوم عاجزة بالفعل عن التأثير على اللاعبين الأساسيين في المنطقة، وهي غير راضية بنسبة كبيرة عما يحدث هناك، إذ أنها فقدت السيطرة، ومسار الحرب هناك تحدده القوى الإقليمية الفاعلة وليس واشنطن. ولذلك قد تنزلق منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية، نتابع الآن شرارتها جميعاً. ولفت إلى أن الاستمرار بنفس النهج في منطقة المحيطين الهندي والهادئ قد يدفع باتجاه حرب مفتوحة تنعكس تداعياتها على الجميع.

المساهمون