في أكبر حشد جماهيري تشهده العاصمة العراقية منذ سنوات، شارك مئات الآلاف من أنصار رجل الدين العراقي وزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، اليوم في صلاة جمعة موحدة بمدينة الصدر شرقي بغداد.
وألقى ممثل الصدر، محمود الجياشي، خطبة الجمعة برسائل سياسية مباشرة، اعتبرت شروطا للقبول بتشكيل الحكومة الجديدة من عدمه. وحملت الشروط تصعيدا كبيرا في سقف المطالب للقوى السياسية المنضوية في "الإطار التنسيقي"، الحليف لإيران والذي يسعى لتشكيل الحكومة بعد انسحاب "التيار الصدري" من البرلمان الشهر الماضي، ردا على الالتفاف على حقه بتشكيل الحكومة باعتباره الفائز الأول فيها.
وتضمنت الخطبة طرح شروط جديدة فيما يخص تشكيل حكومة القوى الحليفة لإيران والتي خاطبها الجياشي بالقول إلى "من لا نحسن الظن بهم".
وورد في الخطبة: "إذا أرادوا تشكيل الحكومة الجديدة فعليهم الالتزام بإخراج من تبقى من القوات المحتلة (في إشارة إلى القوات الأميركية)، وأن يعدوا بأن تكون حكومتهم المقبلة ليست كسابقاتها، ومحاسبة الفاسدين تحت طائلة قضاء نزيه".
وأضاف الصدر متحدثا عن خصومه السياسيين من القوى المحسوبة على إيران بأن "أغلبهم غير مقتنع بأن حب الوطن من الإيمان لذا فإن توجهاتهم خارجية وأطالب بتجذير حب الوطن والتعامل مع الدول الأخرى بالمثل"، داعياً إياهم إلى "ترك التبعية المقيتة".
واعتبر أنه "لا يمكن تشكيل حكومة قوية مع وجود مليشيات منفلتة لذا عليهم التحلي بالشجاعة وإعلان حل جميع الفصائل وإن عاد المحتل عدنا أجمع"، وتابع أيضا "باسمي واسم الحشد الشعبي نشكر أهالي المناطق المحررة (من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي) أن رضوا بنا محررين ولولا تعاونهم لما حررت الأراضي المغتصبة فلا منة للحشد عليهم، ومن هنا وحفاظا على سمعة الحشد يجب إعادة تصفيته وتنظيمه وتنقيته من العناصر غير المنضبطة وإبعاد الحشد عن التدخلات الخارجية وعدم زجه بحروب طائفية وخارجية وإبعاده عن السياسة والتجارة".
وحذر من إعادة تشكيل الحكومة من قبل أشخاص تم تجربتهم سابقا "حتى لا تعاد المأساة القديمة من مجازر وصفقات بيع للوطن"، في إشارة على ما يبدو إلى رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي.
وطالب الصدر بإبعاد المليشيات عن المناطق المحررة (شمال وغرب العراق) وأن تبنى بيد أهلها، مشدداً على أهمية تعزيز وتقوية الجيش والشرطة العراقية.
وعقب رفع الصلاة، طالب الصدر في تدوينة على حسابه في موقع "تويتر"، بعودة الجميع إلى منازلهم مقدما شكره لهم، في دلالة على عدم وجود أي نوايا للتظاهر أو التحشيد أمام المنطقة الخضراء كما كان يتوقعه كثير من المراقبين، وهو ما استدعى استنفار وحدات الأمن العراقية.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) July 15, 2022
خطبة الصدر التي اتسمت بالوضوح والتصعيد في سقف المطالب إزاء خصومه السياسيين بشأن خطط تشكيلهم الحكومة المقبلة، وصفها الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، بأنها بمثابة إنهاء لآخر آمال غريمه السياسي نوري المالكي بتشكيل الحكومة الجديدة أو أي من صقور "الإطار التنسيقي" الآخرين.
واعتبر الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد" الشروط بأنها تعني وجود نية لدى الصدر لمواجهة هذه الحكومة في حال ولادتها خارج ما يطالب به، لذا قد يفكر "الإطار التنسيقي" مرة أخرى بطرح سيناريو آخر غير مسألة تشكيل حكومة دائمة لأربع سنوات، من بينها حكومة انتقالية قصيرة ثم الذهاب لانتخابات مبكرة".
وتابع قائلا "تصويب الصدر ضد المليشيات وتبني مطالب القوى السياسية السنية يعتبر تأكيد على تماسك تحالفه مع قوى تحالف السيادة الممثل عن العرب السنة في العراق بزعامة خميس الخنجر".