أعلن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، بن علي يلدريم، في تصريح مقتضب لوسائل إعلام تركية أمس الثلاثاء، أن "عملية عودة مليون لاجئ وصلت إلى نقطة الانطلاق"، في وقت يزداد فيه التجاذب بشأن اللاجئين بين الأحزاب والتحالفات التركية قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد الأحد المقبل.
وأضاف يلدريم، حسب موقع "تركيا الآن": "المهاجرون سيذهبون ولن يبقوا هنا".
وبحسب مدير مركز إسطنبول للدراسات الاستراتيجية، محمد كامل ديميريل، فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم "رمى ورقة بدء خطة عودة اللاجئين السوريين ليسحب من تحالف الأمة ورقة المتاجرة بهم، لأن الناخب خلال اليومين الأخيرين يزداد تردده، وقد يجري التأثير عليه عبر التخويف من اللاجئين والحديث عن أخذهم حصته من اقتصاد تركيا".
ورغم تحفظه على الصيغة التي طرح بها نائب رئيس حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم القضية، إلا أن ديميريل يؤكد لـ"العربي الجديد" أن تركيا "لم ولا يمكن أن تسلك طريق الإلزام أو الإكراه بشأن عودة اللاجئين، خاصة السوريين منهم، لأسباب كثيرة، منها عدم وجود بيئة آمنة بمناطق سيطرة بشار الأسد".
وفيما يعتبر مراقبون التصريحات الجديدة لحزب العدالة والتنمية "تبدلاً بسياسة الحزب الحاكم والحكومة التركية"، أوضح مسؤول بحزب العدالة والتنمية لـ"العربي الجديد" أن تصريح يلدريم مجتزأٌ، لافتاً إلى "نائب رئيس الحزب ركز على مسألة مهمة، وهي سبب لجوء السوريين، سواء إلى تركيا أو بقية دول الجوار".
وأضاف المسؤول في حزب العدالة والتنمية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن سبب "قدوم ملايين اللاجئين السوريين إلى تركيا هو حدوث فراغ في السلطة بالبلاد، وما لحقهم من مخاطر وصلت لتهديد حياتهم". وأضاف: "إذا واجه الشخص خطراً يهدد سلامة حياته، فلا يمكنك القول إنك لن تستقبله".
ويؤكد المسؤول في حزب العدالة والتنمية لـ"العربي الجديد" أن "تتمة خطة عودة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم ستكشف بالتتالي، منها منح بيت سكني للأسرة العائدة إن لم يكن لديها ملكية بسورية، كما أن من ضمن حقوق العائدين طوعاً ضمان سلامتهم وتأمين سبل العيش لهم، وهذا ما سيعلنه الحزب اليوم الأربعاء".
وحول ما يقال عن شرط النظام السوري بانسحاب القوات التركية من شمالي سورية قبل التطبيع بينهما، يضيف المسؤول الحزبي أن لبلاده أيضاً شروطا، ولن يتم الانسحاب قبل تحقيق تلك الشروط، مشدداً على أنه "ليس لدولتنا أطماع جغرافية، ولكن لن نسمح بأن تكون الحدود مصدر تهديد لأمننا القومي، أو منطلقا لعمليات تخريبية ودعوات انفصالية داخل تركيا".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أشار، الجمعة الماضية خلال مقابلة مع قناة "سي أن أن"، إلى أن بلاده تعد مشاريع لبناء مساكن في سورية من أجل عودة قرابة مليون لاجئ إلى بلادهم، مؤكداً أن أنقرة ستحافظ على وجودها العسكري ولن تنسحب كما طلب الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان زعيم المعارضة التركية كمال كلجدار أوغلو قد رفع نبرة وعيده بترحيل جميع السوريين من تركيا، حيث قال أمس في تصريحات: "أنا ملتزم بوعدي، سوف أودع جميع أشقائنا السوريين إلى بلادهم في غضون عامين كحد أقصى"، لافتاً إلى أن "هذا الوعد سيمارس من دون أي عنصرية، من خلال تلبية جميع احتياجات السوريين وضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم، بتمويل من الاتحاد الأوروبي ومساهمة المقاولين الأتراك"، حسب قوله.
ويقول المحلل التركي باكير أتاجان، لـ"العربي الجديد": "الأيام المتبقية قبل الجولة الثانية ستشهد تجاذبات وتبدلا في التحالفات"، مضيفا "للأسف تحالف الأمة يركز على اللاجئين ويبالغ بأرقامهم ونفقاتهم، لأن التحالف فقد أهم شعار رفعه خلال الجولة الأولى، وهو تغيير نظام الحكم إلى برلماني، بسبب عدم تحقيقه النتائج التي كان يأملها في انتخابات البرلمان بالحصول على الأغلبية".
وكان رئيس حزب النصر القومي اليميني، أوميت أوزداغ، قد صرح في وقت سابق بالقول: "سنعيد اللاجئين السوريين بالقوة، وخلال عام واحد فقط، وبما يتوافق مع القانون الدولي.. فالأعباء المالية السنوية للاجئين في تركيا تتجاوز 11 مليار دولار، ولا نريد لتركيا أن تتحول إلى دولة لاجئين.. نريد أن تكون تركيا فقط للأتراك".
يذكر أن المعارضة التركية تبالغ بأعداد اللاجئين السوريين في البلد، فمرشح تحالف الأمة يقول إن عددهم 10 ملايين، وإنه إن لم يفز بالرئاسة الأحد المقبل فإنهم سيصلون لعشرين مليوناً، وزعم أن أردوغان "سهّل دخول السوريين ويبيع الجنسية ليزيد عدد ناخبيه".
يذكر أن عدد السوريين المسجلين في تركيا تحت بند "الحماية المؤقتة" تراجع بمقدار 124.969 منذ بداية العام الجاري، ليصبح عددهم 3 ملايين و411 ألفا و29 شخصاً.
كما تتزايد وتيرة عودة السوريين إلى الشمال السوري الخاضع للمعارضة، ليزيدوا على نصف مليون سوري.
وبحسب وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، فإن "553 ألفا و335 من الإخوة والأخوات السوريين عادوا إلى مناطقهم الآمنة حتى الآن".