السوريون العالقون بين تركيا ونظام الأسد

07 يوليو 2024
سوريون في مخيم في إدلب، يونيو الماضي (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تسارع التطبيع بين تركيا ونظام الأسد يفاقم معاناة السوريين في شمال غرب سوريا واللاجئين في تركيا، مع حملات ترحيل قسري وتحريض عنصري.
- سكان شمال غرب سوريا يعيشون قلقاً على مستقبلهم، حيث يعتمدون على تركيا في إدخال السلع والمساعدات، مما يجعلهم الحلقة الأضعف في معادلة التطبيع.
- تصريحات أردوغان وفيدان تعزز خطاب النظام السوري وتضع المعارضة السورية في موقف حرج، مما يهدد أمنهم الشخصي والغذائي ويجبرهم على حسم خياراتهم السياسية.

بالتوازي مع تسارع عجلة التطبيع بين تركيا ونظام بشار الأسد، من خلال تصريحات متلاحقة لكل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان، بدأت تظهر تعقيدات الوضع السيئ للمواطنين السوريين الذين يقبعون بين فكّي كماشة هذا التطبيع، الذي ينذرهم بسيناريوهات كارثية، سواء بالنسبة للذين يعيشون في شمال غرب سورية، وجلّهم ممن هجّرهم النظام من قراهم ومدنهم، أو بالنسبة للاجئين الذين هربوا من بطش النظام نحو الأراضي التركية.
وتزامن تسريع ملف التطبيع التركي - الأسدي مع حملات ترحيل قسري للاجئين السوريين في تركيا، بعضها من دون أي سبب قانوني موجب لهذا الترحيل الذي لا يزال مستمراً. وتلا ذلك حملات تحريض عنصرية استهدفت تجمّعات السوريين في بعض الولايات التركية، أدت إلى اعتداءات عليهم، بالإضافة إلى تدمير ممتلكاتهم، بدا رغم التصريحات الرسمية التي استنكرت تلك الحملات، وكأن الهدف منها دفعهم إلى اتخاذ قرارات أسرع بالعودة إلى الشمال السوري مع إغلاق المعابر نحو اتجاهات أخرى.

ويعيش سكان شمال غربي سورية حالة من القلق على مستقبل وجودهم في تلك المنطقة التي حُشر فيها أكثر من خمسة ملايين معارض لنظام الأسد، ومنفذهم الوحيد على العالم هو من خلال البوابة التركية التي يتم عبرها إدخال السلع التجارية، والمساعدات الإنسانية إليهم، بالإضافة إلى تزويد تركيا تلك المناطق بخدمات الكهرباء والإنترنت، الأمر الذي يجعل منهم الحلقة الأضعف والأكثر تأثراً بأي ضغط قد يُمارَس عليهم من طرفي التطبيع.

مما لا شك فيه أن قرار تطوير العلاقات مع نظام بشار الأسد هو قرار سيادي تركي يرتبط بمصلحة أنقرة، إلا أن هذا التحول في السياسة الخارجية التركية واللهجة التي يُطرح بها ينطويان على الكثير من المخالفات القانونية وعلى مقاربات بعيدة عن المنطق، لعل أبرزها هو استخدام ملف اللاجئين السوريين وحتى المهجرين في الشمال السوري، الذي من المفترض أن يكون ملفاً قانونياً وحقوقياً، كورقة سياسية بين طرفي التطبيع، يدفع المهجرون واللاجئون ثمنها على حساب أمنهم الشخصي وحتى الغذائي.

كما أن تصريح أردوغان أن "مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات المسلحة الكردية هم فقط من يعارضون تطبيع العلاقات التركية السورية"، وقبله دعوة فيدان النظام السوري إلى التحالف مع المعارضة لمحاربة التنظيمات الكردية، هما تصريحان ينضويان على مقاربة تنسف الاعتراف بالثورة السورية ضد نظام الأسد، وعلى تبنٍّ كامل لخطاب النظام بالتعامل مع كل من لا يكون موقفه مع التطبيع من السوريين على أنه إرهابي، كون الذين استثناهم من المرحبين بتعويم النظام هم فقط الذين تصنفهم تركيا كإرهابيين. هذا الأمر ينطوي على تهديد مبطن للمعارضة السياسية السورية والفصائل العسكرية المعارضة التي تدعمها تركيا بأن من لا يوافق على المسار الجديد للتطبيع فهو في الطرف الإرهابي، الأمر الذي يستوجب على المعارضة السياسية والعسكرية حسم خياراتها، بما يتوافق مع الثوابت السورية والمستجدات السياسية الحاصلة لدى الدولة التي تحتضنها.

دلالات