أعلن مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية العراقية، اليوم الأحد، التصديق على أكثر من 340 حكم إعدام صادراً عن المحاكم العراقية المختصة بقضايا إرهابية وجنائية.
يأتي ذلك بعد يوم واحد من تصعيد كتل سياسية ومليشيات حليفة لإيران من هجومها ضد الرئيس العراقي برهم صالح بشأن عدم التصديق على أحكام الإعدام بحق مدانين بتهم الإرهاب من قبل المحاكم العراقية، إذ تطالب تلك الجهات بتنفيذ حكم الإعدام بهم رداً على التفجيرين الانتحاريين في بغداد.
وتدعو قوى سياسية ومنظمات حقوقية إلى ضرورة مراجعة أحكام الإعدام التي وصل عددها في العراق إلى أكثر من 8 آلاف حكم، أغلبها في زمن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومبنية على اعترافات انتزعت تحت التعذيب أو شهادات المخبر السري ودون توافر أجواء محاكمة عادلة لهم.
ونقلت وكالة الانباء العراقية (واع)، عن مصدر في الرئاسة العراقية قوله إنه صُدِّق على أكثر من ٣٤٠ حكم إعدام صادراً عن المحاكم العراقية المختصة مكتسبة الدرجة القطعية وفي قضايا مختلفة إرهابية وجنائية، وأُصدِرَت المراسيم الجمهورية حيال ذلك.
وأضاف المصدر أن "الرئاسة لا تزال مستمرة في تصديق الأحكام الواردة إليها تباعاً وفقاً للسياقات المتبعة، وتتعامل مع هذا الملف بتوخي الدقة والحذر بعيداً عن أي اعتبارات أخرى".
وأمس السبت، وقّع 78 نائباً في البرلمان عن كتل تحالف "الفتح"، و"دولة القانون"، على وثيقة تطالب البرلمان بإدراج قانون للتصويت عليه يلزم رئيس الجمهورية بالتصديق على أحكام الإعدام، رداً على الاعتداءين الانتحاريين في بغداد الخميس الماضي.
وفي وقت سابق، قالت نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، إن "الوقت قد حان لأن تضع السلطات العراقية حداً لإعدام الأشخاص"، وذلك تعليقاً على إعدام 21 عراقياً، نهاية العام المنصرم.
ونقل الموقع الإلكتروني للمنظمة عن المسؤولة ذاتها قولها إن "عمليات الإعدام الانتقامية لا تعطّل تحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم فحسب، بل تعمل أيضاً على تعزيز تصورات العدالة الموازية والجزئية". ولفتت معلوف في السياق إلى "صمت" السلطات العراقية عما يتعلق "بالانتهاكات الخطيرة الأخرى، مثل التعذيب والاختفاء القسري التي لا تزال تحدث في العراق".
وأكدت معلوف أنه في كثير من الأحيان أصدرت المحاكم العراقية عقوبات بالإعدام استناداً إلى "اعترافات منتزعة تحت التعذيب" على حد وصف المنظمة.
وفيما دعت مديرة المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت، في بيان سابق، أعقب عملية إعدام جماعية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في العراق، السلطات العراقية إلى وقف أي عمليات إعدام أخرى، وقالت إن مكتبها وجد "انتهاكات متكررة لحقوق المحاكمة العادلة، وتمثيل قانوني غير فعال، واعتماد مفرط على الاعترافات ومزاعم متكررة بالتعذيب"، أوضحت أن إقامة العدل تدعم وجود مجتمع ديمقراطي فاعل.
واحتل العراق، العام الماضي، المرتبة الرابعة بين أكثر دول العالم تنفيذاً للإعدامات، حيث تضاعف عدد تلك الأحكام بين عامي 2018 و2019.
واعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، التصديق على أحكام الإعدام بأنها رضوخ من الرئيس العراقي برهم صالح لضغوط أحزاب سياسية وظفت الاعتداءات الإرهابية بشكل سياسي وطائفي، وأيضاً رضوخ لتهديدات سابقة لمليشيات قالت إنها ستقتحم سجن الناصرية وتنفذ أحكام الإعدام بالنزلاء فيه.
وأضاف النعيمي أن الرئيسين السابقين جلال الطالباني وفؤاد معصوم اعتذرا عن عدم التصديق على تلك الأحكام بسبب عدم قناعتهما بالأحكام القضائية بكثير من الحالات التي انتزعت اعترافات خلالها بالتعذيب أو اتخذت القرارات بدون توافر أجواء عادلة أو اكتمال أركان المحاكمات الأصولية.
ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الخطوة تمثل واحدة من حالات ردود الفعل الانتقامية التي تسير بها الكتل السياسية الدولة وتضع رغبتها فوق القانون"، معتبراً أن كثيراً من النزلاء في سجن الحوت (الناصرية) يستحقون استئناف أو إعادة محاكمات تتوافر بها شروط العدالة ومنطق الدولة".