كلف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، برئاسة الحكومة، بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في 12 يونيو/حزيران الجاري.
وأفاد بيان للرئاسة بأن رئيس الجمهورية تبون سمى أيمن بن عبد الرحمن وزيرا أول، وكلّفه بمواصلة المشاورات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني لتشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن، والتي يتوقع أن يعلن عنها قبل انعقاد أول جلسة للبرلمان الجديد في الثامن من يوليو/تموز المقبل.
ويسمح الدستور الجديد للرئيس بتسمية وزير أول في حال توفر أغلبية رئاسية تدعم برنامج الرئيس، ما يعني أن الحكومة ستطبق برنامج الرئيس تبون، بخلاف حالة ثانية تتشكل فيها حكومة الأغلبية النيابية برئيس حكومة يطبق برنامج الحزب أو الائتلاف الفائز في الانتخابات النيابية.
وجرى تطبيق الحالة الأولى وتشكيل حكومة الرئيس على الرغم من أن تبون لا يملك حزبا ولم ينافس في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في 12 يونيو/حزيران الجاري تحت أي ائتلاف حزبي او مدني، وعلى الرغم من أن الأحزاب الفائزة: جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، لم تعلن بشكل رسمي وجماعي عن تحالف رئاسي أو إحالة تشكيل الحكومة الجديدة إلى الرئيس، ما عدا كتلة المستقلين التي أعلنت عن دعمها لبرنامج الرئيس.
وبغض النظر عن هذه التفاصيل السياسية، فإن تعيين شخصية تكنوقراطية من قبيل وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن كوزير أول، وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة دفعة عام 1989 ومتخصص في المالية والاقتصاد وشغل قبل ذلك منصب محافظ بنك الجزائر، يعطي مؤشرا واضحا على أن السلطة السياسية ترفض التوجه نحو حكومة سياسية، وتعتبر أن الوقت ما زال مبكرا إزاء ذلك، رغم مطالبات أحزاب فائزة في الانتخابات، أبرزها جبهة المستقبل.
ويوضح هذا التعيين في نفس السياق إصرار السلطة على الاستمرار في الاعتماد على شخصيات تكنوقراطية مستقلة وغير سياسية، لقيادة الحكومات منذ أكثر من ثلاثة عقود، مع وجود شكلي لتمثيل وزاري للأحزاب السياسية، على الرغم من أن هذا الأسلوب أظهر بحسب كل المراقبين فشله في تحقيق التنمية وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والمالية في البلاد، بما فيها الحكومة الحالية التي يقودها عبد العزيز جراد منذ يناير/كانون الثاني 2020.
ويعتقد المحللون أن اختيار الرئيس تبون لوزير المالية لترؤس الحكومة يعطي فكرة مسبقة عن شكل وطبيعة الحكومة المقبلة، ويشير إلى أن أولوياتها ستكون أولويات اقتصادية ومرتبطة بإعادة التوازنات المالية للبلاد، بعد أزمة تدهور أسعار النفط وتآكل احتياطي الصرف والتداعيات الوخيمة لوباء كورونا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
وفسر المحلل الاقتصادي مراد ملاح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنه يفسر هذا الاختيار بمجموعة عوامل، أهمها أن الرئيس اختار رجلا ثقة بالنسبة إليه، وتعود على العمل معه في فترة سابقة، وافترض أنه بحكم هذه الثقة قد يترك الرئيس له بعض الصلاحيات التقنية غير السياسية، لكن أهم معطى هو أن الوزير الأول الجديد مكلف بإعادة الاستقرار للسياسات المالية والنقدية للبلاد، اعتمادا على خبرته السابقة كمحافظ لبنك الجزائر، وإعادة الهيبة للعملة الوطنية التي فقدت 35 في المائة من قيمتها، خاصة أن الجزائر تعيش صدمة مزدوجة: أزمة النفط التي تعافت منها تدريجيا، وأزمة كورونا بسبب إجراءات الغلق"، مضيفا أن "الخلفية المالية والاقتصادية للوزير الأول هي مكسب وقد تسهم في خفض العجز في الموازنة وتشجيع الاستثمارات، يبقى السؤال معلقا: إلى أي مدى يمكن أن ينزل رئيس الحكومة الجديدة فعليا بهذه الخلفية والمقاربة الاقتصادية إلى الواقع وإلى القطاعات الوزارية والحسابات المرتبطة بتحريك التنمية؟ هذا أمر سيتكشف مع الوقت".