الدبابات... أحدث الأسلحة المرتقبة في ساحة الحرب الأوكرانية

25 يناير 2023
دبابة ليوبارد 2 ألمانية خلف طاقم مدفعية من الجيش الألماني (Getty)
+ الخط -

بعد طول انتظار، أعلنت برلين عن موافقتها على تزويد أوكرانيا بدبابات "ليوبارد 2" الألمانية، فيما تتجه واشنطن للإعلان عن نيتها إرسال دبابات "أبرامز إم1" الأميركية، وهو ما قوبل بتهديد الكرملين بـ"حرق" كل الدبابات التي يحصل عليها الجانب الأوكراني، محذراً من اقتراب "ساعة يوم القيامة" من منتصف الليل، وداعياً إلى اليقظة للحيلولة دون اندلاع حرب نووية.

ويفتح تسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة على مرحلة جديدة ونوعية من دعم الغرب لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، يمكن أن تساهم في تغيير الموازين على الأرض في حال حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة منها وحصل مقاتلوها على التدريبات الكافية لاستخدامها. والأرجح ألا يقل تأثير الدبابات المذكورة في المعركة عن الأثر الذي أحدثه استخدام مسيّرات "بيرقدار" التركية في بداية الحرب، ولاحقا  مدافع "هاوتزر" وأنظمة "هيمارس" الصاروخية، خاصة وأنها جاءت بعد إعلان بريطانيا تسليم أوكرانيا دبابات من نوع "تشالنجر 2"، إضافة إلى مركبات قتالية مدرعة من الولايات المتحدة وفرنسا وبلدان أخرى من حلف "الناتو"، ومدافع "قيصر" الفرنسية وغيرها، ما يعني تأمين جميع الظروف المناسبة لأوكرانيا لشن هجوم مضاد يسمح لها باستعادة جزء من أراضيها المحتلة من قبل روسيا منذ بداية الحرب قبل نحو 11 شهرا وربما التقدم أكثر نحو المناطق المحتلة والانفصالية منذ 2014. 

يمكن أن تساهم الدبابات في تغيير الموازين على الأرض في حال حصلت أوكرانيا على كميات كبيرة منها وحصل مقاتلوها على التدريبات الكافية لاستخدامها

بيرقدار "المفاجأة الأولى"

أدت طائرات "بيرقدار" من دون طيار دوراً حاسماً في إيقاف تقدم الدبابات المدرعات الروسية نحو العاصمة الروسية كييف وخاركيف وكذلك في دونيتسك ولوغانسك. وفي أول شهرين من الحرب، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الدبابات والمدرعات الروسية المدمرة بضربات مسيرات "بيرقدار".

أثبتت المسيّرات  في الأيام الأولى للحرب أنها تشكل عاملاً أساسياً في تأمين النصر العسكري للأوكرانيين في مواجهة الجيش الروسي، وانتشرت في الأخبار ومواقع التواصل كميات كبيرة من الفيديوهات تظهر أرتالاً مدمرة من المدرعات الروسية على تخوم مدينتيْ كييف وخاركيف.

ولكن دور هذه المسيّرات بدأ في التراجع منذ نهاية إبريل/نيسان 2022 كوسيلة هجومية، بعدما استطاعت روسيا تنظيم دفاعاتها الجوية باستخدام رادارات متقدمة للتشويش وتعطيل عمل المسيرات، أو إسقاطها بأنظمة "تور" و"بوك". ومنذ مايو/ أيار الماضي انتقلت مهمة بيرقدار إلى الاستطلاع والرصد. وبحسب المعلومات المسربة عن تدمير طراد "موسكفا" بصواريخ "نبتون" الأوكرانية، فإن طائرتي "بيرقدار" نفذتا عمليات الرصد وتتبع حركة الطراد. ومعلوم بأن أوكرانيا حصلت على نحو 50 طائرة من نوع "بيرقدار" قبل بداية الغزو الروسي. وفي الشهور الأخيرة، برزت تقارير عن استخدام مقاتلين ومتطوعين أوكرانيين لمسيّرات صغيرة تحمل قنابل بقدرة تدميرية محدودة وتستهدف الدبابات والمركبات أو مهاجع الجنود الروس القريبة من خطوط الحرب. كما استخدمت أوكرانيا مسيّرات طورتها لاستهداف مطارات ومحطات طاقة في عمق الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم المحتلة.

مدافع هاوتزر

وفي ربيع وصيف العام الماضي، لعبت مدافع "هاوتزر 155" دورا مهما في وقف تقدم القوات الروسية. فبعد تزويد القوات الأوكرانية بآلاف من المدافع  الخفيفة المحمولة على الكتف المضادة للمدرعات والدبابات التي ساهمت في إيقاف تقدم الروس في جبهة دونباس في بداية الحرب، بدأت الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بنحو 18 مدفعا من نوع "هاوتزر" درب عناصر من الجيش الأوكراني على استخدامها. ولاحقا في إبريل، أعلنت واشنطن إرسال قرابة 70 مدفعا إضافيا، وارتفع العدد بعدها من تبرعات البلدان الأوروبية، وألحقت مدافع "هاوتزر" أضرارا كبيرة بالجيش الروسي على طول جبهة دونباس، نظرا لأنه يمكن للمدفع إطلاق 4 دفعات في الدقيقة الواحدة، إضافة إلى خفة وزنه وسهولة نقله، وربطه بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس"، ما يجعله قادرا على تحديد الأهداف بدقة.

راجمات "هيمارس"

حسب التقارير اليومية لوزارة الدفاع البريطانية، بدأت أوكرانيا باستخدام راجمات "هيمارس" منذ نهاية يونيو/ حزيران الماضي. ولعبت الراجمات دورا مهما في تدمير مراكز القيادة الروسية ومخازن الأسلحة خلف خطوط الجبهة. ويصل مدى الراجمات التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة إلى 80 كيلومتراً؛ أي ضعف المسافة التي تصل إليها مدافع "هاوتزر".

واستخدمت الراجمات في معارك خيرسون وليستشانسك، وساهمت "هيمارس في قطع خطوط الإمداد الروسية. ولعبت دورا مهما في معارك خاركيف وليمان نهاية الصيف الماضي وبداية الخريف. ولم تكشف الولايات المتحدة عن حجم الراجمات التي سلمتها لأوكرانيا، لكن تقارير وزارة الدفاع الروسية ادعت أنها دمرت أكثر من مئة راجمة هيمارس ولكنها لم تقدم دليلا عمليا مقنعا على ذلك.

"ليوبارد" و"أبرامز" مقابل "أرماتا" و"تي 90"

حسب احصاءات عدة، كانت أوكرانيا تملك قرابة ثلاثة آلاف دبابة من أنواع سوفيتية قديمة يعود بدء استخدام بعضها إلى أكثر من نصف قرن، وحسب التقارير الغربية فقد فقدت أوكرانيا 449 دبابة منذ بداية الحرب حتى بداية العام الحالي. ومنذ شهور، طالب القائد العام للقوات الأوكرانية فاليري زالوجني بـ300 دبابة متطورة من أجل تسريع هجوم محتمل في الربيع الحالي.

ورغم أن روسيا امتلكت قبل الحرب قرابة 12.5 ألف دبابة، وأنه لا توجد معلومات موثوقة حول حجم خسارتها، إلا أنها تواجه مشكلات مشابهة لما يعانيه الجانب الأوكراني. وكشف تقرير عن وزارة الدفاع البريطانية أن قيادات الجيش الروسي رفضت استخدام دبابات "أرماتا" أو "تي 14" والتي تروج لها روسيا على أنها من أفضل الدبابات في العالم. وحسب معدي التقرير، فإن الضباط الروس اشتكوا من مشاكل في محرك "T-14" وأنظمة التصوير الحراري.

وأعلن الجيش الروسي لأول مرة عن خطط وزارة الدفاع الروسية لإرسال عدد من دبابات "تي 14- أرماتا" إلى منطقة القتال في أوكرانيا في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري. ومعلوم أن أرماتا التي عرضت للمرة الأولى في موكب عيد النصر في 2015 تعطلت في البروفات حسب مقاطع فيديو وثقها ناشطون.

وتكمن أهمية الدبابات في هذه المرحلة برغبة الجانبين في شن هجوم في الأسابيع المقبلة، بعد الركود النسبي في الجبهات منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

تحتاج أوكرانيا الدبابات من أجل تمكين قوات المشاة من اختراق خطوط الدفاع الروسية المحمية جيدا بالمدفعية

وتأمل أوكرانيا في أن تساعد دبابات "ليوبارد" و"أبرامز" في التصدي للقوات الروسية. وتحتاج أوكرانيا الدبابات من أجل تمكين قوات المشاة من اختراق خطوط الدفاع الروسية المحمية جيدا بالمدفعية. ومن النقاط المهمة أن الدبابتين تستخدمان النوع ذاته من الذخائر الموجودة بكميات كبيرة لدى بلدان حلف "الناتو". وحسب خبراء عسكريين، فإن دبابات "ليوبارد" و"تشالنجر" و"أبرامز" قادرة على إصابة الهدف وهي في حالة متحركة بنسبة 100 في المائة على عكس الدبابات الروسية التي لديها مشكلة في حالة الحركة. 

وفيما تراهن أوكرانيا على أن الدبابات الغربية سوف تحدث فارقا مهما كما حصل في حالات استخدام "بيرقدار" و"هاوتزر" و"هيمارس"، فإن هناك عدة نقاط يجب أخذها في الحسبان، أهمها موعد وصول هذه الدبابات، واستكمال تدريب الطواقم الأوكرانية عليها حتى لا تحدث أخطاء تكتيكية تؤدي إلى تدمير الدبابات أو إعطابها، وعدد الدبابات. كما أن النتيجة المرجوة من الدبابات لا يمكن أن تتحقق إلا إذا دمج عملها مع  قوات المشاة والمدفعية وأنظمة الدفاع الجوي المتنقلة وطيران الجيش والاستخبارات والخدمات اللوجستية والخدمات الفنية.

في موازاة ذلك، فإن الجانب الروسي الذي بدأ باستخلاص العبر من الحرب يرجح أن يعمل على تطوير أدواته لمواجهة تزويد لأوكرانيا بالدبابات الحديثة، ولديه وسائل كثيرة للرد على ذلك غير إطلاق التصريحات المحذرة من اقتراب الحرب النووية، فروسيا غيرت من تكتيكاتها أثناء الحرب أكثر من مرة واستخدمت الصواريخ والمسيرات بكثرة وكان تأثيرها كبيراً، إضافة إلى أن الجيش الروسي زاد من وتيرة العمليات في الأسابيع الأخيرة من أجل كسب الوقت واحتلال مزيد من الأراضي الأوكرانية وعدم انتظار وصول الأسلحة الغربية.