الحواجز الإسمنتية تفرض "معركة بقاء ووجود" على أهالي حي الشيخ جراح

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
20 مايو 2021
حالة ترقب يعيشها أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة
+ الخط -

قد يكون لزاماً على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، بعد إغلاق مدخل الحي بحواجز إسمنتية قبل أيام، خوض معركة أخرى للحفاظ على وجودهم في الحي غير معركة البقاء في منازلهم المهددة بالنهب والاستيلاء عليها من قبل المستوطنين المتطرفين، وبات لزاماً عليهم خوض معركة جديدة لنيل حرية حركتهم.

يشكل وضع الحواجز الإسمنية على المدخل الرئيس لحي الشيخ جراح، وتقييد حركة انتقال الأهالي منه وإليه، ذريعة للاحتلال ومستوطنيه لفرض واقع جديد على الحي الذي يعاني أهاليه من خطر التهجير لمصلحة المستوطنين، حيث يعتبر أهالي الحي أن وضع الحواجز لا يقل خطورة عن واقع الفلسطينيين في مدينة الخليل، حيث بات شارع الشهداء وحي تل ارميدة هناك، نموذجاً لأسوأ ممارسات عنصرية، وليس مستبعداً نقل ذلك الواقع لحي الشيخ جراح، ضمن سيناريوهات تمكن المستوطنين من السيطرة عليه وتهويده.

يقول رئيس لجنة الدفاع عن حي الشيخ جراح يعقوب عرفة، لـ"العربي الجديد": "إن إغلاق مدخل الحي أمر خطير، للضغط على الأهالي بطرق عدة، لإثبات سيطرة الاحتلال بعد شعوره بفقدان السيطرة، وأخشى أن يصبح أمراً واقعاً".

لكن أهالي حي الشيخ جراح لن يسكتوا عن هذا الواقع الجديد، كما يؤكد عرفة بالقول: "لقد رفعنا قضية على شرطة الاحتلال ضد هذه الإجراءات، ونأمل أن نحبط هذا التوجه، كي لا يصبح سابقة قد تطبق بأحياء أخرى بالقدس".

مخاوف عبر عنها نبيل الكرد، وهو أحد أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء في الشيخ جراح، الذي لم يخف في حديثه لـ"العربي الجديد"، قلقه من احتمالات ما سيفضي إليه الوضع الحالي، بعد إغلاق مدخل الحي بتلك المكعبات، وتقييد الدخول إليه، بحيث لا يسمح  بالدخول إلى الحي إلا لأهاليه، تماماً كما يحدث في شارع الشهداء وتل ارميدة في الخليل.

معزولون في منازلهم

مصدر قلق الكرد لا يتعلق بأفراد أسرته فقط، بل بكل أقربائه ومعارفه الذين لن يتمكنوا من الوصول إلى الحي، بل سيتم إخضاعهم للتفتيش والتحقيق.

ويقول الكرد: "منذ وضع المكعبات على مدخل الحي الرئيس، فإننا لا نستطيع الالتقاء بأحد، ونمنع حتى من الجلوس أمام منازلنا، ويطالبوننا بالمكوث داخلها وعدم التجمهر خارجها".

الوضع يزداد تعقيدا في حي الشيخ جراح. غلاة المستوطنين لا يكفون عن استفزاز الأهالي ومناصريهم ويتمتعون بحرية مطلقة في الحركة والتنقل في الحي دون الخضوع لأي تفتيش أو حتى التحقق من هوياتهم.

ولا تتوقف اعتداءات المتطرفين على أهالي حي الشيخ جراح بقذف منازلهم بالحجارة، واستفزازهم بإقامة حلقات الرقص والصلوات التلمودية، وفي بعض الأحيان يطلقون العنان لمكبرات الصوت كي تبث الأغاني العبرية.

يقول عبد الفتاح اسكافي، وهو من أهالي حي الشيخ جراح المهددين بالإخلاء، لـ"العربي الجديد": "إن ما نلمسه من إجراءات على الأرض يشير إلى أنهم ماضون في عزل الحي، وتحويل حياة أهله لجحيم".

في المقابل، يؤكد اسكافي أنه "من ناحيتنا لن نرحل وسنبقى هنا، مهما مارسوا على الأرض، ونحن ندرك أن حادثة الدهس هي مجرد ذريعة، ويجب أن نصمد ونواجه مخططهم لاقتلاعنا من بيوتنا، رغم الأذى الواقع علينا".

التوسع في الاستيطان

ويبدو أن ما يجري في حي الشيخ جراح له علاقة بمخططات استيطانية في محيطه، إذ يؤكد المختص بشؤون القدس والاستيطان خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الحي دوماً محل أطماع المستوطنين، للتمدد بشطر الحي الغربي في منطقة (كبانية أم هارون)، وهناك أطماع لهم بمنطقة (كرم المفتي)، حيث يسعون للتمدد إلى هذا الكرم، بعدما اتسعت رقعة استيطانهم على أنقاض فندق (شبرد)، الذي كان مقراً لمفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني، وشيدوا هناك عشرات الوحدات الاستيطانية".

ويوضح تفكجي أن حي الشيخ جراح يقع في قلب منطقة استراتيجية، حيث يشكل المدخل الشمالي للبلدة القديمة من القدس، وسيطرة المستوطنين عليها، تعني إحكام قبضتهم على منطقة جغرافية ذات أهمية خاصة، سيتم تعزيز الوجود الاستيطاني فيها من خلال توطين مزيد من المستوطنين المتطرفين.

مزيد من التدهور

إزاء الواقع المستجد بعد حادثة الدهس الأخيرة التي وقعت قبل أيام على المدخل الرئيس لحي الشيخ جراح واستشهاد منفذها الشهيد شاهر أبو خديجة، وإصابة 6 من عناصر شرطة الاحتلال، فإن السيناريو المقبل يحمل في طياته مزيداً من التدهور، في حال أصبحت الحواجز الإسمنتية واقعاً دائم الحضور في حياة أصحاب الحي الفلسطينيين.

وحتى لو اتخذت المحكمة العليا للاحتلال قراراً لصالح العائلات المهددة بالإخلاء، فإن هناك واقعاً جديداً قد ينشأ، "وهو ديمومة التوتر والصدام ومزيد من التدهور"، كما يؤكد أهالي الحي، ولعل إصرار المقدسيين والمتضامنين على الوجود اليومي في محيط الحي، ما هو إلا رسالة ومؤشر لما تحمله الأيام القادمة إزاء الحي ومصير أصحابه.

وأرجأت ما تسمى "محكمة العدل العليا"، في العاشر من مايو/أيار الحالي، مناقشة قضية إخلاء عائلات مقدسية في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، وجرى تعيين موعد لها خلال 30 يوماً، بعدما رفض الأهالي عرضاً يعترف بموجبه أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء بملكية المستوطنين للأرض المقامة عليها بيوتهم، مقابل تأجيل الإخلاء إلى ما بعد وفاة صاحب المنزل.

ومنذ نحو أربعة عقود يخوض أهالي الشيخ جراح معركة قضائية في محاكم الاحتلال ضد مزاعم المستوطنين تسجيل وملكية الأرض في العام 1972، وبررت محاكم الاحتلال حكمها لصالح الجمعيات الاستيطانية بحجة التقادم، بينما شهدت الأيام الماضية نضالاً فلسطينياً للدفاع عن حق الوجود والبقاء في الحي، وهي معركة يصرّ الأهالي على مواصلتها لمواجهة الهجمة الاستيطانية الشرسة ضدهم.

ذات صلة

الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
عائلة الخالدي تنتصر وتستعيد عقارها في باب السلسلة/سياسة/العربي الجديد

سياسة

في صراع متواصل يستهدف العقارات الوقفية في البلدة القديمة من القدس، نجحت عائلة الخالدي في استعادة عقارها في حي باب السلسلة المتاخم للمسجد الأقصى.
الصورة

سياسة

أدى أكثر من 60 ألف فلسطيني، اليوم الأربعاء، صلاة عيد الفطر في المسجد الأقصى في القدس المحتلة من دون أيّ أجواء احتفالية، حزناً على ضحايا الحرب الإسرائيلية
الصورة
فلسطينيون من الضفة الغربية عند حاجز قلنديا 1 (العربي الجديد)

مجتمع

تعقّد سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين المسنّين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان.
المساهمون