حددت، اليوم الأحد، محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة جلسة 13 من ديسمبر/كانون الأول المقبل، للحكم في الطلب المقدم من لجنة التحفظ على أموال "الجماعات الإرهابية" التابعة للدولة، بتنفيذ حكم مصادرة جميع الأموال والأملاك التابعة للعشرات من قيادات جماعة "الإخوان المسلمين"، والذين صدر ضدهم قرار قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الأمور المستعجلة بتأييد هذه المصادرة في سبتمبر/أيلول 2018، ورفضت تظلماتهم في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وسبق أن قالت مصادر في دفاع قيادات الجماعة إن اللجنة تقدمت بمذكرة للمحكمة تطلب فيها إلزام كل من وزير العدل ورئيس مصلحة الشهر العقاري ومحافظ البنك المركزي، بسرعة تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحها بمصادرة الأموال الخاصة بتسعة وثمانين من قيادات الجماعة، من الصفين الأول والثاني، وعلى رأسهم ورثة الرئيس المعزول محمد مرسي (الذين حلوا بدلاً منه في الدعوى بعد إثبات وفاته في يونيو/حزيران 2019)، والمرشد العام محمد بديع، ونائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر.
وتأكيداً لما نشره "العربي الجديد" في السادس عشر من سبتمبر/أيلول الماضي، وفي ديسمبر/كانون الثاني 2018، لم تتضمن المذكرة إضافة أي قيادات لطلب المصادرة، كما تبين أن اللجنة تتعامل مع الأحكام الصادرة من قاضي الأمور الوقتية باعتبارها "نهائية وواجبة النفاذ" من دون الاعتداد باستمرار نظر الطعون حتى الآن في محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، وهو ما يشي بنية الحكومة سرعة التصرف في الأموال ومصادرتها.
وذكرت المصادر أنه حتى الآن لم تصدر أحكام نهائية للمرة الثانية بالمصادرة إلا ضد عدد محدود من القيادات الوسيطة في الجماعة.
وإذا استجابت المحكمة لطلب لجنة التحفظ، كما هو مرجّح، فسوف يتوجب على الشهر العقاري نقل جميع الأملاك الخاصة بالمتهمين إلى ملكية الدولة، كما يتوجب على محافظ البنك المركزي الإشعار لجميع البنوك المصرية بنقل ملكية حسابات القيادات المجمدة حتى الآن إلى حسابات الخزانة العامة، ما يُعتبر مصادرة نهائية للأموال.
وجاءت الحيثيات التي ذكرها قاضي الأمور الوقتية في أحكام تأييد قرار المصادرة متناقضة بوضوح مع القانون 22 لسنة 2018 بشأن لجنة أموال "الجماعات الإرهابية" الذي أصدره رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، في إبريل/نيسان 2018، ذلك لأن القاضي وصف المصادرة بأنها "إجراء احترازي"، رغم اعتبار القانون لها إجراءً نهائياً، ومميّزاً بينها وبين التحفظ الذي هو إجراء احترازي مؤقت لمنع المتهمين من "ممارسة نشاطهم الإجرامي" في تمويل جماعة "الإخوان المسلمين".
وسبق أن قالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك خطة وضعتها أجهزة نظام السيسي لتصفية بعض المصالح الاقتصادية المتحفّظ عليها والتصرّف في أصولها بعد تنفيذ قرار المصادرة، وذلك لأن الدولة لا تستطيع إدارتها، أو لاحتياجها إلى خبرات تتطلب بقاء أصحابها فيها، وهو ما لم يعد مرغوباً فيه"، مضيفةً أنّ وزارتي الصحة والتعليم مستمرتان في بيع كمية كبيرة من المنقولات والأدوات والآلات والأجهزة الموجودة في مستشفيات ومدارس متحفّظ عليها منذ عام 2013، وبعض الكيانات التي تم التحفظ عليها أخيراً ضمن الموجة الأخيرة من التحفظات والمصادرة.
وكان الشهر العقاري في مختلف المحافظات قد أنهى منذ عامين حصر جميع الأملاك والعقارات المتعامل عليها، والتي كانت مملوكة للمتهمين، وتم إرسالها إلى مكتب وزير العدل السابق، حسام عبد الرحيم، استعداداً لنقلها إلى ملكية الخزانة العامة للدولة رسمياً، بعد صدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة بتأييد المصادرة والمنتظر صدوره قبل نهاية العام، إذا أتيح للمتهمين الطعن في المواعيد المقررة.
ويتعارض القانون 22 لسنة 2018، الذي يتيح المصادرة صراحة، مع المادة 40 من الدستور التي تنصّ على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة. ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي". والمقصود بالمصادرة الخاصة هنا أن تحدّد المحكمة الجنائية حصرياً الأدوات أو الأموال التي استخدمها الجاني في عمله الإجرامي، ومن ثمّ تحكم بمصادرتها بعد ثبوت استخدامها في مخالفة القانون، كمصادرة السيارات والأسلحة والمخدرات في قضايا التهريب والقتل والإرهاب، الأمر الذي يختلف تماماً عن حالة الأموال المتحفظ عليها جميعاً من أشخاص يشتبه في تمويلهم جماعة "الإخوان".