تدق الولايات المتحدة ناقوس الخطر لحلفائها الأوروبيين، محذرة من أنّ روسيا ربما تدرس غزواً محتملاً لأوكرانيا مع اشتعال التوترات بين موسكو والكتلة الأوروبية بشأن المهاجرين وإمدادات الطاقة، بحسب ما أوردته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
ونقلت "بلومبيرغ" عن مصادر، في تقرير، الخميس، أنّ مسؤولين أميركيين أطلعوا نظراءهم في الاتحاد الأوروبي على مخاوف واشنطن بشأن عملية عسكرية روسية محتملة، مع اعتقاد المصادر أنّ واشنطن لم تشارك معلوماتها الاستخبارية الكاملة بعد مع الحكومات الأوروبية، وهو ما يجب أن يحدث قبل اتخاذ أي قرار بشأن تحرك جماعي.
وكانت روسيا قد ردّت على الاتهامات الأميركية بأنّ الانتشار العسكري على أراضيها هو شأن داخلي، ونفت وجود أي نوايا عدوانية، واتهمت الولايات المتحدة باستفزازها من خلال إبحار السفن الحربية الأميركية في البحر الأسود، على مقربة من أراضيها خلال الأيام الماضية.
واندلعت توترات مماثلة في الربيع الماضي، عندما اتهمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي روسيا بحشد ما يصل إلى 100 ألف جندي ودبابة وطائرة حربية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. ولكن حدّة الاحتقان خفت بعد أن اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واتفقا على اللقاء في القمة التي عُقدت في يونيو/حزيران بجنيف السويسرية.
ودفع الحشد الروسي الأخير مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" وليام بيرنز، لزيارة موسكو الأسبوع الماضي. وانتقد بوتين في الاجتماع استخدام أوكرانيا لطائرات مسيّرة، والنشاط العسكري الأميركي في البحر الأسود.
وكان أسطول البحر الأسود الروسي، قد أعلن، الأحد الماضي، أنّ فرقاطة "الأميرال إيسن" التابعة له، أجرت مناورات على تغطية السفن الروسية في شبه جزيرة القرم، من التعرض لضربة جوية من العدو المفترض.
وذكر الأسطول الروسي، في بيان له، أنّ التدريبات أخذت بالاعتبار المدمرة الأميركية "بورتر" المسلحة بصواريخ "كروز"، وسفينة القيادة الأميركية "ماونت ويتني" عند مدخل البحر الأسود.
ووفقاً لخطة التدريبات، "تلقى مركز التحكم في أسطول البحر الأسود بيانات حول إقلاع مجموعة من طائرات العدو المفترض باتجاه شبه جزيرة القرم، وتم تدميرها قبل شروعها في القتال"، بحسب بيان الأسطول الروسي.
وتنقل "بلومبيرغ" عن مصدر مقرّب من الكرملين، أنّ روسيا لا تنوي بدء حرب مع أوكرانيا في الوقت الحالي، على الرغم من أنها ترى ضرورة إظهار استعدادها لاستخدام القوة إذا لزم الأمر. وبحسب مصدر آخر، فإنّ شنّ هجوم على أوكرانيا غير مرّجح؛ لأنّ القوات الروسية ستواجه مقاومة عامة في كييف ومدن أخرى، لكن موسكو تمتلك خطة للرد على ما سماها المصدر "استفزازات أوكرانيا".
وكان نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، قد قال قبيل انعقاد جلسة مشاورات مغلقة بمجلس الأمن الدولي الخميس، حول أزمة المهاجرين علي الحدود البولندية البيلاروسية، إن روسيا لا تملك أي خطط لغزو أوكرانيا، "ما لم يتم استفزازها".
وأضاف: "في حال استفزازنا سواء عن طريق أوكرانيا أو أي طرف آخر، سوف يكون الأمر هنا دفاعاً عن السيادة الوطنية". وتابع: "التصرفات العسكرية الأميركية في البحر الأسود مدعاة للاستفزاز، ويومياً نتجنب حدوث اشتباكات مباشرة". وأكّد أن روسيا لديها الحق في حشد قواتها على أراضيها "كما تشاء!".
وبدا أنّ وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، الذي التقى بوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يوم الأربعاء في واشنطن، قد اطلع على بعض المعلومات الجديدة من واشنطن، حيث قال في مؤتمر صحافي مشترك مع بلينكن: "ما سمعناه وشاهدناه اليوم في واشنطن يتوافق مع نتائجنا وتحليلاتنا، ويضيف بعض العناصر الجديدة التي تسمح لنا بالحصول على صورة أفضل وأكثر شمولية".
Today, @SecBlinken and I met in Washington, D.C. to revive the Strategic Partnership Comission and sign its new Charter. We are laying a solid foundation to our shared future I’m optimistic about. The U.S. stands by Ukraine as we defend our sovereignty and territorial integrity. pic.twitter.com/S1Xqh9MZJ6
— Dmytro Kuleba (@DmytroKuleba) November 10, 2021
وتعيش أوكرانيا وروسيا صراعاً منذ رد بوتين على الثورة الأوكرانية عام 2014 التي أطاحت بالرئيس الموالي لموسكو، فيكتور يانوكوفيتش، بالسيطرة على شبه جزيرة القرم. كما دعمت روسيا الانفصاليين في شرقي أوكرانيا في حرب أسفرت عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص.
وفي سياق متصل، قالت "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، إنّ بعثتها شهدت أكبر انتهاكات لوقف إطلاق النار بين الطرفين منذ يوليو/تموز 2020، خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول.
وتنقل "بلومبيرغ" عن شركة الاستخبارات الدفاعية والأمنية "جينس"؛ أنّ الانتشار الروسي الأخير كان "سريّاً"، وغالباً ما يحدث في الليل، وتنفذه وحدات برية خاصة، على عكس الحشود المكشوفة التي تمت في الربيع.
وتطمح أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، الأمر الذي يغضب موسكو. حيث حذر بوتين، في إبريل/نيسان، الدول الداعمة لأوكرانيا من أنها "ستندم إذا أقدمت على هذه الخطوة، أكثر مما ندمت على أي شيء منذ وقت طويل"، مضيفاً أن ذلك يعتبر تجاوزاً لـ"الخط الأحمر" الروسي بشأن الأمن.
كما أعلن نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، بيوتر تولستوي، أن "أوكرانيا كلها ستكون جزءاً من روسيا، ولن يكون هناك أي أوكرانيا". في مقابلة بُثت على قناة تلفزيونية روسية الشهر الماضي.
بدوره قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطاب وجهه إلى الأمة في وقت متأخر من يوم الأربعاء: "آمل الآن أن يرى العالم كله بوضوح من يريد السلام حقاً، ومن يحشد ما يقرب من 100 ألف جندي على حدودنا". وأضاف: "الترهيب النفسي الروسي لن يؤثر علينا، استخباراتنا لديها كل المعلومات، وجيشنا مستعد للدفاع في أي وقت وفي أي مكان".