يبرز اجتماع "هيئة التفاوض السورية" المعارضة، يوم غدٍ السبت، في جنيف السويسرية، كإحياء لتحركات المعارضة بعد التغيرات الجذرية في الملف السوري، لا سيما في ظل التقارب العربي مع النظام.
وتجتمع الهيئة بشكل "فيزيائي" على مدار يومي السبت والأحد، بعد ثلاثة أعوام من تعطل انعقادها، إذ دعت الهيئة للاجتماع في جنيف، بعد تعذر انعقاد الاجتماعات في المملكة العربية السعودية، كما كان في السابق، بسبب خلاف الرياض مع "الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية"، الذي عارض رعاية الرياض لانتخاب قائمة المستقلين في الهيئة نهاية العام 2019، عوضاً عن القائمة السابقة، التي لا تزال ضمن الهيئة.
ويأتي الاجتماع على أنقاض العديد من الخلافات التي تركتها منذ توقف انعقادها، والتي سببت، ربما، عدم انعقادها مرة أخرى، لا سيما الخلافات التي حضرت بين كتل المعارضة الست.
وتتكون الهيئة البالغ عدد أعضائها 36 عضواً، من ست كتل، لكل واحدة منها حجم معين من الممثلين، وهي: الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة (8 ممثلين)، والمستقلون (8 ممثلين)، و"هيئة التنسيق" (5 ممثلين)، والفصائل المسلحة (7 ممثلين)، و4 ممثلين لكل من منصتي موسكو والقاهرة.
قائمة المستقلين
وكان مصدر من المعارضة أشار في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إلى أن قائمة المستقلين القديمة، هي التي ستحضر إلى جنيف، دون توجيه الدعوة للقائمة التي انتخبت في الرياض، كما ستكون القائمة القديمة بحاجة للترميم بعد غياب أحد أعضائها (بسمة قضماني) بسبب الوفاة، وربما يكون هذا الأمر مطروحاً في اجتماع غد.
وحول قائمة المستقلين، التي شكلت نقطة الخلاف بين الهيئة والرياض سابقاً، أشار المصدر إلى أن قائمة المستقلين التي ستحضر في جنيف، هي القائمة القديمة، وليست التي تم انتخابها برعاية الرياض نهاية العام 2019، والتي سببت قطيعة بين الهيئة والمملكة، وتوقفت بعدها اجتماعات مكونات الهيئة.
وفي اجتماع احتضنته الرياض، انتخب حوالي 66 مدعواً من قبل الخارجية السعودية، 8 أعضاء ليشكلوا قائمة المستقلين داخل الهيئة، هم: مهند الكاطع، وبسام العيسمي، ونبراس الفاضل، وعبد الباسط الطويل، وهند مجلي، ومنى أسعد، وصبيحة خليل، ويسرى الشيخ. لكن الائتلاف الذي يتمثل بثمانية أعضاء داخل الهيئة رفض هذه الخطوة.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، حول الاجتماع القادم، قال مهند الكاطع، ممثل كتلة المستقلين المنتخبة في الرياض إنه لم يتم توجيه الدعوة لهم لحضور أي اجتماع في هيئة التفاوض.
وأضاف الكاطع: "نعتبر الائتلاف مسؤولاً عن تعطيل هيئة التفاوض ونشاطها وحتى شرعيتها منذ نهاية عام 2019، ولم تجتمع هيئة التفاوض منذ ذلك التاريخ في الدولة التي استضافت بموجب تفويض دولي هيئة التفاوض (المملكة العربية السعودية) وبقيت اجتماعاتها افتراضية (أونلاين) دون حضور معظم الكتل التي تتكون منها هيئة التفاوض".
وأشار إلى أن هيئة التفاوض "خسرت الكثير من الدعم السياسي بسبب انزلاق الائتلاف حين ذاك نحو مواقف تحركها الأجندة السياسية الإقليمية وليس المصلحة الوطنية السورية، وفشلت هيئة التفاوض في حل المخالفات في النظام الداخلي وحل مشكلة تمثيل المستقلين حتى الآن".
ويرى المتحدث باسم القائمة، أن "هيئة التفاوض حالياً يجب أن ترتب نفسها وتعيد تواصلها مع جميع الأطراف الدولية المعنية بالشأن السوري وخاصة الدول العربية، قبل الذهاب إلى أي جولة تفاوضية، بدون ذلك ستبقى شرعية هيئة التفاوض على المحك، تماماً كما حدث مع الائتلاف الوطني، الذي فقد شرعيته في الشارع السوري نتيجة ممارساته وأخطائه المتراكمة، خاصة في ما يتعلق بمحاولة احتكار تمثيل السوريين بشخصيات ووجوه مكررة"، بحسب الكاطع.
منصة القاهرة
كما يبرز هنا الخلاف داخل منصة القاهرة، التي انقسمت شقين، إذ ظهر بداية العام 2021 انقسام المنصة بين جناحين، الأول بقيادة الممثل والسياسي جمال سليمان، والآخر يقوده فراس الخالدي.
وتعد "منصة القاهرة" التي تتخذ من العاصمة المصرية مقراً ومركز نشاط سياسي لها، من المنصات السورية المعارضة التي دار عنها وحولها الكثير من الجدل، ويُنظر إليها باعتبارها من المنصات "المهادنة" التي من الممكن أن تقبل "الحلول الوسط" في تسوية سياسية ترعاها الأمم المتحدة.
وكانت المنصة، التي تشكلت في العام 2015، قد انضمت إلى الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة في العام 2017، بهدف تشكيل وفد تفاوضي واحد يمثل كلّ المنصات السياسية المعارضة للنظام.
وفي حين قال فراس الخالدي، عضو المنصة، لـ"العربي الجديد" إنهم كمنصة لن يذهبوا إلى اجتماعات جنيف، مزوداً "العربي الجديد" ببيان صدر عنه بصفته "منسق المنصة"، أكد جمال سليمان في حديث لـ"العربي الجديد" حضورهم في الاجتماع، ما يعني استمرار الانشقاق في المنصة، إذ قال سليمان في حديثه: "في منصة القاهرة لا يوجد شيء اسمه (منسق)".
وفي ما يخص منصة موسكو، فقد تمت إزالة الخلاف بين المنصة والهيئة بتراجع الأخيرة عن فصل مهند دليقان، أحد الممثلين الأربعة فيها، وقال مترئس المنصة السياسي والوزير السابق قدري جميل إن كل "الرفاق علاء عرفات، يوسف سلمان، سامي بيتنجانة، مهند دليقان، سيحضرون في اجتماع الهيئة القادم، بعد ثلاثة أعوام ونصف من انقطاع المنصة عن اجتماعات الهيئة لقضايا خلافية".
هيئة التنسيق الوطنية
وكانت "هيئة التنسيق الوطنية" ومقرها دمشق، أكدت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن منسقها العام حسن عبد العظيم سيكون في جنيف بالإضافة لأحمد العسراوي، وأليس مفرج، عضوي هيئتي التنسيق والتفاوض.
وأوضح العسراوي لـ"العربي الجديد"، أن "العضوين الآخرين، صفوان عكاش ونشأت الطعيمة، الممثلين من قبلنا في هيئة التفاوض السورية لن يتمكنا من الحضور لأسباب لوجستية وإجرائية، لكننا في الاجتماع سنتكلم باسم واحد وككتلة واحدة".
وتأسست "هيئة التفاوض السورية" أواخر العام 2015 في الرياض، وتناوب على رئاستها عدد من شخصيات المعارضة، لاسيما رئيس الحكومة الأسبق رياض حجاب، وأخذت الهيئة على عاتقها التفاوض بشأن الحل السوري تحت مظلة الأمم المتحدة، وتعرضت الهيئة لعدد من الاستقالات والخلافات التي أثرت على مشاركتها وفاعليتها في ما بعد.