استمع إلى الملخص
- يتزامن هذا مع تحركات عسكرية أميركية في المنطقة، مثل نشر غواصة نووية في غوام وإنشاء قواعد في اليابان والفلبين، مما تعتبره الصين تهديدًا يستدعي استعدادًا عسكريًا.
- شهد الجيش الصيني تحديثات تكنولوجية كبيرة تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ، بما في ذلك تطوير المسيّرات وحاملات الطائرات وصواريخ "فاير دراغون"، مما يعزز قدراته العسكرية.
أعلنت اللجنة العسكرية المركزية في الصين أن الجيش الصيني اتخذ خطوة مهمة للأمام في الجاهزية القتالية من خلال التدريبات المتكاملة. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة جيش التحرير الشعبي الصيني، أول من أمس الاثنين، نقلاً عن اللجنة العسكرية المركزية، أعلى هيئة عسكرية في الصين، ويرأسها الرئيس شي جين بينغ، فإن الجيش حقّق تقدماً كبيراً في تحديث برنامجه التدريبي، إذ يسعى إلى تعزيز الجاهزية القتالية في سيناريوهات الحرب الحديثة. وقالت الصحيفة إن "التحول والارتقاء بتدريبنا العسكري قد اتخذ خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث نستكشف وننفذ نموذجاً جديداً لتدريبات المجموعات التدريبية المتكاملة". وأضافت أن النموذج الجديد للتدريب المتكامل جرى طرحه على الخطوط الأمامية للجيش الصيني، بما في ذلك التدريبات على وحدات مختلفة تعمل كفريق واحد والاستخدام المنسق لتكتيكات محددة في المعركة. ولفتت إلى أن الخطوة التالية هي جعل تدريب الجيش الصيني أكثر واقعية ومتوافقاً بشكل وثيق مع مواقف القتال الحقيقية، ما يؤدي إلى تحسن عام في الجاهزية والقدرة العسكرية. كذلك تسعى الصين إلى تحديث جيشها، من الأسلحة إلى تكتيكات الحرب، في محاولة لتضييق الفجوة مع الولايات المتحدة وإعداد نفسها بشكل أفضل للتعامل مع سيناريو حرب معادية بشكل متزايد.
شياو لونغ: التحركات العسكرية الأميركية في المنطقة بمثابة إعلان حرب على الصين
ويتزامن الإعلان الصيني مع تطورات متسارعة في المنطقة، لعل أبرزها نشر القوات البحرية الأميركية، الأسبوع الماضي، غواصة نووية في جزيرة غوام غرب المحيط الهادئ، في إطار خطّة عسكرية لتوزيع القوات البحرية في المنطقة من أجل الحفاظ على سلميتها وازدهارها. كذلك كانت تقارير يابانية قد أفادت، قبل أيام، بأن الجيش الأميركي سينشئ قواعد مؤقتة على طول سلسلة جزر نانسي في جنوب غرب اليابان والفيليبين لنشر وحدات صاروخية، وسيتم دمج النشر في أول خطة عمليات مشتركة للولايات المتحدة واليابان للتعامل مع حالة طوارئ تشمل البر الرئيسي الصيني وجزيرة تايوان والتي ستُصاغ في وقت لاحق من الشهر الحالي.
وليس أخيراً الاتفاقية الجديدة التي وقعتها الولايات المتحدة واليابان وأستراليا في وقت سابق من الشهر الماضي، والتي تقضي بنشر قوات يابانية في منطقة داروين بشمال أستراليا للعمل والتدريب بانتظام جنباً إلى جنب مع القوات الأسترالية والأميركية، وهي الخطوة التي اعتبرتها بكين تحولاً خطيراً في المنطقة يدفعها نحو مزيد من العسكرة. ويُعزى الانتشار العسكري الكثيف إلى القلق المتزايد بين واشنطن وحلفائها بشأن القوة العسكرية المتنامية للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
الحراك الأميركي بمثابة إعلان حرب على بكين
ورأى الأستاذ في مركز الدراسات السياسية في جامعة جينان، شياو لونغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكن قراءة حيثيات إعلان اللجنة العسكرية المركزية عن رفع جاهزية الجيش الصيني القتالية بمنأى عن الأنشطة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وقال إن ما تقوم به الإدارة الأميركية من تحركات وإنشاء تحالفات ونشر قوات ومعدات عسكرية متطورة، من بينها أسلحة نووية، وتبرير ذلك صراحة ودون مواربة بأنه يستهدف نفوذ بكين في المنطقة، هو في الحقيقة بمثابة إعلان حرب على الصين، وبالتالي فإن هذا الأمر يستدعي أن تكون الأخيرة متأهبة لأي حرب محتملة على جميع الجبهات.
وحول ما إذا كانت هناك مبالغة في تقدير الأنشطة الأميركية وتفسيرها على هذا النحو، قال شياو لونغ إن "لم يكن إرسال غواصة نووية إلى المنطقة، وإنشاء تحالفات عسكرية معادية، ونشر المزيد من القوات بهدف محاصرة الصين وتقويض سيادتها الوطنية، هو إعلان حرب، فكيف إذن نفسر هذه الترتيبات؟ وهل يعقل أن تكون مجرد أنشطة روتينية في المنطقة. فضلاً عن أن الولايات المتحدة نفسها تتحدّث صراحة عن هذا الأمر وتبني وتعزز استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على اعتبار أن الصين تمثل التهديد الأكبر لدول المنطقة. لذلك كان لا بد من تحركات مضادة تضع القوات الصينية على أهبة الاستعداد والجاهزية القتالية تحسباً لأي خطوة متهورة قد تفضي إلى حرب إقليمية".
أبرز التغيرات التي طرأت على الجيش الصيني
تاريخياً، عُرف عن الصين أنها صاحبة أكبر جيوش العالم عددياً، إذ بلغ تعداد الجيش الصيني حالياً حوالي 2.3 مليون جندي، وقد أُخذ عليها خلال العقود الماضية اهتمامها بالكمّ على حساب الجودة، أي أنها لم تلق بالاً لمسألة التحديث العسكري، وظل جيشها لعقود طويلة غير مؤهل في العتاد والقدرات القتالية، فضلاً عن أن آخر حرب خاضها الجيش الصيني كانت ضد فيتنام في عام 1979. لكن مع وصول شي جين بينغ إلى السلطة في عام 2013، اختلف الأمر تماماً، إذ أطلق عملية تحديث الترسانة العسكرية للصين بصورة شاملة. وشهدت هذه العملية خطط بناء وإصلاحات كبيرة.
يوان تشو: الجيش الصيني خضع لعدة تحديثات، أبرزها تطوير القدرات التكنولوجية
حول هذا الأمر، أوضح الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية، يوان تشو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الجيش الصيني خضع لتحديثات عدة، لعل أبرزها تطوير القدرات التكنولوجية واستثمارها في الاستخدامات العسكرية، مثل تطوير مسيّرات عسكرية قادرة على ضرب الأهداف سريعة الحركة والبقاء في الجو لفترات أطول مقارنة بالطائرات المأهولة. وكذلك التحديثات التي خضعت لها حاملة الطائرات الصينية "فوجيان"، التي وصفتها بكين في وقت سابق بأنها أكبر سفينة حربية عاملة بالطاقة التقليدية في العالم.
واعتبر أن "فوجيان"، التي أُطلقت في 2022، أصبحت قوة أساسية في سلاح البحرية الصينية، نظراً لقدرتها على توليد الطاقة اللازمة باستخدام تكنولوجيا المنجنيق الكهرومغناطيسي لإطلاق الطائرات من سطحها بشكل متكرر وبكفاءة أكبر بغض النظر عن حجم ووزن هذه الطائرات، ما يعطي ميزة كبيرة في العمليات القتالية الفجائية. وأشار إلى وجود صواريخ فاير دراغون الصينية التي حُدّثت مؤخراً بحيث تصبح قادرة على إغراق السفن الحربية الأميركية. ولفت إلى أن تدمير سفينة حربية أميركية كبيرة في أي مكان، تحتاج إلى خمسة أو ستة صواريخ موجهة من طراز فاير دراغون، لتصبح بعد ذلك حطاماً. يشار إلى أنه حسب تقديرات محلية، فإن الجيش الصيني يضم نحو مليوني جندي في الخدمة الفعلية، وهو يمتلك ثلاث حاملات طائرات ونحو 80 غواصة، إضافة إلى نحو خمسة آلاف دبابة، و175 ألف مركبة مدرعة، وحوالي 1250 طائرة مقاتلة.