الجزائر وروسيا تحاولان معالجة الخلافات حول فاغنر وليبيا

02 يناير 2025
الرئيس الروسي خلال استقباله نظيره الجزائري في موسكو، 15 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد العلاقات الجزائرية الروسية تحركات دبلوماسية مكثفة، مع زيارة رئيس مجلس الدوما الروسي لتعزيز التفاهمات بعد خلافات حول قضايا إقليمية مثل الساحل وليبيا.
- تمت سلسلة لقاءات بين المسؤولين لتجاوز سوء التفاهم السياسي، خاصة بسبب مشاركة قوات "فاغنر" الروسية ودعم روسيا لخليفة حفتر، شملت زيارات متبادلة بين البلدين.
- توصلت الجزائر وروسيا إلى إنشاء آلية للتنسيق والتشاور كل ثلاثة أشهر لتعزيز التعاون في الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، مع التركيز على عدم تحويل الحركات السياسية في شمال مالي إلى جماعات إرهابية.

تجري في الجزائر وموسكو ترتيبات لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين إلى الجزائر، ستكون هي الثانية له في غضون ستة أشهر، من أجل تعزيز التفاهمات التي تمت مؤخرا بين البلدين، بعد فترة من الخلافات الحادة بينهما بشأن بعض القضايا الإقليمية لاسيماً في منطقة الساحل وليبيا. وسبق الزيارة المرتقبة، عقد اجتماع للمجموعة البرلمانية للصداقة بين البلدين، قبل أيام، ناقشت العلاقات الثنائية.

وشهدت الفترة الماضية سلسلة لقاءات جزائرية روسية سعت إلى وضع إطار لتجاوز سوء تفاهم سياسي نتج عن مشاركة قوات "فاغنر" الروسية في إبريل/ نيسان الماضي في شن غارات على منطقة تين زواتين شمالي مالي، على مقربة من الحدود الجزائرية، ومساعدة روسيا لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر للتقدم نحو الحدود الجزائرية، في محاولة فاشلة من قواته للسيطرة على المعابر والحدود. وزار الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، لوناس ماقرمان، موسكو في يونيو/حزيران الماضي، بينما زار نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، فلاديسلاف دافنكوف، الجزائر في الفترة نفسها.

ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي زار نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، الجزائر، وأجرى محادثات مع رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف نظيره الروسي، سيرغي لافروف، على هامش الدورة الأولى للمؤتمر الوزاري للشراكة الأفريقية-الروسية. كما زار في 19 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، نائب وزير الشؤون الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، الجزائر برفقة نائب وزير الدفاع الروسي إيونوس بيك إيفيكوروف، وناقش مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأوضاع في منطقة الساحل.

المحلل وأستاذ العلوم السياسية بجامعة سعيدة، ميلود ولد الصديق، يرى أن هناك ضرورات سياسية، فرضت على البلدين العمل على إيجاد تفاهمات سياسية، كالتي أعلن عنها وزير الخارجية الجزائري. وقال ولد الصديق في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الجزائر تصرفت بنوع من الحزم تجاه ما اعتبرته تهديدات لأمنها القومي، خاصة منذ تحشيد حفتر قبل فترة، لقواته حول حدودنا جنوب الشرقية، إذ كان واضحا أن تحرك حفتر، كان جزءا من حرب بالوكالة تستهدف الضغط على الجزائر، رداً على انزعاج روسيا من موضوع تعويض الغاز الجزائري للغاز الروسي نحو أوروبا في خضم الأزمة الأوكرانية، ثم انزعاج روسيا من الدعم اللوجستي الجزائري لحركات الأزواد ضد قوات فاغنر والجيش المالي". وهي نقاط خلاف حساسة فرضت بحسبه "تكثيف قنوات التواصل مع روسيا لإزالة العقبات ولعب أدوار أكثر وضوحا تلبي للطرفين حاجتهما لبعضهما البعض".

وسمحت هذه اللقاءات بالتوصل الى توافق بين الجزائر وموسكو، على إطار لعقد اجتماعات كل ثلاثة أشهر، بين المسؤولين من البلدين من قطاعات الخارجية والأمن والدفاع. ووفقا لما كشفه وزير الخارجية الجزائري الاثنين الماضي، فإن "روسيا والجزائر استحدثتا آلية للتنسيق والتشاور مع الأصدقاء الروس، لها طابع مؤسساتي تجتمع كل ثلاثة أشهر لتقييم الأوضاع وللتعبير عن انشغالات كل طرف ومعالجة المشكلات المستجدة".

وأضاف عطاف: "هذا ما قلناه للأصدقاء الروس إننا كجزائريين لن نسمح ولن نقبل بأن تُحول حركات سياسية (حركات الأزواد في شمال مالي) كانت طرفاً موقعاً على اتفاق الجزائر للسلم في مالي إلى جماعات إرهابية"، مشيرا إلى أن "الجزائر أرادت إقناع الصديق الروسي بالبديهيات التي عالجت بها الجزائر من خلال تجربتها الطويلة الملفات في منطقة الساحل على مدى عقود وأن الحل العسكري غير ممكن وجُرب ثلاث مرات".

بدوره، قال رئيس لجنة الصداقة الجزائرية الروسية النائب عبد السلام بشاغة لـ"العربي الجديد" إن "استحداث هذا الإطار، كان أكثر من ضرورة سياسية، بحكم أنه أصبح هناك تقاطع كبير في الملفات بين الجزائر وموسكو، سواء على مستوى إقليمي، أو على مستوى ملفات أخرى مثل السودان وسورية والطاقة، وهو ما يفرض وضع إطار يسهل التفاهمات ويكون إطاراً للتعبير عن انشغالات ومصالح كل طرف، وتحييد الخلافات، بالنسبة لبلدين تربطهما علاقات استراتيجية". وأشار إلى أن "سلسلة الزيارات الأخيرة المتبادلة على أعلى مستوى في إطار الديناميكية الحاصلة مؤخرا في العلاقات الجزائرية الروسية، أثمرت لأول مرة بالحديث علناً على الملفات المشتركة المتعلقة بالأمن والأوضاع في مجالات أخرى تعكس الثقل التاريخي والاستراتيجي للعلاقات بين البلدين".

المساهمون