- الحراك الشعبي والسياسي في الجزائر يواجه تحديات كبيرة بعد استعادة السلطة لزمام المبادرة، مما أدى إلى إحباط واستقالة العديد من الشباب من العملية السياسية، مما يضع ضغوطاً على القوى الديمقراطية لإحياء الأمل.
- الانتخابات الرئاسية المقبلة تعتبر بمثابة معركة لإعادة تأكيد الحاجة إلى التغيير والديمقراطية في الجزائر، رغم التوقعات بأن تميل النتائج لصالح السلطة الحالية، مما يشكل تحدياً للقوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية لتجديد النضال من أجل التغيير.
الفكرة من حيث هي جزء من التدافع السياسي، توجد دائماً قيد جدل يتجدد عند كل استحقاق انتخابي في الجزائر، هناك من يتمسك بمنطق الرفض عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية في الجزائر، بزعم أنها تدعم لعبة السلطة، لكن هناك زاوية أخرى يمكن أن يُنظر منها إلى المسألة في علاقة بترسيخ المطلب الديمقراطي واستمراريته. بالمعطى السياسي الجزائري وظروفه، الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة من خارج مربع السلطة تضحية لصالح المطلب الديمقراطي، وتكريس لهذا المطلب وترسيخ له في المتن السياسي الجزائري، وتجديد للخطاب النقدي الذي تضيق به السلطة وتضيّق عليه الخناق، وتأكيد أن سردية السلطة ورؤيتها للخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليست الوحيدة في البلاد، وروايتها للأحداث والأوضاع ليست المفردة في الجزائر. هناك رؤية أخرى ورواية أخرى وصوت آخر مختلف عن الصوت الرسمي، وتصور مغاير للأدوات الممكنة والأكثر نجاعة لتنفيذ الخيارات الوطنية أيضاً.
يأخذ الأمر طابع التضحية السياسية اللازمة والضرورية، لأنه بعد كل ذلك الحراك الشعبي المبهر من حيث زخمه الجماهيري والتعبيرات الشعبية، ومن حيث أداؤه السياسي وسقف مطالب التغيير والتطلع الديمقراطي المعبّر عنها، نجحت السلطة في استعادة زمام المبادرة السياسية وإحكام قبضتها على الشارع والمشهد السياسي وتأهيل أجهزتها الحزبية وإعادتها إلى الواجهة، وأدى ذلك إلى أن كتلة كبيرة من مجتمع الحراك، أصيبت بإحباط كبير وخيبة أمل قاسية من انكسار موجة شعبية عالية كان يمكن أن تحسم الموقف لصالح المسألة الديمقراطية، دفع ذلك الجزء الغالب من شباب الحراك خصوصاً إلى الاستقالة مجدداً والعودة إلى مربع الصمت.
تقع على القوى والشخصيات السياسية الملتزمة بالمسألة الديمقراطية والحاملة في مرجعياتها وأدبياتها لمطلب التغيير والإصلاح، مسؤولية إحياء الأمل السياسي لدى هذا المجتمع المصاب بالإحباط، لذلك تمثل الانتخابات الرئاسية بكامل مسارها، من فتح باب الترشيحات إلى الحملة الانتخابية، فرصة لإعادة الصوت الديمقراطي المتمسك بالعقد السياسي الوطني وبقضايا الحريات وقيم العدالة المستقلة وتكافؤ الفرص وحرية الصحافة والتعبير وسلطة القانون المدون والشفافية في تسيير الشأن والمال العام وتحرير المبادرة الفردية، وتبقي على حيوية التغيير كتطلع سياسي مشروع، والتشديد على أن المطلب الديمقراطي وجذوته ما زالا قائمين، وأنه حاجة تاريخية واستحقاق حتمي لصالح الشعب الجزائري.
ليس هناك خلاف على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستميل إلى مصلحة مرشح السلطة، الرئيس عبد المجيد تبون الذي يتطلع إلى ولاية رئاسية ثانية، لاعتبارات مختلفة موضوعية وسياسية، وأخرى ترتبط بطبيعة البيئة الانتخابية والقواعد التي تحكمها في الجزائر، مضافة إليها هذه المرة ظروف خاصة بالجزائر محلياً وإقليمياً، لا تشجع الكثير من الفواعل السياسية على خلق خط منافس لتبون. لكن ذلك ليس مانعاً للقوى السياسية الملتزمة بالمسألة الديمقراطية، من جعل الاستحقاق الرئاسي مناسبة لتجديد المطلبية الديمقراطية بكل أبعادها وقد تحررت من قيود الأيديولوجيا المغلقة وإعادة قراءة الحالة الجزائرية من منظور مختلف.