الجزائر... إسناد المحور اللبناني

21 اغسطس 2024
من تظاهرة دعماً لغزة في تولوز الفرنسية، مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجزائر ترسل شحنات وقود عاجلة إلى لبنان لدعم محطات الكهرباء، مما يعزز قدرات محور المقاومة اللبناني ويصب في صالح المجهود ضد المشروع الصهيوني.
- القرار الجزائري يُعتبر إسناداً لوجستياً لمجهود المقاومة في لبنان، ويعكس التزام الجزائر بدعم الدول والشعوب التي تقاتل ضد الاحتلال.
- الخطوة الجزائرية تُحرج دولاً أقرب جغرافياً إلى لبنان، وتُبرز التزام الجزائر التاريخي بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والمادي لجبهات المقاومة.

في كفتي الميزان يوضع قرار الجزائر إرسال شحنات عاجلة من الوقود إلى لبنان لتشغيل محطات الكهرباء: في كفة هو ليس أكثر من واجب لمساعدة بلد عربي محاصر على أكثر من صعيد بسبب انخراطه في محور المقاومة، ولكنه في الكفة الأخرى، ليس أقل من قرار مقاوم يعزز قدرات المحور اللبناني على الصمود، ويمنع تحييد هذا المحور من المواجهة القائمة، ويصب في صالح كل المجهود القائم ضد المشروع الصهيوني في المنطقة.

بهذه الصورة، تضع الجزائر نفسها في المكان الصحيح الذي يستدعيه الواجب، وبما يجعلها شريكة في المعركة. في الأبعاد السياسية يصبح قرار الدولة الجزائرية تزويد لبنان بالوقود، إسناداً لوجستياً مشرفاً لمجهود المقاومة في لبنان بصورة غير مباشرة، ذلك أن التوقيت السياسي المرتبط بتطورات المواجهة مع الاحتلال ودور المحور اللبناني فيها، يجعل القرار كذلك، أكثر منه قرار مساعدة طاقوية لتوفير خدمة الكهرباء للبنانيين. صحيح أن بين لبنان والجزائر سابق اتفاقات تعاون في مجال الطاقة، ومشكلات أيضاً (أزمة الفيول المغشوش)، لكن حسابه على صعيد المرحلة الحرجة، يفرض تصنيفه كقرار مقاوم، فحيثما تكون المقاومة تكون الجزائر.

بهذه الخطوة وبغيرها، تنسجم الجزائر مع خطها التاريخي المؤدي إلى توفير كل أشكال الدعم الممكنة، السياسية والاقتصادية والمادية، لكل الدول والشعوب والجبهات التي تقاتل ضد الاحتلال، ودعم كل جبهات المقاومة، وبكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وينسجم مع الالتزامات التي تعبّر عنها الجزائر بكل وضوح في المحافل العربية والإقليمية والدولية.

قد يكون في الخطوة الجزائرية هذه، إحراج ورسالة سياسية إلى دول أقرب إلى لبنان من حيث الجغرافيا والمصالح، كانت أولى أن تمد لبنان باحتياج أساسي في ظرف عصيب، وهي وافرة من حيث الإمكانية، لكنها عاجزة على صعيد القرار المستقل والحسابات الإقليمية التي تحاصر لبنان نفسه، بالقدر نفسه الذي كان يعنيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل أيام، حين قال إنه مستعد لإرسال الجيش إلى غزة في حال فتحت مصر الحدود، فلم يكن يقصد بالتأكيد المعنى القتالي لهذه المهمة، لكنها كانت رسالة سياسية موجهة إلى مصر بالأساس.

ثمة قصة في التاريخ السياسي تجعل لكل فعل في الظروف العصيبة مكاناً في التاريخ، بغضّ النظر عن حجم وطبيعة هذا الفعل. بعد انتصار ثورة الخميني في إيران، وصل الشاه إلى مصر قادماً من أميركا، ثارت طهران وجحافل من النخب المصرية على استقبال القاهرة للشاه، لكن أنور السادات رد على ذلك بأن كشف سراً لم يكن معلوماً. قال إنه يستقبل الشاه لأن الأخير أنقذ مصر في لحظة عوز للوقود، "في يوم أبلغني وزير البترول بوجود نقص حاد في الوقود ونحن نجهز لحرب أكتوبر، اتصلت بالشاه أطلب منه مساعدة في الأمر، فأبلغني أن هناك ناقلة نفط توجد في عرض البحر بصدد نقل شحنة إلى بلد معين، وسيتصل لتحويل وجهتها إلى مصر". بالنسبة للسادات كانت تلك مساهمة ولو من دون علم الشاه نفسه في مجهود التجهيز ونصر حرب 1973.

المساهمون