آلية "2+2"... تحول كبير في الاستراتيجية الخارجية للصين

21 اغسطس 2024
كيم هونغ كيون وصن ويدونغ في سيول، 18 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

كثفت بكين مؤخراً من استخدام محادثات "2+2"، مع جيرانها، مثل سيول وجاكرتا. والـ2+2 ترمز إلى اجتماعات تجريها الصين مع بلد آخر بممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع من كل طرف، لتكون المحادثات ذات طابع سياسي وأمني. وكان المثال الأحدث في إطار التحول الكبير في الاستراتيجية الخارجية للصين هو الحوار الأول "2+2" بين الصين وإندونيسيا الأسبوع الماضي، والذي شارك فيه كبار المسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع في البلدين.

وقالت وزارة الخارجية الصينية، في بيان الأسبوع الماضي، إن المحادثات في جاكرتا تعكس الطبيعة رفيعة المستوى للعلاقات بين البلدين، وتشير إلى مستوى جديد من الثقة المتبادلة بينهما. وترأس وفد الصين في المحادثات نائب وزير الخارجية صن ويدونغ، ونائب مدير مكتب اللجنة العسكرية المركزية للتعاون العسكري الدولي تشانغ باو تشون، فيما رأس الجانب الإندونيسي عبد القادر جيلاني، المدير العام لشؤون آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا في وزارة الخارجية، وأوكتاهيروي رامسي الأمين العام للاستراتيجية الدفاعية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أجرت الصين حواراً مماثلاً مع كوريا الجنوبية. وترأس الاجتماع وقتها عن الجانب الصيني صن ويدونغ وتشانغ باو تشون، وعن الجانب الكوري الجنوبي نائب وزير الخارجية كيم هونغ كيون، والمدير العام للسياسات الدولية في وزارة الدفاع لي سيونغ بيوم. وكان ذلك أول اجتماع يعقد بموجب آلية حوار مطورة على مستوى نواب الوزراء تم إنشاؤها في العام 2020. وقالت بكين، في يونيو الماضي، إن البلدين اتفقا على بناء الثقة المتبادلة والدفع نحو التعاون من خلال آليات، بما في ذلك الحوار الدبلوماسي والأمني "2+2". وحضر المحادثات في حينه، نائب وزير الخارجية الصيني صن ويدونغ، ونظيره الكوري الجنوبي كيم هونغ كيون، بالإضافة إلى مسؤولين في وزارتي الدفاع في البلدين.

تحول في الاستراتيجية الخارجية للصين

واعتبرت وسائل إعلام صينية، أخيراً، أن الاجتماعات الأخيرة تشير إلى تحول كبير في الاستراتيجية الخارجية للصين لتصبح أكثر شمولاً، وتمثل تطوراً أكبر واعترافاً بأن الدفاع والسياسة الخارجية متشابكان أكثر من أي وقت مضى. ورغم أن آلية الحوار "2+2" ليست جديدة، إذ تستخدم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة هذه الآلية مع حلفائها الرئيسيين بما في ذلك اليابان والفيليبين، فإن الصين لم تستخدمها إلا بصورة غير رسمية. وكانت بكين تابعت بقلق الترتيبات والتفاعلات الأمنية والعسكرية المتسارعة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي بقيادة الولايات المتحدة، إذ شهدت المنطقة خلال الأسابيع الماضية حراكاً مكثفاً لمسؤولين أميركيين، أسفر عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات مع حلفاء واشنطن في مجال الأمن والدفاع.

استراتيجية مضادة

جيانغ قوه: الصين تحاول قطع الطريق أمام الأجندات الغربية في المنطقة

وفي تعليقه على الاستراتيجية الخارجية للصين قال الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في بكين، جيانغ قوه، لـ"العربي الجديد"، إن دمج الصين الدبلوماسية مع الأمن في تشبيك علاقاتها الخارجية، يأتي في إطار رد بكين على حراك الرباعية (الولايات المتحدة، الهند، اليابان، أستراليا) في المنطقة خلال الشهر الماضي، والذي عمل على تضخيم التهديد الصيني واستخدامه ذريعة لجر دول المنطقة إلى استراتيجية واشنطن في المحيطين الهندي والهادئ، من خلال اتفاقيات خبيثة تعمل على استغلال حاجات الدول الدفاعية، لنشر المزيد من أسلحة الردع الأميركية في المنطقة، كما جرى سابقاً عندما تم نشر منظومة "ثاد" الدفاعية في كوريا الجنوبية.

وأضاف: يبدو أن الأمر يتكرر الآن مع اليابان، بعد أن ناقش وزراء الخارجية والدفاع من كلا البلدين (واشنطن وطوكيو) في يوليو/تموز الماضي، إمكانية إدراج الأسلحة النووية في الأساليب الأميركية للدفاع عن اليابان ضد أي تهديد خارجي. وأوضح جيانغ قوه أن الصين تسير على نهج مواز أو استراتيجية مضادة لقطع الطريق أمام الأجندات الغربية الساعية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً مع اقتراب وتوافق بعض الدول من تحالف الرباعية.

ولفت إلى أنه في إطار الاستراتيجية الخارجية للصين، تريد بكين الاستفادة بشكل أفضل من نفوذها وعلاقاتها الجيدة مع جيرانها لتصويب توجهات هذه الدول بما ينسجم مع المصالح الحيوية في المنطقة التي لا تحتمل أي تدخل خارجي. وقال إن توليفة الأمن والسياسة تخدم التصورات والرؤى المشتركة لدول المنطقة التي تتقاسم نفس المخاوف، وإن كانت هناك فروقات واختلافات في وجهات النظر حول كيفية معالجة الأزمات والنزاعات القائمة. واعتبر أن من شأن النقاشات الأمنية تمكين الصين من تعميق فهمها لمخاوف جيرانها، والاطلاع بشكل مستمر ولصيق على توجهات هذه الدول، ومقارباتها للأزمات والصراعات الإقليمية والدولية.

نسخة باهتة

في المقابل، قال الخبير في الشؤون الآسيوية المقيم في هونغ كونغ، كاي فنغ، لـ"العربي الجديد"، إن آلية الحوار "2+2" الصينية ليست سوى نسخة باهتة من الآلية الأميركية التي تمكنت من خلالها واشنطن إنشاء تحالف رباعي، ضم اللاعبين الأساسيين في تثبيت وتعزيز استراتيجيتها بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي.

كاي فنغ: آلية الحوار "2+2" الصينية نسخة باهتة من الآلية الأميركية

وبشأن الاستراتيجية الخارجية للصين أوضح كاي فنغ أن بكين قد تسعى من خلال اعتماد هذه الآلية الجديدة إلى جس نبض جيرانها ومدى إمكانية التفافهم حولها كرأس حربة في مجابهة الهيمنة الأميركية. ولفت إلى أن ذلك قد ينجح مع دول صغيرة اقتصادها ضعيف ترغب في الاستفادة من الصين قوة اقتصادية، لكن لا يمكن أن يكتب لهذه الآلية النجاح مع دول أخرى فاعلة تنظر إلى بكين باعتبارها تهديداً، وتعتمد في مواردها العسكرية بصورة مباشرة على الولايات المتحدة.

المساهمون