تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لضغوط متزايدة، اليوم الاثنين، من أجل وقف مساعي حكومته لإدخال تعديلات كبيرة على النظام القضائي في البلاد، مع خروج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع.
وأثارت خطة التعديلات القضائية غضبا شعبيا لم يسبق له مثيل منذ تولي حكومة نتنياهو الائتلافية، المكونة من أحزاب يمينية متشددة ودينية، السلطة في أواخر العام الماضي، كما أثارت قلق حلفاء إسرائيل في الغرب.
ما هي مشكلة الحكومة مع النظام القضائي؟
يقول منتقدون للمحكمة العليا، ومن بينهم كثيرون في الحكومة الائتلافية، إن المحكمة ذات ميول "يسارية ونخبوية" وأصبحت شديدة التدخل في المجال السياسي، بينما تقدم ما تسمّيه أقطاب اليمين "حقوق الأقليات" على المصالح الوطنية في كثير من الأحيان.
ماذا تريد الحكومة الائتلافية؟
تسعى الحكومة لإدخال تعديلات من شأنها أن تحد من قدرة المحكمة العليا على إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح نواب أحزاب الحكومة الائتلافية مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة.
ويتعين حاليا على السياسيين والقضاة، الذين يشكلون لجنة اختيار القضاة، الاتفاق على التعيينات. ومن شأن المقترح الحالي أن يغير ذلك ويعطي الحكومة الائتلافية رأيا حاسما.
وقال نتنياهو، الذي مُنع رسميا من المشاركة في هذه العملية لأنه يُحاكم بتهم فساد ينفي ارتكابها، إن مثل هذه التغييرات تهدف إلى "تحقيق التوازن والتنوع" بين أعضاء هيئة المحكمة العليا. كما اتهم وسائل الإعلام بتشويه الخطة وتأجيج الاحتجاجات لإطاحة حكومته.
لماذا يحتج الكثير من الإسرائيليين؟
"الضوابط والتوازنات" الديمقراطية هشة نسبيا في إسرائيل التي لا يوجد لديها دستور، وإنما "قوانين أساسية" تستهدف فقط المساعدة في حماية أسسها الديمقراطية. وفي الكنيست (البرلمان) المكون من غرفة واحدة، تحظى الحكومة بأغلبية المقاعد بواقع 64 مقابل 56.
ويقول منتقدون إن التغييرات ستضعف المحاكم وتمنح الحكومة سلطة مطلقة، ما يعرض الحقوق والحريات الديمقراطية للخطر وتكون له آثار كارثية على الاقتصاد والعلاقات مع الحلفاء الغربيين الذين عبّروا بالفعل عن قلقهم.
كما أن اعتبار النظام القضائي غير مستقل يمكن أن يجرد إسرائيل من أحد دفاعاتها الرئيسية في القضايا القانونية الدولية المحتملة، والتي قد تشمل مزاعم بارتكاب جرائم حرب في صراعها الطويل مع الفلسطينيين.
ودعا وزير الأمن يوآف غالانت الحكومة، يوم السبت، إلى سحب التشريع، وقال إن الخلافات بشأن هذه الإجراءات تهدد أمن إسرائيل مع انضمام الآلاف من جنود الاحتياط إلى الاحتجاجات ورفضهم تلبية الاستدعاء للتدريب.
ما هي الأبعاد الأخرى؟
يخشى منتقدون من أن نتنياهو يريد الاستفادة من التعديلات القضائية لإبطال محاكمته في قضية الفساد أو ممارسة نفوذ في أي استئناف في المحكمة العليا، وقد نفى وجود مثل هذه النوايا.
وتريد الأحزاب اليهودية المتشددة في الحكومة الائتلافية إقرار قانون يعفي أفراد مجتمعهم من الخدمة الإلزامية في الجيش، وهي خطوة يخشون من احتمال أن تبطلها المحكمة العليا إذا لم تتقلص سلطاتها.
ولطالما شعر السكان المتطرفون في إسرائيل بأن المحكمة تطاردهم في ما يتعلق بالخدمة العسكرية.
ماذا بعد؟
كانت الحكومة تهدف إلى نيل التصديق النهائي على التغييرات المتعلقة باختيار القضاة بحلول الثاني من إبريل/نيسان، في الوقت الذي يقضي فيه نواب البرلمان عطلة الربيع. كما أُجّلت تغييرات أخرى، نال بعضها الموافقة في قراءة أولى في الكنيست من ثلاث لازمة للحصول على التصديق النهائي، إلى أن يجتمع البرلمان مرة أخرى في 30 إبريل.
لكن كان من المتوقع على نطاق واسع أن يجمّد نتنياهو التشريع اليوم بعد أن أدى قراره إقالة وزير الأمن، الذي اقترح تأجيل التعديلات، إلى خروج تظاهرة حاشدة في الشوارع. وقد دفع هذا أيضا أعضاء كباراً آخرين في حزبه للدعوة إلى وقف التعديلات، بينما نظمت النقابة العمالية الرئيسية إضرابا.
(رويترز، العربي الجديد)