التطبيع كشهادة حسن سلوك

11 أكتوبر 2020
يُلاحق الأسد بكمّ كبير من القضايا المتعلقة بجرائم الحرب (محمد الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن رئيس النظام السوري بشار الأسد قد قرأ العرض "التهديدي" الأميركي له قبيل تطبيق "قانون قيصر" في يونيو/حزيران الماضي، بضرورة تغيير سلوكه إذا كان يريد تفادي تبعات هذا القانون، وذلك انطلاقاً من المصلحة الأميركية في سورية، أي من بوابة إظهار حسن النوايا تجاه إسرائيل، والاستعداد للتطبيع معها، مقابل تغاضي واشنطن عن كل جرائمه تجاه السوريين.

وبعدما تجاهل الأسد كل مطالب المجتمع الدولي المتعلقة بدفع العملية السياسية في سورية، عمد إلى محاولة استصدار شهادة حسن سلوك له من خلال توجيه رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل، يؤكد خلالها استعداده للتطبيع مع الاحتلال والتخلي عن القضية الفلسطينية كقضية مركزية، وعن شعارات المقاومة والممانعة والتصدي التي كان يعيش عليها نظام آل الأسد طوال السنوات الخمسين الماضية. وعلى غير عادة النظام في سورية، لم تصدر عنه أي بيانات تندد أو تستنكر تطبيع البحرين والإمارات مع إسرائيل، بل اكتفى النظام بتعليق لبثينة شعبان، المستشارة الإعلامية للأسد، بأنها لا تعلم ما هي مصلحة أبوظبي بهذا التطبيع، الأمر الذي عده الكثير من المراقبين تحوّلاً في خطاب النظام تجاه تل أبيب نحو قبول التطبيع معها.

ولم يتوانَ الأسد عن استغلال حواره مع وكالة روسية قبل أيام لتوجيه رسائل للولايات المتحدة لمحاولة الحصول على شهادة حسن السلوك، ففي رده على سؤال بشأن التطبيع مع إسرائيل أغفل القضية الفلسطينية كلها، واكتفى بربط التطبيع بحل قضية الجولان، وذلك في رسالة واضحة بأن نظامه معني فقط بما يخص الأراضي السورية وأن قضية فلسطين قد أسقطها من حساباته.

يبدو واضحاً من أداء الأسد أنه مستعد لتقديم أي تنازلات مقابل السماح له بالترشح لفترة رئاسية جديدة وإعادة تأهيل نظامه دولياً، إلا أن المعضلة الكبرى في العرض الأميركي تبدو في القضايا التي لا يمتلك الأسد القرار في تطبيقها، وفي مقدمتها فك ارتباطه مع إيران وإخراج قواتها من سورية. كما أن إعادة تأهيل الأسد ضمن المجتمع الدولي حالياً تصطدم بالكم الكبير من القضايا التي تلاحقه، والمتعلقة بجرائم الحرب واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، والتي يعمل عدد من الدول والمنظمات الدولية على متابعتها ضمن المحاكم المختصة، الأمر الذي يجعل من اللعب على وتر التطبيع مع إسرائيل شرطاً غير كافٍ لاستمرار هذا النظام.

المساهمون