بحثت شخصيات سياسية ووطنية اليوم السبت، الدروس المستفادة والمستخلصة، بعد عشرات سنوات على انتخابات 2011. ونظمت الشبكة الأورومتوسطية للحقوق، مؤتمراً حضره رئيس الهيئة العليا للانتخابات نبيل بفون، وأغلب الرؤساء السابقين للهيئة، وكذلك الرئيس السابق للمجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، وعدة وجوه سياسية وحزبية من بينها رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.
وقال رئيس مجلس النواب السابق مصطفى بن جعفر في افتتاح المؤتمر: "إننا نعيش اليوم أزمة ثقة، فلا أحد يثق في الآخر، وغياب الثقة موجود حتى بين المواطن والأحزاب، والأخطر عندما يكون بين المواطن والمؤسسات، والإشكال أن الأزمة انعكست على المسار الديمقراطي، فالبعض يحن حتى لما قبل الثورة وهو ما يجعلنا أمام مفارقات، من بينها أن الانتخابات تفرز شخصيات منتخبة ولكن لا أحد للأسف يرضى بالنتائج، وهذا لا يمكن أن يبني الديمقراطية".
وأكد جعفر أن "الجميع خلال هذا المسار يتدرب لأن ثقافة الديمقراطية جديدة"، مشيرا إلى أن "المنظومة الحزبية أسسها غير سليمة، وهناك أحزاب تتأسس بمناسبة الانتخابات"، مشيراً إلى أن "المال الفاسد أيضا حرم الأحزاب من تكافؤ الفرص وجزء من الإعلام منحاز ولم يكن محايدا".
وبين أن" ما عشناه من أزمات متلاحقة يعود إلى الدستور الذي لم يُحترم بأي شكل، وحتى المؤسسات والهيئات المراقبة لم يكن مرغوبا فيها"، مؤكدا أننا "وقفنا عند التأسيس ولم نتقدم".
في سياق متصل، أكد بن جعفر في تصريح لـ"العربي الجديد " أن "تجاوز الأزمة الحالية التي تعيشها تونس يكون بالتشخيص الصحيح ومعالجة الوضع"، مبينا أننا "عشنا في إطار الفوضى ولدينا أحزاب دون مراقبة ولا نعرف إن كانت ديمقراطية أو لا"، مشيرا إلى أن "هذا يتطلب أجواء هادئة ونظاما ديمقراطيا".
وأوضح أنه" لا بد من الانطلاق في أقرب وقت في الإصلاح وهذا يتطلب مراجعة النظام الانتخابي وقانون الأحزاب وفق قواعد صحيحة".
من جهته، قال رئيس الهيئة العليا للانتخابات، نبيل بفون في كلمة ألقاها إن تكلفة الانتخابات التشريعية والرئاسية كانت نحو 100 مليون دينار تونسي، مبينا أن هناك عدة تحديات واجهت الهيئة من بينها وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي والانتخابات بالخارج، حيث يجب إيصال وتوفير المعدات هناك، مشيرا إلى أن انتخابات 2019 طرحت تحديات جديدة من بينها مسألة حياد الإدارة أو عدمه وطرح ولأول مرة وجود مترشح في السجن.
وبين أنه "كثر الحديث عن الخروقات والمال الأجنبي، ولكن لدى الهيئة 1400 مراقب، وكانت هناك تقارير غطت أغلب التجاوزات، ووجد في التشريعية قائمتان تم إسقاطهما، أما بقية المخالفات فلا تزال جارية في المحاكم".
وأوضح بفون في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "في صورة تنظيم انتخابات برلمانية سابقة لأوانها فلا بد من حل البرلمان لأنه لا يمكن وجود شرعيتين معا"، مضيفا أنه "في صورة اللجوء إلى الاستفتاء فقد نظمه القانون ورأي الهيئة الاستشاري وجوبي".
وقال رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات، شوقي قداس في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن تركيز ديمقراطية حقيقية في غضون 10أعوام، فالمسار طويل ويتطلب على الأقل ضعف المدة"، مبينا أن "المسار صعب ويشهد تجاذبات ولكن لا يجب أن ننسى الى أين نسير؟ أي الهدف وهو مجتمع ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات"، مشيرا إلى أن "المسار مستمر ونحن بصدد البناء من أجل دولة ديمقراطية".
وقال رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، رامي الصالحي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن" عشر سنوات بكل الإشكاليات والصعوبات لم تكن كافية لبناء ديمقراطية، بل هي مرحلة في المسار الديمقراطي، واليوم هناك خطر يهدد المسار وهو ما يستدعي تشريك الأحزاب والمنظمات وليس الخضوع لمنطق الإقصاء"، مؤكدا أن "هذه المرحلة يجب أن تواصل البناء وألا تحصل قطيعة مع ما سبق".
وبين أن "حكم الشخص الواحد مرفوض ولا يمكن قبول أن من يقوم بالحوار هو الشخص الواحد، مشيرا إلى أن هذا سيكون أخطر ما يحصل، وديمقراطية 10 سنوات لم تكن كلها فاسدة بل هي بداية تركيز المسار".