البرلمان المصري يختتم أعماله: ملاحقات قضائية تنتظر النواب

15 ديسمبر 2020
سقوط 201 نائب في انتخابات المجلس الجديد (أسماء وجيه/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب المصري، أمس الإثنين، فضّ دور الانعقاد السادس (الأخير) من الفصل التشريعي الحالي، في ختام جلسات البرلمان اليوم الثلاثاء، والمقرر أن تشهد تصويتاً نهائياً على حزمة من الاتفاقيات الدولية التي وقّعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بهدف حصول بلاده على مزيد من القروض الخارجية، لتمويل مشروع "مونوريل" العاصمة الإدارية الجديدة، وهو قطار معلق يعمل بالكهرباء، ويسير في اتجاه واحد.
وقال مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، إن الجلسة الختامية ستشهد وصلات من الثناء والشكر لرئيس الجمهورية "على ما قدمه من دعم لمجلس النواب في فصله التشريعي المنقضي"، بداية من رئيس المجلس علي عبد العال، مروراً بممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب، وصولاً إلى رؤساء اللجان النوعية في المجلس، عرفاناً من رئيس وأعضاء المجلس لدور السيسي، وأجهزته الأمنية، في تسهيل عملية إعادة انتخابهم في البرلمان الجديد. وأضاف المصدر أنه "بإعلان رئيس مجلس النواب فضّ دور الانعقاد الأخير، ونشر القرار في الجريدة الرسمية بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه، تسقط الحصانة النيابية عن نحو 405 نواب من مجموع 568 نائباً، بعد سقوط 201 نائب في انتخابات المجلس الجديد، وعدم ترشح 204 آخرين للانتخابات من الأصل، ما يُنذر بتعرض العديد منهم للملاحقات القضائية، على خلفية تقديم بلاغات عديدة ضدهم للنائب العام".


بعد فضّ دور الانعقاد الأخير، تسقط الحصانة النيابية عن نحو 405 نواب من مجموع 568

وأفاد المصدر بأن النائبين أحمد الطنطاوي وهيثم الحريري، يتصدران قائمة الملاحقات المنتظرة، بسبب مواقفهما المعارضة لسياسات النظام خلال السنوات الخمس الماضية، وتوجيه العديد من الاتهامات إليهما في بلاغات مقدمة إلى النائب العام. هذه الاتهامات حالت الحصانة النيابية سابقاً دون فتح التحقيق فيها، وتتعلق بتهم "ملفقة"، بحسب المصدر، مثل "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض ضد الدولة". وتابع المصدر أن رئيس نادي الزمالك المصري، مرتضى منصور، هو أبرز النواب المهددين بالملاحقة القضائية، بسبب تقديم العشرات من البلاغات ضده في أوقات سابقة، ورفض البرلمان أكثر من 20 طلباً مقدماً من النيابة العامة بالإذن برفع الحصانة عنه، للتحقيق معه في العديد من القضايا والبلاغات المتهم فيها بـ"السب والقذف"، و"إهانة مؤسسات الدولة والشعب المصري"، و"الاستيلاء على المال العام".

وبحسب المصدر نفسه، تشمل قائمة النواب المهددين: الإعلامي الهارب في فرنسا عبد الرحيم علي، الذي سُرّبت له محادثة هاتفية يتطاول فيها على السيسي وعلى الأجهزة الأمنية، والمخرج الموجود في السعودية حالياً خالد يوسف، على وقع تورطه في قضية تتعلق بتسريب "مقاطع جنسية فاضحة"، وسعيد حساسين الصادرة بحقه أحكام قضائية في 11 قضية نصب، وإصدار شيكات من دون رصيد، ونعمت قمر المتهمة بالاستيلاء على نحو 2.7 مليون جنيه نظير بيع 57 تأشيرة حج "مجانية".

ويصوّت البرلمان نهائياً على قرار السيسي رقم 642 لسنة 2020، بشأن اتفاق تسهيل قرض بقيمة مليار و885 مليوناً و630 ألفاً و553 يورو، لسداد مدفوعات المشتري لمقاول الهندسة والتوريد والتشييد بخصوص مشروعي "مونوريل"، أولهما يبدأ من مدينة السادس من أكتوبر، وينتهي في منطقة المهندسين بالجيزة بمسافة 42 كيلومتراً، والثاني يبدأ من استاد القاهرة الدولي بالقاهرة، وينتهي في العاصمة الإدارية الجديدة بمسافة 53 كيلومتراً.

ووقّع الاتفاق في 13 أغسطس/آب الماضي بين الهيئة القومية للأنفاق في مصر (بصفتها المقترض) من جهة، و"جي بي مورغان يوروب لميتد" (وكيل التسهيلات) ومصرف "جي بي مورغان تشايس إن إيه" فرع لندن (المنظم الرئيسي المفوض الأولي)، ومؤسسات مالية أخرى محددة (المقرضون الأصليون) من جهة أخرى. ويهدف الاتفاق إلى سداد المدفوعات المتعلقة برسوم دعم الهيئة البريطانية، لتمويل الصادرات الخاصة بمسألة الضمان الممنوح للمقرضين.

وتشمل قروض العاصمة الإدارية الجديدة، الجاري تأسيسها شرق مدينة القاهرة، قرضاً صينياً من مصرف "إكزيم" بقيمة 1.2 مليار دولار لإنشاء القطار الكهربائي، وآخر لتمويل تصميم وإنشاء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الجديدة بإجمالي 3 مليارات دولار، وثالث مع 3 مصارف ألمانية بقيمة 4.1 مليارات يورو لتمويل إنشاء 3 محطات كهرباء تعمل بنظام الدورة المركبة، إحداها في العاصمة الإدارية.


يصوت البرلمان على حزمة اتفاقات قروض خارجية وقعها السيسي

وقفز الدين الخارجي لمصر بنسبة 12.2 في المائة في الربع الأخير من العام المالي المنقضي (2019-2020)، ليسجل 123.49 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، مقابل 111.29 مليار دولار في مارس/آذار السابق عليه، جرّاء توسع الحكومة في الاقتراض دولياً. إذ تخطت إجمالي القروض منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا حاجز الـ21 مليار دولار. وتعد مصر مطالبة بسداد التزامات خارجية بنحو 13.94 مليار دولار، و12.613 مليار دولار، خلال العامين المقبلين على الترتيب.

في موازاة ذلك، يصوت مجلس النواب على قرار السيسي رقم 74 لسنة 2019، بشأن الموافقة على الاتفاق الموقع بين مصر وروسيا في مدينة سوتشي الروسية، بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2018، حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين، ويهدف إلى تنظيم زيارات متبادلة على مستوى رؤساء الدول على أساس منتظم، مرة واحدة على الأقل في العام بالتناوب في موسكو والقاهرة لمدة 10 سنوات. كما نصّ على "تنظيم حوار سياسي بشكل منتظم مرتين على الأقل سنوياً، ليشمل مشاورات بين وزراء الخارجية بالتناوب في عاصمتي الدولتين، وعقد مشاورات (2 + 2) بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، بالإضافة إلى تسهيل الاتصالات بين البرلمانين المصري والروسي، فضلاً عن عقد اجتماعات سنوية للجنة الروسية المصرية المشتركة للتجارة، والتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، وتعاون مجالس الأعمال في كل دولة".

وتتعهد القاهرة وموسكو بحسب الاتفاق بـ"المساعدة في تهيئة الظروف للتجارة الحرة والاستثمار الفعال، وإيلاء اهتمام متزايد بمشاريع البنية التحتية، خصوصاً في قطاع الطاقة"، علاوة على تطوير التعاون بين البلدين في المجالين العسكري والعسكري التقني، مع الأخذ في الاعتبار المصالح المتبادلة والدولية.

ويصوت المجلس كذلك على قرار السيسي رقم 644 لسنة 2020، بشأن الموافقة على ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط، الموقع في القاهرة بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول الماضي، ويستهدف إحلال تطبيع مرحب به في العلاقات في المنطقة، من خلال تعزيز وتطوير قطاع الغاز الطبيعي في دولة الاحتلال، وما سيصاحب ذلك من زيادة صادرات الغاز من إسرائيل إلى جيرانها وأوروبا.

ونصّ الاتفاق على "وضع برنامج من أجل صياغة السياسات الإقليمية في ملف الغاز الطبيعي، ودعم مجهودات الدول المنتجة، أو التي لديها احتياطات من الغاز بالمنطقة، من أجل التعجيل باستثمار الاحتياطي الحالي والمستقبلي". ويهدف المنتدى إلى "مساعدة الدول المستهلكة للغاز على تأمين احتياجاتها، والاشتراك مع دول العبور من أجل إتاحة شراكة مستدامة بين الأطراف الأساسية المعنية بصناعة الغاز في المنطقة، ودعم تشكيل سوق إقليمي للغاز".

كما يصوت على قرار السيسي رقم 643 لسنة 2020، بشأن الموافقة على اتفاقية منحة المساعدة بين مصر والولايات المتحدة عن الحوكمة الاقتصادية الشاملة، الموقعة في القاهرة بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2019. وتهدف الاتفاقية إلى التركيز على الأنشطة التي تُعزز الشمولية والشفافية في نظم الحوكمة المصرية، والمتمثلة في كل من الحوكمة الاقتصادية والمحاكم الاقتصادية، وتمكين المرأة والفتيات، ودعم المجتمعات المهمشة.

وأخيراً، يصوت البرلمان المصري نهائياً على قرار السيسي رقم 660 لسنة 2020، بشأن الموافقة على قرار مجلس محافظي صندوق التنمية الأفريقي رقم 2/2020، المعتمد بتاريخ 15 مايو/ أيار الماضي، حول التجديد الخامس عشر لموارد الصندوق، وعلى أداة اكتتاب مصر في هذا التجديد بمبلغ مليوني دولار أميركي.


جارت التشريعات التي وافق عليها المجلس في مجملها على المواطن المصري البسيط

وحصل "العربي الجديد" على إحصائية أعدتها الأمانة العامة لمجلس النواب المصري، بشأن إجمالي عدد التشريعات التي أقرّها المجلس في فصله التشريعي الحإلي، الذي بدأ في العاشر من يناير/ كانون الثاني 2016. وجارت التشريعات التي قُدمت غالبيتها الكاسحة من الحكومة، في مجملها على المواطن المصري البسيط بشكل واضح، خصوصاً في ما يتعلق بفرض الرسوم الإضافية على الفقراء والمهمشين. في حين لم يكترث أعضاء البرلمان الموالون للسيسي بالاتهامات التي طاولتهم، سواء بمخالفة الدستور، أو تأييد قرارات رفع الأسعار، من دون اعتبار للفقراء الذين يئنون تحت وطأة الغلاء، كونهم يعلمون جيداً أن النظام هو صاحب الكلمة الفصل في مسألة تجديد انتخابهم أو عدمه.

ووافق مجلس النواب على 341 قراراً بقانون خلال الـ15 يوماً الأولى من انعقاده، بالإضافة إلي 891 تشريعاً على مدار 5 سنوات، بإجمإلي 10 آلاف و556 مادة، مقسمة بواقع: 82 تشريعاً و1226 مادة في دور الانعقاد السنوي الأول، و219 تشريعاً و2354 مادة في دور الانعقاد الثاني، و197 تشريعاً و2757 مادة في دور الانعقاد الثالث، و156 تشريعاً و1701 مادة في دور الانعقاد الرابع، و237 تشريعاً و2518 مادة في دوري الانعقاد الخامس والسادس (منقوص). فيما وافق البرلمان على 308 اتفاقيات دولية، أغلبها من اتفاقيات القروض الدولية التي تحمل الأجيال المقبلة مزيداً من الديون، فضلاً عن اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وذلك بواقع 27 اتفاقية في الدور الأول، و65 اتفاقية في الدور الثاني، و66 اتفاقية في الدور الثالث، و65 اتفاقية في الدور الرابع، و85 اتفاقية في الدورين الخامس والسادس.