استمع إلى الملخص
- **تخوفات من إفراغ القانون من مضمونه**: القوى السياسية والمجتمعية تتخوف من إفراغ القانون من محتواه بفعل ضغوط سياسية، مع تأكيدات من اللجنة القانونية على ضرورة صياغة قانون لا يهدد أمن المجتمع.
- **مطالبات بإصلاحات قانونية وعدالة**: القوى السياسية السنية تطالب بمحاكمات عادلة وإعادة النظر في الأحكام، وسط معارضة من قوى الإطار التنسيقي، مما يضع قانون العفو العام في مصير غامض.
أرجأت رئاسة البرلمان العراقي للمرة الثالثة، إدراج قانون العفو العام على جدول أعمال جلساته، وذلك بعد رفعها من فقرات الجلسة يوم أمس السبت، دون توضيح رسمي. وقالت مصادر من داخل البرلمان لـ"العربي الجديد"، إن عملية تأجيل القراءة لقانون العفو العام، جاءت بطلب من عدد من الأعضاء عن المكون الإيزيدي الذين رفضوا فتح الملف في الذكرى السنوية العاشرة لجريمة خطف وقتل الإيزيديين على يد تنظيم داعش.
ووفقا للمصادر ذاتها فإن البرلمان العراقي قرر إدراج الفقرة يوم غد الاثنين، في جدول أعمال البرلمان، وسط ترقب لعشرات آلاف العراقيين من ذوي السجناء الذين انتزعت منهم الاعترافات بالتعذيب أو دينوا بواسطة ما يُعرف بـ "المخبر السري"، الذي اعتمدته حكومة نوري المالكي بشكل رئيس بين 2006 و2014. وهذه المرة الأولى التي يُفتح فيها ملف العفو العام في البرلمان، بعد سنين من عرقلة الأحزاب والجماعات القريبة من طهران، بذرائع من بينها إخراج الإرهابيين من السجون، بالرغم من التشديد المتواصل على أن القانون لن يشمل المتورطين بالإرهاب.
رغم ذلك، فإن القوى السياسية والمجتمعية والمدنية، تتخوف من احتمال إفراغ المشروع من محتواه وعرقلة التصويت عليه، ومحاولة تعطيله أو إخفائه من ملفات الجلسات البرلمانية المقبلة، بفعل ضغوط من قبل قوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لطهران، تدّعي أنه يسهم في إرباك الوضع السياسي والاجتماعي والأمني.
من جانبه، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز لـ"العربي الجديد"، إن "مناقشة قانون العفو العام أو التعديل على صيغة القانون من واجبات اللجنة القانونية، ومن المفترض أن تجرى قراءات على مشروع القانون من أجل الوصول إلى صيغة لا تهدد أمن المجتمع وتمنح الأبرياء الحرية ولا تؤثر على قرارات القضاء"، مشيرًا إلى أن "الأسباب الموجبة للتصويت على هذا القانون موجودة وحقيقية وكثيرة، ولعل أبرزها الاتهامات الكيدية واكتظاظ السجون، لكن المشروع يخضع أيضاً للإرادات السياسية".
تخوفات من إفراغ قانون العفو العام من مضمونه
أما رئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون، فقال إن "أي مادة ستأتي في قانون العفو العام وتتيح للفاسدين الخلاص من قضاياهم بأموالهم، سنطعن بها في المحكمة الاتحادية (أعلى سلطة قضائية في العراق)، وأضاف خلال مؤتمر صحافي: "لا نقبل بأن ينجو الفاسد بأمواله"، مبيناً أن "بعض الفاسدين سرقوا منذ سنوات، ومن ثم استخدموا أموال السرقة في العديد من الاستثمارات، وليس من الإنصاف إعطاء جرعة الحياة للفاسدين، وأن من سرق مرة سيسرق ألف مرة".
في غضون ذلك، قال الناشط السياسي أمير الدعمي، في منشور على منصة إكس "إن قُرئ وإن لم يُقرأ سواء، قانون العفو العام المزمع تعديله فارغ من مضمونه لا يرتقي ليسمى عفوا، أما أن يقر بصيغة قانون رقم 19 لسنة 2008 أو أن ينسى ويرفع إلى الأبد، دون أن تؤمّلوا الناس بوهم".
ان قرأ وان لم يقرأ سواء .. قانون العفو العام المزمع تعديله فارغ من مضمونه لا يرتقي ليسمى عفو !!
— Ameer aldaami (@AldaamiAmeer) August 3, 2024
اما ان يقر بصيغة قانون رقم ١٩ لسنة ٢٠٠٨ او ان ينسى ويرفع الى الابد !!!
دون ان تأملوا الناس على وهم !!!
وخلال السنوات الماضية تم الزج بآلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تطالب القوى السياسية العربية السنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صدرت بحقهم، وهذا ما تعارضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في الإطار التنسيقي، وهو التحالف الحاكم في العراق.
وفي وقت سابق، صدر بيان عن مكتب رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، أكد فيه "إجراء مراجعة قانونية للقانون، بهدف تعريف جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية، لتشمل كل من ثبت أنه (عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وُجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية)".
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية خاصة من طرف الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.