أخفق البرلمان العراقي، اليوم الأربعاء للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع، في المضي بجلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقدها بواقع 220 نائباً من أصل 329 نائباً.
ويضع الإخفاق الجديد الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ نحو 5 أشهر أمام منعطفات جديدة بعد تلويح كتل سياسية بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات جديدة مبكرة، وقوى أخرى طرحت الذهاب إلى المحكمة الاتحادية العليا بالبلاد بشأن الفراغ الدستوري المترتب عن الإخفاق باختيار رئيس جديد للجمهورية الذي يتولى بعد تسميته تكليف الكتلة الأكبر تشكيل الحكومة.
وأخّرت رئاسة البرلمان انعقاد الجلسة المفترضة في الساعة الحادية عشرة صباحاً بالتوقيت المحلي لمرتين، أملاً بوصول نواب الكتل السياسية، والنواب المستقلين أيضاً، الذين حاول استمالتهم تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يجمع كلاً من "التيار الصدري"، و"الحزب الديموقراطي الكردستاني"، وتحالف "السيادة".
وعلى عكس التوقعات، كان الحضور الفعلي داخل قبة البرلمان أقل من حضور جلسة السبت السابقة، التي شارك فيها 202 نائب، حيث أكد مراسل "العربي الجديد" عدم تجاوز إجمالي النواب المشاركين في الحضور عتبة الـ 180 نائباً.
وقررت رئاسة البرلمان تحويل الجلسة إلى عادية وإلغاء الفقرة المخصصة للتصويت على رئيس الجمهورية، فيما شاهد مراسل "العربي الجديد"، عدداً من زعماء الكتل البرلمانية يغادرون مبنى البرلمان في تأكيد لإخفاق تمرير استحقاق تسمية رئيس جديد للبلاد.
وعقب فشل جلسة البرلمان، اليوم الأربعاء، خاطب زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، قوى "الإطار التنسيقي"، بالقول إنه لن يتوافق معهم.
وأضاف: "لن أتوافق. التوافق معكم يعني نهاية البلد. لا للتوافق بكل أشكاله، فما تسمونه الانسداد السياسي أهون من التوافق معكم وأفضل من اقتسام الكعكة معكم، فلا خير في حكومة توافقية أو محاصصاتية".
وتابع مخاطباً الشارع العراقي بالقول: "أيها الشعب، لن أعيدكم إلى مأساتكم السابقة، وذلك وعد غير مكذوب. الوطن لن يخضع للتبعية والاحتلال والتطبيع والمحاصصة، والشعب لن يركع لهم على الإطلاق".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) March 30, 2022
على الجانب الآخر، تجمّع أعضاء قوى "الإطار التنسيقي"، في منزل رئيس تحالف "الفتح"، هادي العامري، بالتزامن مع تحضير البرلمان لعقد جلسته في رسائل تأكيد لمقاطعتهم الجلسة البرلمانية. وشارك زعماء كتل سياسية في التجمع النيابي المقاطع الذي تجاوز عددهم الـ 80 نائباً، أغلبهم من كتل "دولة القانون"، و"الفتح"، مقابل استمرار قوى أخرى أبرزها "الاتحاد الإسلامي الكردستاني"، و"الجبهة التركمانية" فضلاً عن نواب مستقلين، في مقاطعة الجلسة.
وقال زعيم تحالف "الفتح"، هادي العامري في مؤتمر صحافي الأربعاء إن تحالف "الإطار التنسيقي"، سيطرح مبادرة "تسهم بالخروج من الأزمة السياسية الحالية، وهي الآن قيد البحث، وستسهم بالخروج من الأزمة السياسية الحالية"، دون أن يكشف عن محتواها.
وأضاف العامري على هامش تجمعه مع نواب قوى "الإطار التنسيقي"، ببغداد ضمن ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل": "نؤكد ضرورة أن تكون هناك معارضة حقيقية في البرلمان لتقويم العملية السياسية"، كاشفاً عن وجود تواصل مع زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني.
وتابع العامري أن "جلسة السبت لم تتحقق، والنصاب القانوني لن يتحقق أيضاً لجلسة اليوم، وهذا يضعنا أمام إجراء الحوارات للخروج من المأزق".
وقال النائب في البرلمان عن "الإطار التنسيقي"، جاسم الموسوي، في حديث مقتضب لـ"العربي الجديد"، إنه "لا خيار سوى التوافق السياسي، بعد فشل الجلسة الثانية للبرلمان على التوالي"، مضيفاً أن "الخروج من الأزمة هو تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان من قبل القوى السياسية للمكون الشيعي"، وفقاً لتعبيره.
ويُصر تحالف "الإطار التنسيقي"، على اندماج "التيار الصدري" في كتلة واحدة تتولى تشكيل الحكومة، على اعتبار أن رئاسة الحكومة من "استحقاق المكون السياسي الشيعي"، وفقاً للعرف السائد بالعملية السياسية بعد الغزو الأميركي للعراق، عام 2003، لكن الصدر، الذي تحالف أخيراً مع "القوى السياسية العربية السنية والكردية"، يرفض العودة إلى ما يسميه "حكومات التوافق" ويتمسك بمشروع "حكومة الأغلبية الوطنية".
في المقابل، كشف عضو في البرلمان العراقي عن "التيار الصدري"، عمّا وصفه بـ"بداية اتصالات محدودة بين عدد من القيادات السياسية مع زعيم التيار مقتدى الصدر، أملاً بالتوصل إلى تفاهمات".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، شرط عدم كشف اسمه، أن "قبول تحالف "إنقاذ وطن"، بالعودة إلى طاولة المفاوضات قد يفهم منه أنه إقرار بالهزيمة وعدم تمكنه من تمرير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لكن بالنسبة إلينا هناك ثوابت لن نتفاوض عليها، من أبرزها حكومة الأغلبية، وأن يكون رئيس الوزراء مرشحاً من خلال الكتلة الصدرية حصراً".
وأخفق البرلمان العراقي، السبت الماضي، في عقد جلسة التصويت على اختيار رئيس الجمهورية، لعدم اكتمال نصابها، ما دفع رئاسة البرلمان إلى تأجيل التصويت إلى اليوم الأربعاء، الأمر الذي عدّه الإطار التنسيقي "انتصاراً" للثلث المعطّل.
ووفقاً لقرار المحكمة الاتحادية، فإن جلسة اختيار رئيس الجمهورية يجب أن يكون نصابها ثلثي أعضاء البرلمان، 220 نائباً من أصل 329، وهو ما لم يتحقق، على الرغم من دعوة مقتدى الصدر، النواب المستقلين إلى الحضور.
وحاول تحالف "إنقاذ وطن" التحشيد لعقد الجلسة، بدعوة النواب المستقلين إلى حضورها. وسعى التحالف للتصويت لمرشحيه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، وجعفر الصدر لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة، على الرغم من مقاطعة "الإطار التنسيقي" الذي سعى بدوره لتحقيق "الثلث المعطل" وإفشال الجلسة، من خلال الضغط على النواب المستقلين لعدم حضورها.