الانتخابات المحلية الجزائرية 2021: لماذا لا تثير الأحزاب قضايا الحريات والديمقراطية؟

20 نوفمبر 2021
قضايا الحريات كانت في صدارة مطالب الحراك الشعبي (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تأخذ قضايا مثل الحريات والمطالب الديمقراطية والاعتقالات والملاحقات ضد الناشطين وإغلاق المجال الإعلامي في الجزائر حيّزاً لافتاً من النقاش خلال حملة الدعاية للانتخابات المحلية المقبلة المقررة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، رغم أنها كانت في صدارة مطالب الحراك الشعبي.

واقتصرت المرافعة بشأن هذه القضايا على خطابات عدد قليل من أحزاب المعارضة السياسية، فيما أبدت قيادات أحزاب الموالاة، مثل "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، تجاهلاً تاماً لقضايا الحريات في هذه الحملة الانتخابية.

وأبقى أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية؛ "جبهة القوى الاشتراكية"، على قضايا الحريات واعتقالات الناشطين السياسيين ورفع التضييق عن وسائل الإعلام في صدارة الملفات التي تثيرها قيادات الحزب خلال التجمعات الانتخابية، حيث لا تأمل قياداته في تحقيق تغيير سياسي جدي إزاء ما تصفها بـ"الأزمة متعددة الجوانب".

وفي هذا السياق، اعتبر الأمين الوطني الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، اليوم السبت، في تجمع شعبي للدعاية لقوائم الحزب بولاية البويرة قرب العاصمة الجزائرية، أنّ حديث الرئيس عبد المجيد تبون (للمجلة الألمانية دير شبيغل) بأنه حقق مطالب الحراك "أمر مجانب للحقيقة".

وتساءل "كيف استجبتم لمطالب الحراك الشعبي وإخواننا بالمئات في السجون؟ وكيف استجبتم لمطالب الحراك والحريات الفردية والجماعية تقمع؟ لا يمكن الحديث عن استجابة للحراك الشعبي ونحن لم نكرّس التغيير الجذري الحقيقي السلمي لمنظومة الحكم، ونحن نشاهد الفشل والمآسي المتجددة في البلاد".

وأضاف سكرتير الحزب، الذي يشارك في الانتخابات المحلية بعد مقاطعته الاستحقاقات الانتخابية الثلاثة الماضية منذ رئاسيات ديسمبر/كانون الأول 2019: "على صناع القرار أن يدركوا أنه لا يمكننا الذهاب إلى مستقبل أفضل ومزدهر من دون انخراط كل الجزائريين، بمختلف مشاربهم السياسية، في بناء مسار تأسيسي يمكّننا من وضع الأسس الصلبة التي تبنى عليها جزائر الجميع".

"ديمقراطية مزيفة"

ثاني الأحزاب السياسية الذي يثير قضايا الحريات خلال الحملة الانتخابية "حركة مجتمع السلم"، التي اختارت صف المعارضة بعد الانتخابات النيابية الماضية، إذ تشدد قيادات الحركة على ملف إطلاق الحريات، وتحرير المبادرة السياسية، ووقف القمع، والإغلاق الإعلامي الذي تفرضه السلطة منذ أشهر.

واعتبر رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، في تجمع انتخابي بولاية البيض شمالي البلاد، أنّ "أكبر خطأ يقع فيه النظام السياسي هو محاولة خلق مجتمع مدني زبوني ومستبد"، مشدداً بالقول "نريد مجتمعاً مدنياً يعبّر عن احتياجات الناس".

واتهم مقري السلطة بأنّها "ترفض تحرير الساحة السياسية وتحاول فرض ديمقراطية مزيفة"، وقال "هناك من لا يزال يؤمن بالتعددية الحزبية، ويريد فرض إرادة فوقية على الأحزاب، ويريدها أن تبقى مجرد واجهات سياسية".

ومن اللافت أنّ باقي الأحزاب السياسية المحسوبة على الحكومة، كـ"حركة البناء" و"جبهة المستقبل"، تثير القضايا السياسية بخجل مضمور.

لماذا يغيب النقاش السياسي عن الانتخابات المحلية الجزائرية؟

ويفسّر بعض المحللين غياب النقاش السياسي خلال حملة الانتخابات المحلية الجزائرية، حول المطالب الديمقراطية والحريات وتحرير الصحافة ووقف التضييق على الأحزاب والمجتمع المدني، بأنّه يرتبط بطبيعة الانتخابات المحلية نفسها التي يتركّز فيها النقاش على قضايا أخرى.

وقال الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة الجزائر سيف الدين عبدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الخطاب السياسي في الانتخابات المحلية "مختلف، لكون الانتخابات البلدية والولائية تفرض نقاشاً مركّزاً على المشاكل المعيشية والخدمية للسكان، ووضعية البنى التحتية في البلديات والقوانين الناظمة لعمل المجالس البلدية".

لكن الأستاذ الجامعي يعتبر أنّ "العامل الرئيسي في غياب الملف عن النقاش الانتخابي هو أنّ الحديث عن الحريات يحرج السلطة، كما أنّ السلطة تريد من الأحزاب التصرف كأجهزة لإحداث الديناميكية الانتخابية، من دون الحديث عن القضايا الكبرى، مثل الحريات وإغلاق المجالين السياسي والإعلامي واستقلالية العدالة، وحتى نقد الوضع الاجتماعي والاقتصادي أصبح يضع صاحبه في دائرة الاستهداف".

وأشار عبدي إلى أنّ "أغلب الأحزاب الموالية في هذه الانتخابات، وبالنظر إلى حساسية هذه الملفات للسلطة، لا سيما في ظل الظرف السياسي المتعلّق بوجود أزمات سياسية مع فرنسا والمغرب، دفع الكثير منها إلى عدم إثارة ملف الديمقراطية والحريات لتجنّب إحراج داخلي للسلطة، يمكن أن يستغل في الدعاية الموجهة ضد الجزائر"، بحسب رأيه.

المساهمون