تشير النتائج غير الرسمية للانتخابات الإسرائيلية العامة، التي جرت أمس الثلاثاء، إلى أن معسكر بنيامين نتنياهو سيشكل الحكومة القادمة. ووفقاً لفرز أكثر من 97% من الأصوات يتوقع ألا يقل عدد مقاعد المعسكر المذكور عن 63 مقعداً، في حال طرأ تغيير طفيف على عدد مقاعد أحزاب المعسكر وفق معادلات فائض الأصوات، بعد فرز نحو 600 ألف صوت من أصوات وضعت عند الاقتراع في مغلفات مزدوجة ستفرز الليلة.
لكن اللافت في تشكيلة الائتلاف الحكومي المتوقع برئاسة نتنياهو أن "الليكود" سيكون الحزب الوحيد غير المتدين، مع وجود عدد من أعضاء الكنيست المتدينين في صفوفه، من بين مجمل الأحزاب التي ستشكل الائتلاف الحكومي القادم.
ومقابل الليكود، فإن باقي الشركاء ينقسمون إلى مجموعتين من الأحزاب الدينية. الأولى، هي الأحزاب الصهيونية الدينية، التي انضوت تحت تحالف قائمة الصهيونية الدينية وتضم ثلاثة أحزاب، وتشمل: "الصهيونية الدينية" بقيادة بتسليئيل سموطريتش، و"القوة اليهودية" بقيادة الكهاني إيتمار بن غفير، وحزب نوعام. تملك هذه الأحزاب الثلاثة 14 مقعداً.
أما المجموعة الثانية، فتضم ثلاثة أحزاب دينية حريدية أرثوذكسية، تنضوي تحت قائمتين انتخابيتين: الأولى، هي حركة شاس لليهود الحريديم الشرقيين "السفارديم". والحزبان الآخران هما حزبا الحريديم لليهود الإشكناز "ديغل هتوراة" و"أغودات يسرائيل"، خاضا الانتخابات في قائمة موحدة تحت اسم "يهدوت هتوراة".
هذه الأحزاب الثلاثة مجتمعة حصلت على 33 مقعداً، مقابل 32 مقعداً لحزب الليكود. لكن إضافة إلى الأعضاء الـ33 من هذه الأحزاب، فاز 5 أعضاء كنيست من التيار الديني الصهيوني، الذي يعتمرون ما يعرف بالقبعة "كيباه" الدينية المنسوجة، التي تميز التيار الديني الصهيوني، مقابل القبعة "الكيباه" السوداء التي تميز أتباع الأحزاب والجماعات الدينية الحريدية.
ويعني هذا المعطى، في ظل تنامي الفاشية الدينية والقومية في إسرائيل، أن ائتلاف نتنياهو القادم سيكون أول ائتلاف حكومي في إسرائيل يشكل فيه أعضاء الأحزاب الدينية، سواء التابعة للتيار الديني الصهيوني أم للتيار الحريدي، أغلبية عددية ضمن الائتلاف.
وتعطي هذه النتائج وضعاً جديداً في المشهد الإسرائيلي، تشكّل فيه الأحزاب الدينية أغلبية وليس مجرد شريك ائتلافي صغير، كما كان الحال في كافة الحكومات السابقة، حتى أكثرها تطرفا إلى الآن.
كان الليكود، كما حزب العمل، يتشارك الحكم في الحكومات التي شكلها مع أحزاب دينية صغيرة، ويحتاج إلى أحزاب قومية علمانية، إضافية لتأمين ائتلاف حكومي، كما كان الحال في حكومة نتنياهو قبل الأخيرة التي حلّت في ديسمبر/كانون الأول 2018، واتجه لانتخابات نيسان/ إبريل 2019 التي بدأت سلسلة الانتخابات الأربعة حتى انتخابات الأمس، التي كانت الخامسة في أقل من أربع سنوات.
حتى عندما شكل نتنياهو وغانتس حكومة وحدة وطنية في ظل أزمة كورونا، ضمّت الحكومة، إضافة إلى الليكود وحزب كاحول لفان بقيادة بني غانتس، أحزابا دينية من التيار الحريدي: "شاس"، و"يهدوت هتوراة"، و"البيت اليهودي" للتيار الديني الصهيوني بقيادة نفتالي بينت.
وينتظر أن تنعكس هذه التركيبة على الائتلاف القادم، في حال امتنع نتنياهو عن إدخال مركب علماني إضافي للحكومة، تدهوراً إضافياً لحكومة تمزج بين التطرف القومي العلماني، الذي يمثله الليكود، وبين التطرف الديني الفاشي الذي يمثله حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموطريتش، وحليفه إيتمار بن غفير، على صعيد القضية الفلسطينية وعلى الصعيد العلاقة مع فلسطينيي الداخل. وسيمتد التغيير، كما تنبئ به تصريحات قادة الأحزاب الدينية، إلى تغييرات في المنظومة القانونية والقضائية، وتغيير نظام تعيين القضاة، ودور المحكمة الإسرائيلية العليا وصلاحياتها.
إلى ذلك، فإن الاتئلاف المتوقع لنتنياهو مع هذه الأحزاب، في ظل موازين القوى الداخلية، من شأنه أن يدفع أيضاً إلى فرض قيود على حرية التعبير والعبادة، والإعلام، ناهيك عن تشديد الطابع اليهودي الديني بما في ذلك حركة المواصلات العامة، أيام السبت، وقضايا الزواج اليهودي، وقيود على قانون التهويد والاعتراف بيهودية أكثر من نصف مليون إسرائيلي من المهاجرين من أصول روسية لا تعترف الربانية الأرثوذكسية بيهوديتهم.