أفادت وكالات أنباء إيرانية شبه رسمية، بأن الأجهزة الأمنية الإيرانية، اعتقلت مساء اليوم الثلاثاء، ابنة الرئيس الإيراني الأسبق، فائزة هاشمي رفسنجاني، خلال احتجاجات شرقي طهران، فضلاً عن إعلان السلطات المحلية بمحافظات إيرانية عن اعتقال المئات من المحتجين بتهمة "إثارة الشغب".
وذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية المحافظة أن جهازاً أمنياً إيرانياً، لم تسمه، اعتقل الناشطة البرلمانية السابقة فائزة هاشمي رفسنجاني شرقي طهران، بسبب ما اعتبرته القيام بـ "تحريض مثيري الشغب" على الاحتجاج في الشوارع.
السلطات الإيرانية تتكتّم على أعداد المعتقلين
إلى ذلك، لم تعلن بعد السلطات الإيرانية، حصيلة المعتقلين والقتلى والمصابين بالاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها البلاد منذ السابع عشر من الشهر الجاري على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني في السادس عشر من الشهر في مستشفى بطهران، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم تقيدها بمعايير الحجاب.
وتعلن السلطات المحلية بالمحافظات الإيرانية، واحدة تلو أخرى، عن أرقام المعتقلين من دون الإفادة بشأن أعداد المصابين والقتلى، فبعد إعلان هذه السلطات بأربع محافظات خلال الأيام الأخيرة عن اعتقال قرابة 1500 شخص بالاحتجاجات التي شهدتها هذه المحافظات، أعلن رئيس محافظة إيلام غربي إيران، حسن بهرام نيا، اليوم الثلاثاء، عن اعتقال 186 شخصاً خلال الاضطرابات الأخيرة بالمحافظة.
وذكرت قيادة الشرطة في محافظة سمنان وسط البلاد، اليوم الثلاثاء، اعتقال 155 شخصاً بينهم 26 امرأة، واصفة إياهم بأنهم "مثيرو شغب"، وهي تسمية رسمية تستخدمها السلطات للمعتقلين بالاحتجاجات، متهمة إياهم بـ"الإخلال بالأمن العام وتخريب الممتلكات".
وتشير الأنباء غير الرسمية وتقارير صحافية إلى اعتقال أكثر من مئتين من النشطاء والناشطات في المجالات السياسية والإعلامية والنسوية والاجتماعية والطلابية، خلال الأيام الأخيرة. وأفادت لجنة حماية الصحافيين الدولية غير الحكومية، مقرها نيويورك، بأن السلطات الإيرانية، اعتقلت خلال الاحتجاجات الأخيرة 20 صحافياً.
أعداد القتلى
أما حول أعداد القتلى، فآخر ما أعلنه التلفزيون الإيراني، قبل أمس الأحد، هو 41 قتيلاً، لكن مجموعة "حقوق الإنسان في إيران"، مقرها النرويج، قالت اليوم الثلاثاء إن عدد القتلى بالاحتجاجات، بلغ 76 شخصاً.
وقُتل وأُصيب العشرات من قوات الشرطة والأمن خلال هذه الاحتجاجات التي شهدت أعمال عنف وتخريباً واشتباكات مع هذه القوات، وحسب تقارير صحافية لوسائل إعلام إيرانية رسمية، فإنه حتى الآن قُتل 9 من قوات الأمن و"الباسيج" (منظمة شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني).
واليوم الثلاثاء، أعلنت الشرطة الإيرانية على موقعها أن النقيب أول فريد كرم بور جمعي من قواتها قد توفي اليوم في المستشفى، بعد تعرضه لهجوم من "مثيري الشغب" قبل أيام وإصابته بجروح بالغة.
وخلال اليومين الأخيرين، تراجعت الاحتجاجات في إيران، ولم تعد بزخمها خلال الأسبوع الماضي، حيث طاولت نحو 80 مدينة إيرانية، مع ذلك، تشير مقاطع مصورة متداولة إلى استمرار تجمعات متفرقة محدودة في مدن إيرانية بما فيها طهران.
واليوم الثلاثاء، انتشرت فيديوهات عن إضرام مواطنين بلوج في مدينة تشابهار في محافظة سيستان وبلوشستان، النار في مقرات حكومية.
كذلك، ما زالت أصوات نخبوية من الأوساط السينمائية والرياضية والعلمية والجامعية تتعالى دعماً للمحتجين وانتقاداً لسلوك السلطات في التعامل معهم ومطالبهم، وهو ما عرّضهم لانتقادات وهجمات إعلامية مستمرة من السلطات ووسائل إعلام رسمية وشبه رسمية، متهمة إياهم بـ"تحريض المواطنين على إثارة الشغب"، ومحمّلة إياهم مسؤولية ذلك، مع التوعد بملاحقتهم ومحاكمتهم.
استمرار تقييد الإنترنت
وما زال تقييد الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي في إيران مستمراً، ولم تخفف السلطات القيود المفروضة على الشبكة العنكبوتية الدولية، إذ يواجه الإيرانيون صعوبة في الوصول إلى المواقع الأجنبية غير الإيرانية، بما فيها شبكات التواصل الدولية. ويستخدم الإيرانيون برامج فك التشفير للوصول إلى المواقع الخارجية، لكن هذه البرامج أيضاً تعمل بصعوبة بالغة وفي كثير من الأحيان لا تعمل.
وتتهم السلطات الإيرانية، شبكات التواصل الاجتماعي التي تشكل همزة وصل بين المحتجين الإيرانيين، بـ "إثارة الشغب" في إيران، عبر الدعوة إلى التظاهر، متهمة من تسميهم "أعداء الثورة الإسلامية"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ودول أخرى بـ"تأليب" الشارع ضد النظام.
والأحد الماضي، أعلن وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، أن تقييد الإنترنت وشبكات التواصل سيستمر طالما استمرت الاضطرابات والاحتجاجات التي وصفها بأنها "أعمال شغب".
وكانت "شرطة الأخلاق" في العاصمة الإيرانية طهران قد اعتقلت، في الثالث عشر من الشهر الجاري، مهسا أميني التي كانت في زيارة إلى طهران للسياحة برفقة أسرتها، آتية من محافظة كردستان، أمّا السبب فحجابها "غير المناسب" وفق رواية الشرطة، لكن بعد ساعتَين من اقتيادها إلى مركز شرطي نُقلت الشابة إلى مستشفى في حالة غيبوبة، قبل أن تتوفّى مساء الجمعة الماضي.
وأعلنت الشرطة الإيرانية أنّ الغيبوبة نتجت عن إصابة أميني بـ"نوبة قلبية مفاجئة" خلال "جلسة إرشاد"، لكنّ أسرتها ونشطاء ومدوّنين يشكّكون في الرواية الرسمية، وسط اتهامات للشرطة بتعذيبها وتعنيفها.
وتحوّلت وفاة مهسا أميني في هذه الظروف إلى قضيّة رأي عام في إيران، وحاولت السلطات احتواء غضب الشارع، من خلال إطلاق تصريحات وتطمينات بإجراء تحقيقات "عادلة" بشأن حادثة وفاتها.