أعلن مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أنّ التكتّل "يأسف" لعدم إبلاغه أو التشاور معه بشأن الاتفاقيّة الأمنيّة المبرمة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مشيراً إلى أنّه سيعمل على "تحليل تداعياتها".
وقال بوريل، خلال عرض لاستراتيجيّة الاتّحاد الأوروبي للتعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الخميس، إنّ "اتفاقاً من هذا النوع لم يجرِ إعداده أمس الأوّل. هذا يستغرق وقتاً. لكن لم يتمّ إبلاغنا، ولم تتمّ استشارتنا. نحن نشجب ذلك". غير أنّه أضاف أنّ ذلك لن يؤدّي إلى "إعادة النظر في العلاقة مع الولايات المتحدة".
وقال المتحدّث باسم بوريل، بيتر ستانو، "سيتمّ إجراء تحليل للوضع ولتداعيات هذا التحالف"، مشيراً إلى أنّ "الاجتماع المقبل لوزراء خارجيّة الاتّحاد الأوروبي، المقرّر عقده في 18 أكتوبر/تشرين الأوّل في لوكسمبورغ، سيشكّل فرصة لمناقشة هذا التحالف".
ودخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة في أزمة مفتوحة الخميس، بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية، واستبدالها بأخرى أميركية عاملة بالدفع النووي، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه "طعنة في الظهر" وقرار "على طريقة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب".
ومساء الأربعاء، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إطلاق شراكة استراتيجيّة مع المملكة المتحدة وأستراليا، تتضمن تزويد كانبيرا بغوّاصات أميركيّة تعمل بالدفع النووي، ما أخرج عملياً الفرنسيّين من اللعبة. وقال بوريل: "أتفهّم خيبة أمل الفرنسيّين"، مضيفاً: "هذا الاتّفاق يُجبرنا مرّة أخرى على التفكير في الحاجة إلى (...) تطوير الاستقلال الاستراتيجي للاتّحاد الأوروبي". لكنّه شدّد على أنّه "سيكون من المؤسف التقليل من أهمّية استراتيجيّة تعاون الاتّحاد الأوروبي مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
من جهته، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، أنّ الشراكة الأمنيّة الجديدة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا "تُظهر مرّة جديدة الحاجة إلى نهج مشترك للاتّحاد الأوروبي في منطقة ذات أهمّية استراتيجيّة". وقال إنّ "استراتيجيّة أوروبّية قويّة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ أصبحت ضروريّة أكثر من أيّ وقت مضى". وتابع بوريل: "يتعلّق الأمر باستراتيجيّة تعاون مع شركاء ديمقراطيّين يشاركوننا قيَمنا، وليس باستراتيجيّة مواجهة"، مشدّداً على أنّ "الاتّحاد الأوروبي يريد نسج روابط مع دول المنطقة وليس خلق تبعيّات". وذكّر بأنّ "هذه المنطقة هي المستقبل. الاتّحاد الأوروبي هو أكبر مستثمر بـ 12 تريليوناً (12.000 مليار) يورو". وأردف "40 بالمائة من التجارة مع الاتّحاد الأوروبي تمرّ عبر بحر الصين، والاتّحاد الأوروبّي لديه مصلحة في الحفاظ على حرّية الحركة للملاحة في هذه المنطقة".
بلينكن: فرنسا شريك حيوي للولايات المتحدة
وفي محاولة لطمأنة الفرنسيين، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس، أن فرنسا "شريك حيوي" للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقال، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، "لا يوجد انقسام إقليمي بين مصالح شركائنا" الأطلسيين والشركاء في المحيط الهادئ، مشيراً إلى أن "هذه الشراكة مع أستراليا والمملكة المتحدة تظهر أننا نريد العمل مع شركائنا، بما في ذلك في أوروبا، لضمان (أن تكون) منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة". وتابع بلينكن "نحيي الدول الأوروبية التي تؤدي دوراً مهماً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ونريد مواصلة التعاون الوثيق مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومع آخرين في هذا الصدد".
وأكد مسؤول كبير في البيت الأبيض لوكالة "فرانس برس" الخميس، أن فرنسا والولايات المتحدة أجرتا اتصالات رفيعة قبل الإعلان عن التحالف العسكري الجديد بين واشنطن وكانبيرا ولندن، والذي يشمل حصول أستراليا على غواصات تعمل بالدفع النووي بتكنولوجيا أميركية. وقال المسؤول إن "مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية كانوا على اتصال مع نظرائهم الفرنسيين لمناقشة" الاتفاقية العسكرية الجديدة مع أستراليا "بما في ذلك قبل الإعلان" الذي صدر الأربعاء. وأضاف المسؤول الكبير في البيت الأبيض، طالباً عدم كشف هويته، "كما قال الرئيس (بايدن) أمس، نتعاون بشكل وثيق مع فرنسا بشأن أولوياتنا المشتركة في المحيطين الهندي والهادئ وسنواصل القيام بذلك".
(فرانس برس)