الائتلاف السوري المعارض يدعو إلى وضع حد لدور روسيا "الإجرامي"

30 سبتمبر 2021
الطيران الروسي قتل أكثر من 6910 مدنيين سوريين بينهم 2030 طفلاً منذ بدء التدخل (Getty)
+ الخط -

في مثل هذا اليوم قبل 6 سنوات، بدأت الطائرات الحربية الروسية بشن أولى غاراتها على الأراضي السورية بطلبٍ من نظام بشار الأسد، الذي تشير تقديرات مختلفة إلى أنه كان على وشك السقوط عسكرياً أمام قوات المعارضة السورية لولا التدخل العسكري الروسي في 30 سبتمبر/أيلول 2015.

وفي هذه المناسبة، قال الائتلاف السوري المعارض في بيان له إن "العدوان الوحشي الذي شنته روسيا وصرّحت بكل وقاحة بأنها جرّبت خلاله أكثر من ثلاثمائة سلاح جديد، كان ضحاياه ملايين المهجرين والنازحين وعشرات آلاف الشهداء والمصابين، إضافة إلى الدمار والخراب اللذين غطيا المدن والقرى السورية".

ووصف البيان روسيا بأنها "قوة احتلال تتحمل المسؤولية القانونية عن كل جرائمها، والجريمة الأخيرة التي ارتكبتها الطائرات الروسية في ريف عفرين قبل أيام قليلة، جاءت لتذكر الجميع بما ترتكبه في بلدنا.. من مختلف أشكال جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها استهداف المدارس والمشافي والمساجد والأسواق، ما أسفر عن عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين وتهجير الملايين".

وحسب الائتلاف، فإن "التاريخ يؤكد أن الفشل فقط هو ما تصل إليه التدخلات العسكرية التي تأتي ضد إرادة ومصالح الشعوب، وأن الأثمان غالباً ما تكون باهظة على جميع الأطراف". وحمّل الائتلاف الدول الفاعلة المسؤولية "تجاه ما ترتكبه روسيا من جرائم بحق الشعب السوري"، وطالب "بفرض آليات مناسبة لوقف دورها الإجرامي والمعطل".

في السياق، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الخميس، تقريرها السنوي السادس عن انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سورية، قالت فيه إن بعض تلك الانتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مشيرة إلى أن التدخل العسكري الروسي غير شرعي وتسبَّب في مقتل 6910 مدنيين بينهم 2030 طفلاً و1231 حادثة اعتداء على مراكز حيوية.

ووثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، و44 من كوادر الدفاع المدني، إضافة الى 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب. وطبقاً للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري ما لا يقل عن 1231 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 222 مدرسة، و207 منشآت طبية، و60 سوقا. 

تدخل غير شرعي 

وأكد التقرير عدم مشروعية التدخل العسكري الروسي في النزاع المسلح الداخلي في سورية، وأشار إلى أن روسيا تبني شرعية تدخلها على سببين اثنين؛ أولاً أن تدخلها كان بناء على دعوة من النظام السوري، بدعوى أنه نظام شرعي، والثاني الاستناد إلى قرار مجلس الأمن رقم 2249، الصادر بعد شهرين من تدخلها العسكري، الذي دعا الدول الأعضاء التي لديها القدرة المطلوبة لـ "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقمع الأعمال الإرهابية على الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش في سورية والعراق".

لكن التقرير أكد عدم مشروعية هذا التدخل لأسباب عدة، منها أنه لا تكفي لصحة التدخل عن طريق الدعوة موافقة الدولة بل لا بدَّ من أن تكون السلطة التي قامت بالدعوة شرعية، وإن النظام السوري استولى على السلطة عبر انتخابات تحت تهديد قمع وإرهاب الأجهزة الأمنية، ولم تحصل انتخابات حرة ونزيهة ولم يكتب دستوراً بشكل قانوني، كما أنه متورط في ارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري.

كما أن التدخل العسكري الروسي انتهك التزامات روسيا أمام القانون الدولي، فهي عبر تدخلها إلى جانب نظام متورط في ارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية، تنتهك العديد من قواعد القانون الدولي، وتجعل من نفسها شريكة في الانتهاكات التي يمارسها النظام السوري. أضف إلى ذلك، أن القوات الروسية نفسها تورطت في ارتكاب آلاف الانتهاكات الفظيعة في سورية، التي يُشكل بعضها جرائم ضد الإنسانية، ويُشكل بعضها جرائم حرب.

وأشار التقرير، الذي جاء في 34 صفحة، إلى أن دعم روسيا للنظام السوري قد بدأ منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي في مارس/ آذار 2011 عبر إمداده بالخبرات والاستشارات والأسلحة، وعبر استخدام الفيتو مراراً وتكراراً في مجلس الأمن لصالح النظام السوري، إضافة إلى التصويت الدائم في مجلس حقوق الإنسان ضد القرارات التي تدين عنف النظام السوري، بل وحشد الدول الحليفة لروسيا للتصويت لصالح النظام السوري.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد" إنه على روسيا مراجعة موقفها الداعم لنظام وحشي ودموي وفتح تحقيقات في الانتهاكات التي قامت بها قواتها في سورية وتعويض الضحايا، مؤكداً أن سورية لن تعرف الاستقرار، ولن يعود اللاجئون ما دام نظام الأسد ممسكاً بالسلطة.

ووفق التقرير، فإن التدخل العسكري الروسي ساعد نظام الأسد على استعادة قرابة 65% من الأراضي التي كانت خرجت عن سيطرته قبل عام 2015، وعرضَ التقرير خرائط توضح واقع تغير سيطرة النظام السوري في ضوء سنوات التدخل العسكري الروسي. وأوضحَ أن العام السادس للتدخل شهد تراجعاً ملحوظاً في حدة العمليات العسكرية، الأمر الذي انعكسَ على حصيلة الانتهاكات المرتكبة، لافتاً إلى أن روسيا كثفت جهودها في العام الأخير في الترويج لقضية عودة اللاجئين، من أجل البدء بعمليات إعادة الإعمار، لكن التقرير أكد أن النظام السوري لا يرغب فعلياً بعودة اللاجئين أو النازحين فهو يعتبرهم معارضين له، بل يحاول الإبقاء عليهم خارج مناطق سيطرته سواء عبر الاعتقالات المستمرة للعائدين أو تجنيدهم قسرياً في صفوف قواته أو مصادرة ممتلكات الغائبين، كما أن شروط العودة الآمنة الطوعية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تتحقق بعد.

 وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وأوصى المجتمع الدولي بزيادة الدعم الإغاثي، والسعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين، ودعم عملية الانتقال السياسي والضغط لإلزام الأطراف بتطبيق الانتقال السياسي ضمن مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر.

المساهمون