الإنفاق المصري على القوات البحرية يتزايد: مشروع تعاون مستدام مع ألمانيا

03 يونيو 2021
تولي السلطات المصرية أهمية لقطاع القوات البحرية (لويك فينانس/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن التهدئة بين مصر وتركيا لن تثني الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن استمرار الإنفاق العسكري في قطاع القوات البحرية تحديداً، وقد اجتمع الإثنين الماضي مع بيتر لورسن، مالك ورئيس مجلس إدارة شركة "لورسن" الألمانية في مجال صناعة السفن، لوضع الخطوات التنفيذية لواحدة من أكبر صفقات التسليح الألمانية لمصر وأكثرها استدامة، والتي لم يُعلن عنها رسمياً حتى الآن، على الرغم من استمرار دراستها لأكثر من عشرة أشهر بين الجانبين.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن مشروع التعاون مع الشركة الألمانية يشرف عليه قائد القوات البحرية المصرية، الفريق أحمد خالد، والذي يعتبر حالياً واحداً من أقرب القيادات العسكرية للسيسي، وتساعده لجنة محدودة من الضباط والمهندسين، موضحةً أنّ فريقاً من اللجنة زار ألمانيا مرات عدة للإعداد لزيارة لورسن لمصر، للاتفاق على التفاصيل النهائية للصفقة التي ربما تكون لها آثار واسعة على علاقات مصر العسكرية في الفترة المقبلة.

الصفقة مع "لورسن" ستكون لها آثار على علاقات مصر العسكرية

وأوضحت المصادر أنّ الشركة الألمانية المعروفة بتصنيعها مجموعة من أشهر اليخوت الفارهة في العالم والفرقاطات العسكرية السريعة والمدمرات، والتي تستخدمها حالياً القوات البحرية الألمانية والسعودية تحديداً، والفائزة أخيراً بأكبر عقد توريد مدمرات في تاريخ البحرية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، كانت تسعى العام الماضي للحصول على عقد تصنيع 6 فرقاطات جديدة لصالح مصر، ربما يستغرق تصنيعها 3 سنوات كاملة، وذلك في حوض تصنيع السفن الخاص بالشركة في بريمن شمال ألمانيا. لكن العرض المقدم من لورسن تم تطويره ليتضمن المساعدة في توطين الصناعات البحرية الحربية وتقديم المساعدة للقوات المسلحة بمختلف جوانبها، وتطوير الترسانة البحرية في الإسكندرية، وتوفير مزايا تدريبية وتكنولوجية أكبر من المزايا التي سبق وعرضتها شركات ألمانية وإيطالية أخرى لتصنيع الفرقاطات.
وتتضمن الخطة المصرية التي وافقت عليها الشركة الألمانية، مشاركة أكثر من 200 ضابط متخصص وعامل مصري على مراحل، في العمليات الإنشائية، وإضافة الجوانب التقنية والتسليح، فضلاً عن منح الجيش المصري مساعدات لوجستية متقدمة للتعامل مع المدمرات، ووسائل اتصال وتحكم حديثة، بالإضافة إلى مزية جديدة كبرى هي توريد هياكل جاهزة لأجزاء من السفن المطلوبة والإشراف على تجميعها في الإسكندرية. وأوضحت المصادر أن قيمة الفرقاطة الواحدة من الفرقاطات الست لصالح مصر، تتراوح بين 500 مليون و650 مليون يورو، لكن ما تستهدفه مصر حالياً هو أن تساهم هذه الصفقة على المدى الطويل في تخفيض حجم الإنفاق العسكري على القوات البحرية، بحيث يتم تصنيع السفن الصغيرة والمتوسطة في مصر بتكنولوجيا أجنبية، وفي مرحلة لاحقة المشاركة في التصنيع لتوريد الفرقاطات والكورفيت (فرقاطة صغيرة سريعة ذات تكلفة تشغيل اقتصادية وتصلح للمعارك البحرية الصغيرة والتصدي للغواصات وحمل الطوربيدات) وغيرها إلى دول أخرى، لمصلحة الشركات الأجنبية مع استفادة مصر بنسبة من حصيلة الصفقات.

وعن الآثار المحتملة لإتمام هذا المشروع؛ قالت المصادر إنه قد يؤدي إلى إبطاء تنفيذ المقترحات السابق تداولها في الإطار ذاته، مع شركة "فينكانتيري" الإيطالية، والتي تعتبر أكبر متعاون عسكري في المجال البحري مع مصر حتى الآن، إذ اشترت منها مصر أخيراً فرقاطتين من نوع "فريم" بقيمة 1.1 مليار يورو. كما تتضمن صفقة التسليح القياسية مع روما 4 فرقاطات "كورفيت" على الأقل وحوالي 22 من اللانشات الهجومية الخاطفة، مع تجهيز جميع هذه القطع الأصغر بمنظومة حرب إلكترونية ورادارات وأجهزة حديثة للاستشعار عن بعد، وتوفير مدربين لتمرين الضباط المصريين على استخدام بعض المميزات التي ستكون جديدة على البحرية المصرية.
وعلى الرغم من أنّ التعاون المقترح مع "لورسن" سيكون الأكبر من نوعه والأكثر استدامة، فهو ليس الأول، إذ سبق أن حصل تعاون بين الترسانة البحرية في الإسكندرية ومجموعة "تيسن كروب" الألمانية لإنشاء أول فرقاطة شبحية متعددة المهام من طراز "MEKO-A200" في مصر، هي الرابعة التي تستحوذ عليها القاهرة من الطراز نفسه، إذ يجري حالياً إنشاء الفرقاطات الثلاث الأخرى في بريمرهافن في ألمانيا. وبالتوازي مع ذلك، تعمل شركة ألمانية أخرى هي "رينر"، على تنفيذ عقد تم توقيعه في سبتمبر/أيلول الماضي، لتوريد 3 سفن حربية لمصر بحلول عام 2023.

الصفقة مع لورسن قد تؤدي إلى إبطاء تنفيذ المقترحات السابق تداولها مع شركة "فينكانتيري" الإيطالية

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، نشر "العربي الجديد"، بيانات تفيد بأن مصر احتلت المركز الثاني بين الدول التي أصدرت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تصاريح بتوريد الأسلحة لها في عام 2020 بعد المجر، وأنها أنفقت على استيراد الأسلحة الألمانية في فترة جائحة فيروس كورونا أكثر من جميع الدول التي استوردت السلاح الألماني في الفترة نفسها، عدا المجر، بما في ذلك دولة الاحتلال الإسرائيلي وقطر والولايات المتحدة وبريطانيا.
وأظهرت الأرقام أنّ مصر رفعت الإنفاق خلال النصف الثاني من العام الماضي، فأبرمت عقوداً بقيمة 452 مليون يورو، ليقفز إجمالي قيمة الأسلحة التي استوردتها من ألمانيا فقط عام 2020 إلى 764 مليون يورو، ليصبح ثاني أعلى الأعوام في استيراد مصر للأسلحة الألمانية عبر تاريخ العلاقات بين البلدين، بعد عام 2019 الذي شهد إبرام عقود تسليح بقيمة تتجاوز 801 مليون يورو.
وإلى جانب الغواصات التي تتوسع مصر في استيرادها من ألمانيا في إطار عملية تضخيم القوات البحرية وإنشاء قواعد عسكرية ساحلية جديدة شمالاً وشرقاً، أنفقت مصر ثلاثين في المائة من إجمالي المبلغ، على استيراد أنظمة صاروخية ومعدات للإطلاق، ونحو عشرة بالمائة على أنظمة رادارية وشبحية وأجهزة حديثة لتحديد الأهداف، ونحو خمسة بالمائة على معدات برية ومدرعات. وإجمالاً، استوردت مصر من ألمانيا أسلحة في الفترة بين عامي 1999 و2014 بقيمة 411 مليون يورو، ثم ارتفعت القيمة لمستوى قياسي غير مسبوق في الفترة بين عامي 2015 و2020 بقيمة مليارين و706 ملايين يورو.

المساهمون