- الحراك التهامي والمقاومة التهامية ينددان بالاتهامات الموجهة ضد أبناء تهامة، معتبرينها كيدية وتهدف إلى التخلص منهم، في سياق تاريخي من العداء والتطهير العرقي من قبل الحوثيين.
- تتعالى الأصوات المطالبة بالتدخل الدولي والضغط على الحوثيين لوقف الممارسات الإجرامية وضمان محاكمات عادلة، مع التأكيد على ضرورة إدانة هذه الأفعال وتبني قضية المتهمين من قبل المنظمات الحقوقية.
تتصاعد تحذيرات حقوقية من لجوء جماعة الحوثيين في اليمن، إلى إعدام دفعة جديدة من أبناء تهامة (غرب اليمن)، بعد اتهامها يوم الاثنين الماضي عدداً منهم، جلّهم من الحديدة، برصد مواقع إطلاق الصواريخ والطيران المسيّر ومواقع الزوارق (الحوثية) ورفع إحداثياتها للقوات الأميركية والبريطانية. ويطلق اسم تهامة على الساحل الغربي لليمن، والذي يضم محافظات الحديدة وحجة وأجزاء من تعز.
أبناء تهامة في قفص اتهامات الحوثيين
يوم الاثنين الماضي، نشرت قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثيين، ما قالت إنها اعترافات جواسيس من أبناء تهامة يعملون لصالح كيان استخباري يدعى (قوة 400) تابع للاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وبينما لم تحدّد وكالة "سبأ" بنسختها التابعة للحوثيين عدد المتهمين، أظهرت صور ولقطات المسيرة أن عددهم 18. وأظهرت صور شاركتها "سبأ" على وسائل التواصل الاجتماعي 18 شخصا على الأقل، بحسب وكالة "فرانس برس".
الحراك التهامي: اتهامات الحوثيين كيدية ومزيفة
وبحسب الاعترافات التي بثتها قناة المسيرة للمتهمين، فقد طُلب من الموقوفين معلومات عن الصواريخ والطائرات المسّيرة والدبابات والقوات البحرية والزوارق والمواقع التابعة للجماعة، ورصد تعزيزات قوات الحوثيين، وإنزال برنامج خرائط على الهاتف وتحديد مواقع القوات التابعة للحوثيين. كما تضمنت الاعترافات، بحسب ما بثّ منها، الطلب من المتهمين رصد الأماكن والمزارع التي تنطلق منها الصواريخ باتجاه البوارج الأميركية والإسرائيلية، ورصد التجهيزات في مديرية الدريهمي كالقناصين والدبابات، بالإضافة إلى إحراق معدات قوات الحوثيين.
وفي السياق، أصدر الحراك التهامي السلمي والمقاومة التهامية، الأربعاء الماضي، بياناً جاء فيه أن اتهامات جماعة الحوثيين لأبناء تهامة "كيدية ومزيفة، تهدف إلى التخلص منهم، استناداً إلى سطوتها وقوتها الغاشمة ونواياها العدوانية والتطهير العرقي ولممارسة المزيد من الظلم والاضطهاد بحق أبناء تهامة". وأكد البيان الذي نشرته مواقع مقربة من المقاومة التهامية، أن "ما تقوم به مليشيا الحوثي بحق أبناء تهامة يأتي امتداداً للحقد التاريخي الذي ظلت تمارسه القوى الإمامية ضد أبناء تهامة الأحرار" بحسب نص البيان الذي أشار إلى أن "مليشيا الحوثي تحاول بهذه الاتهامات التمهيد لارتكاب مجزرة بحق هؤلاء اليمنيين التهاميين الأبرياء كما فعلت سابقاً في يوم السبت الأسود بمذبحة لليمنيين التسعة التهاميين بتاريخ 18 سبتمبر/أيلول 2021، أمام مرأى ومسمع الجميع، ورقصت على جثث هؤلاء الأبرياء في سابقة لم يشهدها المجتمع اليمني في أخلاقه وأعرافه وتقاليده".
وكانت جماعة الحوثيين أقدمت في 18 سبتمبر 2021، على إعدام 9 من أبناء تهامة، بينهم طفل في ميدان التحرير وسط العاصمة اليمنية صنعاء، بعد اتهامهم بالمشاركة بقتل رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين صالح الصماد، والذي قتل مع ستة من مرافقيه بغارة للتحالف العربي استهدفت موكبه في مدينة الحديدة غربي البلاد في 19 إبريل/نيسان 2018.
واقعة سبتمبر 2021... هل تتكرر؟
وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معمر الإرياني، كتب على منصة إكس، في 6 مايو/أيار الحالي، أن ما نشرته جماعة الحوثيين من "فبركات كاذبة سيئة الإخراج عن أنشطة استخبارية أميركية، إسرائيلية، تجسد نهجها في الكذب والتضليل، وركوب الأحداث لادعاء البطولات الزائفة". وأضاف الإرياني إن "قيام مليشيا الحوثي الإرهابية بتقديم مواطنين أبرياء من أبناء تهامة كبش فداء، وتلقينهم تلك العبارات على النحو الظاهر في المشاهد المفبركة التي نشرتها، واجبارهم تحت التعذيب والضغط والإكراه على الإدلاء باعترافات لا أساس لها من الصحة، جريمة جديدة تمارسها بحق مواطنين يمنيين أبرياء". وأكد الإرياني أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن (هانس غروندبرغ) مطالبون بإدانة واضحة لهذه الممارسات الإجرامية، واتخاذ مليشيا الحوثي هذه التهم الجاهزة وآخرها "التجسس لصالح أميركا وإسرائيل"، والتلويح بعقوبة "الإعدام"، كسوط لإرهاب المناهضين لمشروعها الانقلابي".
عبد المجيد صبرة: أعظم انتهاك هو إجبار المتهمين على الإدلاء باعترافات بالصوت والصورة
وكانت حادثة إعدام التهاميين التسعة في 2021 أثارت حينها حالة من الاستنكار الشعبي والحقوقي نتيجة إخضاع المتهمين لمحاكمة وصفت بالصورية نتيجة افتقارها لأبسط معايير العدالة، حيث تمت محاكمة بعض المتهمين بدون وجود محام للدفاع، كما ظهر بعض المتهمين في ساحة الإعدام عاجزين عن الوقوف بسبب ما تعرضوا له من تعذيب وحشي كشف عنه الحقوقيون حينها.
عبد المجيد صبرة، وهو محامي التهاميين الذين أعدموا في 2021، قال لـ"العربي الجديد"، إنه "في الغالب يتم إصدار اتهامات ملفقة خصوصاً أن معظم المتهمين مواطنون بسطاء، ويستحيل أن تكون لهم أي علاقة بعمليات دول تحالف العدوان الأميركي الإسرائيلي". واستبعد صبرة حصول المتهمين على محاكمة عادلة، مشيراً إلى أن "أعظم انتهاك لهذا الحق هو إجبارهم على الإدلاء باعترافات بالصوت والصورة، ونشرها على الرأي العام، لأن مثل هذا الإجراء مخالف للدستور والقانون، وله تبعات خطيرة على تكوين رأي عام سلبي ضدهم، وله تأثير على استقلال وحياد القاضي الذي سوف ينظر في قضيتهم لكونه سيتأثر كذلك بالرأي العام". ورجح صبرة احتمال تكرار ما حدث للتهاميين في سبتمبر 2021، داعياً المنظمات الحقوقية المحلية والدولية "للوقوف الجاد إلى جانب المتهمين وتبني قضيتهم، والضغط على الحوثيين للإفراج عنهم".
عبد الرحمن المشرعي: المليشيا الحوثية تتعامل مع أبناء تهامة كأعداء تاريخيين
الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، عبد الرحمن المشرعي، اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما تقوم به مليشيا الحوثي من ممارسات قمعية وإرهابية وإعدامات ضد أبناء تهامة يأتي من منظورين: الأول تاريخي، والثاني عقائدي جغرافي سياسي عسكري". وأوضح أن "المليشيا الحوثية تتعامل مع أبناء تهامة كأعداء تاريخيين وجدت الفرصة المناسبة للانتقام منهم، وهذا الإرث العدائي يعود إلى عام 1924 حين تم غزو تهامة من قبل جيش المملكة المتوكلية الهاشمية ودارت معارك امتدت إلى عام 1929 قاوم فيها أبناء تهامة الجيش الإمامي"، وفق شرحه.
وأكد المشرعي أن "هناك بعدا عقائديا ديمغرافيا عسكريا سياسيا، حيث إن منطقة تهامة شافعية وفيها كثافة سكانية كبيرة تفوق جماعة الحوثيين، وبالتالي تمثل خطراً عليهم وعلى مشروعهم الذي يسعون إلى تحقيقه والذي لن يتحقق إلا من خلال السيطرة على تهامة جغرافياً وفكرياً وعسكرياً وسياسيا". وشدّد على أن "جماعة الحوثيين لن تنجح في ذلك، إلا إذا أخضعت أبناء تهامة وهي تحاول استخدام وسائل الترهيب والقمع والإعدامات وتلفيق التهم لأبنائها والسيطرة على شواطئها وموانئها وخيراتها ومواردها".