الأوليغارشية الروسية اليهودية... علاقة وطيدة بالسياسة الإسرائيلية

08 مارس 2022
رافق إيلكين (يسار) نتنياهو ثم بينت إلى موسكو (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي أقرت فيه السلطات الإسرائيلية، بهبوط سبع طائرات خاصة لرجال أعمال روس، لم تكشف عن هويتهم في مطار بن غوريون، مع اندلاع الأزمة في أوكرانيا، وإعلانها أنها لن تسمح لأفراد من الطبقة الأوليغارشية الروسية بإبقاء وتهريب طائراتهم إلى إسرائيل، كشف تحقيق لصحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية، هذا الأسبوع، عن تداخل في علاقة الأوليغارشيين الروس، وخصوصاً من أصول يهودية، بالسياسة في إسرائيل.

وقدّم بعض هؤلاء تمويلاً لوزراء في الحكومة الإسرائيلية خلال الحملات الانتخابية الأخيرة، خصوصاً في العقد الأخير، مع نسج رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، علاقات مميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تسهيلات إسرائيلية لرجال أعمال روس؟

وأبرز تحقيق "ذي ماركر" تحذيرات وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، لزملائه في الحكومة غداة الغزو الروسي لأوكرانيا، من محاولة تقديم مساعدات وتسهيلات للأوليغارشيين الروس لرفع العقوبات عنهم، خصوصاً بعد أن تم إدخال عدد منهم ضمن قائمة العقوبات الأميركية، وأبرزهم ميخائيل فريدمان، الذي اتضح أنه يحمل أيضاً جنسية إسرائيلية.

ولفت التحقيق إلى أن تحذير لبيد لم يأتِ من فراغ، بل من حقيقة أن عدداً من وزراء الحكومة الحالية في إسرائيل، يقيمون علاقات مع عدد من الأوليغارشيين الروس من أصول يهودية، وحصلوا على تمويل منهم في الانتخابات، سواء عندما ترشحوا لقيادة أحزابهم، أو خلال الانتخابات العامة.

حذر لبيد زملاءه في الحكومة من تقديم تسهيلات للأوليغارشيين الروس لرفع العقوبات عنهم

أبرز هؤلاء الوزراء بحسب التحقيق، هو وزير الأمن الحالي بني غانتس، الذي أسس بعد تسريحه من الجيش وإنهاء عمله رئيساً للأركان، شركة ناشئة في مجال السايبر والمعلومات تحت اسم "البُعد الخامس"، اعتمد في تجنيد المال لها على الأوليغارشي الروسي اليهودي فكتور فاكسيلبيرغ. وبيّن التقرير أن أحد أسباب فشل شركة بني غانتس، كان إدخال فاكسيلبيرغ في قائمة العقوبات الاقتصادية الأميركية منذ عام 2018.

وإذا كان بني غانتس قد تمكّن خلال سنوات قليلة من كسب ثقة فاكسيلبيرغ، مباشرة بعد إنهاء عمله رئيساً لأركان الجيش، ومن دون أن تكون له علاقة مسبقة أو خلفية انتماء لروسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، فإن وزير المالية الحالي أفيغدور ليبرمان، مع أنه من أصول مولدافية، معروف بعلاقات طويلة الأمد من النظام في روسيا ومع عدد من الأولغارشيين الروس.

في مقدمة هؤلاء ميخائيل تشيرنو، الذي يملك بحسب التحقيق المذكور عدداً لا يستهان به من العقارات في إسرائيل. وسبق لليبرمان أن حصل على تمويل بثلاثة ملايين دولار من الحكومة الروسية، عندما كان بعيداً عن الحكم، من أجل المساعدة في خفض سعر الروبل وإنقاذ مصرف نمساوي.

أما الوزير زئيف إيلكين، الذي سطع نجمه في الأعوام الأخيرة، بصفته من رافق نتنياهو، ورئيس الحكومة الحالي نفتالي بينت للقاءات مع الرئيس فلاديمير بوتين، وآخرها السبت الماضي لتولي عملية الترجمة بين الطرفين، فتربطه هو الآخر علاقات متينة مع عدد من الأوليغارشيين الروس الذين قدّم عدد منهم الكفالة المالية له عند تنافسه على رئاسة بلدية القدس عام 2018.

ومن بين الذين قدّموا هذه الضمانات المالية، الأوليغارشي الروسي اليهودي طمير بن يهودا (ميرلشيفيلي) الذي يشغل منصب رئيس مجلس رجال الأعمال روسيا-إسرائيل، إضافة إلى يوري زيلفينسكي وليف كانغو. وكان الأخير قد زار إسرائيل ضمن الوفد الذي رافق نائب رئيس الحكومة الروسية، آنذاك، مكسيم أكيموف.

وادعى إيلكين في حديثه مع "ذي ماركر" أنه يؤيد موقف يئير لبيد، لكنه قال أيضاً إن المتبرعين له ليسوا من المقربين من بوتين. كما حظي إيلكين الذين تبيّن هذا الأسبوع أنه أوكراني الأصول وليس روسياً، وأن أخيه يعيش مع عائلته في خاركيف، حصل أيضاً على تبرعات من فلاديمير غوسينسكي وميخائيل ميرلشيفيلي.

وإذا كان ليبرمان وإيلكين من أصول سلافية ومعروفين في إسرائيل بهذه الصفة وهذه الأصول، فإن غدعون ساعر، وزير القضاء، المعروف أن والدته من بخارى في أوزبكستان، حصل هو الآخر على تبرعات من غوسينسكي عام 2008 عندما تنافس في الانتخابات الداخلية لحزب الليكود.

وعندما عُيّن وزيراً للداخلية، توجّه رسمياً إلى مديرية تسجيل السكان، مطالباً بمساعدة غوسينسكي للحصول على جواز سفر إسرائيلي. أما مدير وزارة الإسكان، أفيعاد فريدمان، فكان قد عمل في السابق هو الآخر مديراً في شركات غوسينسكي.

هجرة متوقعة إلى إسرائيل

وبحسب التحقيق، لا يُستبعد أن يقوم عدد من رجال الأعمال الروس من الطبقة الأوليغارشية، بمحاولة الهجرة إلى إسرائيل، معتمدين على أصولهم اليهودية والعودة إلى إسرائيل، خصوصاً أن بعضهم سبق له أن حصل في مطلع التسعينيات وبداية حقبة بوتين الرئاسية، على الجنسية الإسرائيلية، عندما كان بوتين يشن في بداية حكمه حرباً على أفراد هذه الطبقة قبل أن يتحول أقطابها إلى مؤيدين له ولحكمه.

لا يُستبعد أن يقوم عدد من رجال الأعمال الروس من الطبقة الأوليغارشية، بمحاولة الهجرة لإسرائيل

وأشار التحقيق إلى أن كثيرين من رجال الأوليغارشية المعروفين اليوم من ذوي الأصول اليهودية، يحملون الجنسية الإسرائيلية بالأساس كضمان لهم في حالات الأزمات، كما هو الوضع اليوم، بحيث يمكنهم "العودة" إلى إسرائيل، باعتبارهم مواطنين يعيشون في الخارج، من دون أن يكونوا ملزمين بتقديم تصريح عن مصادر دخلهم في السنوات العشر الأخيرة. ويحيز القانون الإسرائيلي، لكل مواطن إسرائيلي يحمل الجنسية وغادر إسرائيل ومكث في الخارج لأكثر من سبع سنوات، العودة إليها والاستفادة من الامتيازات والتسهيلات التي تعطى للمهاجرين اليهود الجدد.

مع ذلك لفت التحقيق إلى أن بعض الأوليغارشيين اليهود في روسيا استصدروا جوازات سفر من دول أجنبية غير إسرائيل، كما هو حال الأوليغارشي اليهودي الروسي رومان أبراموفيتش الذي حصل أخيراً على جنسية برتغالية.

وقال مستشار إسرائيلي يعمل مع رجال أعمال روس، للصحيفة، إنه يتوقع "أن تكون إسرائيل وجهة كثيرين من رجال الأعمال الروس الذي تقدّر ثرواتهم بمليارات الدولارات، وأن يشتروا عقارات وبيوتاً في إسرائيل اليوم، بعد أن طاولت العقوبات الاقتصادية الأوليغارشي الروسي الإسرائيلي، ميخائيل فريدمان، وشريكه بيتر إيفن، وهو ما لم يكن رجال الأعمال الروس من أبناء هذه الطبقة يتوقعون حدوثه". وتابع: "الأرض في أوروبا تهتز تحت أقدامهم وهذا ما سنشعر به في إسرائيل أيضاً".

المساهمون