الأمم المتحدة: روسيا استخدمت "قنابل عنقودية" بهجومها على أوكرانيا

11 مارس 2022
مجلس الأمن عقد جلسة طارئة اليوم بطلب من روسيا (Getty)
+ الخط -

في خضم مخاوف غربية من استخدام موسكو أسلحة كيميائية في أوكرانيا، عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، جلسة طارئة بطلب من روسيا للبحث في اتهامات أطلقتها الأخيرة بإنتاج حكومة كييف أسلحة بيولوجية بدعم أميركي. وفيما رفضت واشنطن هذه الاتهامات أكدت مسؤولة في الأمم المتحدة وجود "معلومات موثوق بها" عن استخدام روسيا قنابل عنقودية في أوكرانيا.

وتحدثت مبعوثة الشؤون السياسية للأمم المتحدة روزماري ديكارلو عن "تقارير مؤكدة عن استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية، في المناطق المأهولة بالسكان".

وجاءت تصريحات ديكارلو خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك، صباح الجمعة، بطلب من روسيا والتي تدعي أن هناك مختبرات لأسلحة بيولوجية بإدارة أميركية في أوكرانيا، الأمر الذي تنفيه الولايات المتحدة ووصفته بالكذب والدعاية الروسية التي تهدف إلى التضليل. 

وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية إن "الحرب تدخل أسبوعها الثالث والقوات المسلحة الروسية تواصل هجومها".

وفي إحاطتها تحدثت ديكارلو عن "مواصلة القوات المسلحة الروسية عملياتها الهجومية ومحاصرة عدة مدن في جنوب وشرق وشمال البلاد". وقالت: "كما وردتنا أنباء عن حشد تركيز كبير من القوات الروسية على طول عدة طرق مؤدية للعاصمة كييف".

وشددت ديكارلو على أن "الهجمات العشوائية الروسية"، التي تضرب أهدافاً عسكرية ومدنية "دون تمييز"، محظورة وفقا للقانون الإنساني الدولي.


 
وأشارت إلى "أن الأمم المتحدة تمكنت من التحقق من إصابة 1546 مدنياً، بما في ذلك 564 قتيلاً و982 جريحاً، منذ بدء الغزو في 24 فبراير/شباط الماضي".

كما شددت على ضرورة وقف الأعمال العدائية والسماح بتقديم المساعدات الإنسانية للراغبين بمغادرة البلاد بفعل ذلك وبشكل طوعي. 

ولفتت الانتباه إلى أن عدد اللاجئين وصل إلى 2.5 مليون شخص خلال أقل من ثلاثة أسابيع وعدد النازحين داخلياً يفوق المليون كذلك. 

وترفض موسكو مصطلح الحرب، وتعتبر الغزو "عملية عسكرية خاصة".

الأمم المتحدة: لا نعلم بوجود أسلحة بيولوجية في أوكرانيا

وفي هذا الشأن، قالت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، ايزومي ناكاميتسو، خلال إحاطتها: "أعلم بوجود التقارير الصافية التي تشير إلى مزاعم وجود برامج أسلحة بيولوجية (في أوكرانيا). الأمم المتحدة ليست على علم بأي من هذه البرامج". 

وأشارت ناكاميتسو إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972 والتي تحظر استخدام واستحداث وتخزين وحيازة ونقل الأسلحة البيولوجية تحت أي ظرف، وقالت إن أوكرانيا وروسيا طرفان في الاتفاقية والمعاهدة ذات الصلة والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1975. 

ولفتت في الوقت ذاته إلى "أن الاتفاقية تفتقر إلى آلية تحقّق متعددة الأطراف بإشراف من منظمة مستقلة مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ولذلك، فإن تقييم الامتثال للالتزامات يقع على عاتق الدول الأعضاء". 

وأشارت في الوقت ذاته إلى "أن الاتفاقية تتضمن عدداً من التدابير التي يمكن أن تلجأ إليها الدول الأطراف لمعالجة الأوضاع التي تشعر فيها بقلق إزاء أنشطة دول أخرى".

وشرحت في هذا السياق أن "المادة الخامسة تنص على الآتي: الدول الأطراف يمكنها أن تتشاور مع بعضها البعض وتتعاون لحل أي مشكلة تتعلق بهدف الاتفاقية وتطبق أحكامها".

وأضافت: "المادة السادسة من الاتفاقية تنص على أن أي دولة طرف تجد أن دولة أخرى تتصرف في انتهاك لأحكام الاتفاقية يمكنها أن ترفع شكوى لمجلس الأمن، وإذا وافق يمكن بدء تحقيق على أساس الشكوى التي تلقاها".

روسيا: 30 مركزاً بيولوجياً بأوكرانيا

وتتهم موسكو حكومة كييف بأنها تدير بالتعاون مع واشنطن مختبرات في أوكرانيا بهدف إنتاج أسلحة بيولوجية، طالبة من الإدارة الأميركية أن تفسر للعالم سبب دعمها لما تصفه بأنه برنامج بيولوجي عسكري في أوكرانيا.

وكرر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، اتهام الولايات المتحدة بأنها تعاونت مع أوكرانيا في "30 مختبراً بيولوجياً" في أوكرانيا تتعلق بـ"الطاعون أو الجمرة الخبيثة أو الكوليرا".

وأضاف مندوب روسيا في الأمم المتحدة، في كلمته بمجلس الأمن الدولي: "أجريت اختبارات بيولوجية في أوكرانيا باستخدام الطيور المهاجرة بهدف نقل الأمراض للبشر"، مشيراً إلى أن الهدف من اتفاقية الأسلحة البيولوجية كان إنهاء الخطر الذي تشكله هذه الأسلحة.

وقال: "طالبنا بعقد الاجتماع لمجلس الأمن لأننا شهدنا واقعاً صادماً من عملية إزالة أي آثار لبرنامج بيولوجي عسكري تنفذه كييف بدعم من وزارة الدفاع الأميركية".

وادعى أن لدى وزارة الدفاع الروسية وثائق مفادها "بأنه على الأراضي الأوكرانية هناك شبكة تشمل ما لا يقل عن ثلاثين مختبرا بيولوجيا تقام فيها عمليات اختبار بيولوجية خطيرة".

ولم يقدم السفير الروسي إثباتات واضحة على ادعاءاته من مصادر مستقلة، مؤكداً في الوقت أن هناك معلومات متاحة حول ذلك على صفحة وزارة الدفاع الروسية. 

روسيا تضلل العالم

في المقابل، حذر مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا من الحملة الروسية على كييف قائلاً: "التهديدات الروسية تطاول الجميع"، متهما موسكو بالكذب والتضليل.

وشدد على أن الحديث عن برامج بيولوجية في أوكرانيا تضليل للرأي العام العالمي قائلاً: "الحديث عن برامج بيولوجية مجرد تضليل".

وطالب المندوب الأوكراني مجلس الأمن بالبحث في الجرائم الروسية في كييف قائلا: "روسيا تتلاعب بمجلس الأمن وتنتهك الممرات الآمنة ومجلس الأمن يجب أن يبحث جرائم موسكو".

واشنطن تتهم روسيا والصين "بالكذب"

كذلك، قالت ممثلة الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن "روسيا طلبت من مجلس الأمن عقد اجتماع اليوم لغرض وحيد هو الكذب ونشر المعلومات المضللة".

وأضافت: "الشهر الماضي، أوضح وزير الخارجية أنتوني بلينكن بدقة فائقة ما كانت روسيا على وشك القيام به. وحذر على وجه التحديد من أن روسيا ستقدم ذرائع من أجل الاعتداء على أوكرانيا، بل وحذر من أنها ستلفق مزاعم بشأن أسلحة كيميائية أو بيولوجية لتبرير اعتدائها العنيف ضد الشعب الأوكراني".

وأردفت: "اليوم، يراقب العالم روسيا وهي تفعل بالضبط ما حذرنا منه. تحاول روسيا استخدام مجلس الأمن لإضفاء الشرعية على المعلومات المضللة وخداع الناس لتبرير حرب الرئيس فلاديمير بوتين المختارة ضد الشعب الأوكراني".

كما اتهمت السفيرة الأميركية الصين بالعمل على نشر المعلومات نفسها دعماً للمزاعم الروسية.
وأردفت غرينفيلد: "الصين أيضاً تقوم بنشر معلومات مضللة لدعم مزاعم روسيا الفاحشة. وسوف أقول ذلك لمرة واحدة فقط: أوكرانيا ليس لديها برنامج أسلحة بيولوجية، ولا توجد مختبرات أسلحة بيولوجية أوكرانية تدعمها الولايات المتحدة لا قرب حدود روسيا ولا في أي مكان".

وتابعت: "في الواقع روسيا هي التي تحافظ منذ فترة طويلة على برنامج أسلحة بيولوجية ينتهك القانون الدولي، كما أن لديها تاريخا موثقا جيدا في استخدام الأسلحة الكيميائية".

وزادت غرينفيلد : "روسيا هي التي تواصل دعم نظام (رئيس النظام السوري بشار) الأسد في سورية، وحمايته من المساءلة عندما أكدت الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قيامه باستخدام الأسلحة الكيميائية مراراً وتكراراً على مدى السنوات العديدة الماضية".

وأكملت: "تتمتع روسيا بسجل حافل من الاتهامات الكاذبة لدول أخرى، ولدينا مخاوف جدية من أنها ربما تخطط لاستخدام عوامل كيميائية أو بيولوجية ضد الشعب الأوكراني".

وقالت غرينفيلد إن "القصد من وراء هذه الأكاذيب واضح ومقلق للغاية، فروسيا يمكن أن تستخدم عوامل كيميائية أو بيولوجية في الاغتيالات كجزء من حادثة مدبرة أو كاذبة، أو لدعم العمليات العسكرية التكتيكية".

وشددت على أن الولايات المتحدة "لن تدع روسيا تفلت من الكذب على العالم أو تلطيخ نزاهة مجلس الأمن من خلال استخدامه كمكان لإضفاء الشرعية على عنف بوتين".

واستطردت قائلة: "روسيا تفشل في سعيها لخلق بديل. فهي هنا المعتدية ونحن واثقون من أن الحقيقة والشفافية ستسودان"، داعية الرئيس بوتين إلى "إنهاء هذه الحرب غير المبررة وغير المعقولة ضد الشعب الأوكراني".

ومنذ الأربعاء، تحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من أن روسيا قد تلجأ لاستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا.

من جهته، قال نظيرها البريطاني جيمس كاريوكي إنه منذ أيام، "تواصل روسيا حربها العدوانية على أوكرانيا وتحاصر المدن وتقتل مدنيين بشكل عشوائي، وتجبر ملايين الأشخاص على الفرار بحثاً عن الأمان".

وأضاف أن "أوجه التشابه مع سلوك روسيا في سورية واضحة" و"المقارنة تمتد أيضاً إلى الأسلحة الكيميائية، إذ نرى شبح التضليل الروسي المألوف يلوح في الأفق في أوكرانيا" حول هذا الموضوع.

أما المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك فقال الخميس: "ليست لدينا أي معلومات (...) عن استخدامها المقبل" في أوكرانيا. وأضاف أن "استخدامها سيكون غير قانوني وسيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي".

ولم تأت فرنسا على ذكر أوكرانيا في خطابها. لكن السفير الألباني فريد خوجا الذي يشغل بلده مقعداً غير دائم في مجلس الأمن حرص على تقديم عرض طويل عن القصف الروسي لمستشفى التوليد الأوكراني. وقال "إنها جريمة يجب ألا تفلت من العقاب".

ورفض نائب السفير الروسي دميتري بوليانسكي، اتهامه. وكرر ما ذكرته موسكو من أن هذا المكان يحتله "مقاتلون" و"لم يستقبل منذ فترة طويلة نساء على وشك الوضع". وأضاف أن الصور التي تظهر امرأة حاملاً أمام هذا المستشفى المدمر مركبة.