الأردن يسعى لتجنب تداعيات الهجوم على القوات الأميركية

30 يناير 2024
كانت الاستهدافات تركز على القوات الأميركية بسورية والعراق (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

يسعى الأردن إلى تجنّب تداعيات الهجوم على القوات الأميركية الذي استهدف "البرج 22" شمال شرقي البلاد قرب مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية، وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين، ويعد الأول من نوعه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة الذي يُسفر عن سقوط قتلى أميركيين.

وزير الاتصال الحكومي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، مهند المبيضين، دان في بيان رسمي، أمس الأول الأحد، الهجوم الذي استهدف موقعاً متقدماً على الحدود مع سورية، وأدى إلى مقتل جنود من القوات الأميركية التي تتعاون مع الأردن في تأمين الحدود، مع محاولات نفي أن يكون الهجوم وقع داخل حدود المملكة.

وفي حين لم تتبن أي جهة مسلحة الهجوم حتى عصر أمس الاثنين، فإن جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق"، أعلنت الأحد، وقبيل ساعات من إعلان واشنطن مقتل جنودها، استهداف 4 قواعد أميركية في العراق وسورية بالطائرات المسيّرة.

خلفيات الهجوم على القوات الأميركية

وتعليقاً على الهجوم، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحرب على غزة دخلت في إطار التوسع منذ فترة، فالحوثيون فعلياً يقومون بعمليات اعتراض في البحر الأحمر، والحركة التجارية إلى ميناء إيلات شبه متوقفة، وبالتالي هذا معلم بارز من معالم توسع الحرب.

ولفت إلى أن المعلم الثاني مرتبط بممارسة "حزب الله" عمليات عسكرية شبه يومية بقصف الأراضي المحتلة، ما يتسبب بإصابات مباشرة بين جنود الاحتلال، كما دخلت الفصائل العراقية المسلحة في هذا الإطار بقصفها مواقع في حيفا وأسدود، والقواعد الأميركية في المنطقة.

شنيكات: الحدث الأساسي في غزة، وكل ما يحدث بعد ذلك هو أعراض للحدث الأساسي

وأوضح أن الحدث الأساسي في غزة، وكل ما يحدث بعد ذلك هو أعراض للحدث الأساسي، مشيراً إلى أن هذه العمليات موضعية وليست شاملة، فيما الدعم الأميركي لإسرائيل وحتى هذه اللحظة لم يتوقف، وهو مستمر سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مشيراً إلى أنه لا يوجد ضغط أميركي حقيقي لإيقاف الحرب في غزة، فيما تأخذ الحكومة الإسرائيلية مهلتها ووقتها باستمرار العدوان، كما أن قرار محكمة العدل الدولية غير الحاسم جاء كمهلة جديدة للاحتلال للاستمرار في العدوان على غزة.

ورأى شنيكات أن تداعيات مقتل الجنود الأميركيين تعتمد على أمرين، إذا كانت حادثة وحيدة فإنها ستتوقف على ردود الفعل الأميركية، وقد تقوم الولايات المتحدة بتسجيل ضربة قوية داخل الأراضي السورية والعراقية، بعيداً عن ضرب إيران، أما ضرب إيران فيمكن أن يوسع الأمر وأن يكون الرد الإيراني في مناطق متعددة.

وتوقع أن الولايات المتحدة ستفكر بالرد في العراق وسورية، خصوصاً أن الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه مقبلان على انتخابات رئاسية، ولا يريدان الظهور بأنهما يجرّان الولايات المتحدة إلى حرب لا داعي لها، لا سيما أن الكثير من القواعد الانتخابية للحزب الديمقراطي ترفض الحرب.

أما بالنسبة للأردن، فلفت إلى أن الحكومة أصدرت بيان شجب واستنكار كون القوات الأميركية تقدم الدعم والإسناد للقوات المسلحة الأردنية، لضبط الحدود وحمايتها من المليشيات المسلحة، سواء كان لمنع تهريب المخدرات أو الأسلحة، مشيراً إلى أن الإسناد الاستخباري والعسكري للأردن أساسي ولا غنى عنه في هذه المنطقة التي تشهد فوضى أمنية ولا تسيطر عليها قوة مركزية.

وأضاف أنه إذا استمرت العمليات يمكن أن يحدث تطور أكبر على الموقف الأردني ويصبح جزءاً من معادلة الصراع، لكن إذا بقيت حادثة منفردة فإنها تعالج في هذا الإطار، أما إذا توسعت واستهدفت أراضي أردنية فمن المتوقع أن يكون الأردن جزءاً من مواجهة ذلك.

وتابع: "إذا لاحظنا التباين الأردني الأميركي حول موقع الحادثة، فهذا يؤشر إلى أهمية هذا الوضع، فإذا كانت الحادثة داخل الأردن فهي اعتداء على السيادة الأردنية مما يتطلب الرد، لكن إذا كانت خارج الحدود فبيان الشجب والاستنكار كافٍ بالنسبة للأردن، ويأتي في إطار ضرورة وجود موقف أردني تجاه الدعم والإسناد التي تقدمه القوات الأميركية للمملكة".

أي دور للأردن في الرد على الهجوم؟

وفي السياق، قال الخبير الأمني والعسكري الأردني جلال العبادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هذا الهجوم على القوات الأميركية هو في منطقة "البرج 22" مقابل التنف في منطقة الركبان، موضحاً أن الأردن أعلن أن الهجوم خارج أراضي المملكة، فيما تقول الولايات المتحدة إنه شمال شرق الأردن في الأراضي الأردنية.

وبيّن أن هذه المناطق متلاصقة، "البرج 22" و"الركبان" و"التنف"، فهي سلسلة متواصلة ومواقع متلامسة جغرافياً، تقع على الحدود الأردنية السورية العراقية، ومنها "البرج 22" على الحدود الجغرافية مع سورية.

توقع العبادي أن يركز الرد الأميركي على قواعد المليشيات والمجموعات المقاتلة

وأشار إلى أنه منذ العدوان على غزة، وتوسع النزاع إلى لبنان والجولان السوري المحتل والبحر الأحمر، أصبح هناك تقدم للمجموعات المقاتلة، خصوصاً الشيعية المتمركزة في العراق وسورية، وأصبحت تأخذ دوراً في المواجهة على الرغم من التحذيرات الدولية من توسع الحرب على غزة إقليمياً.

وبيّن أنه قبل هذا الهجوم أشارت القوات الأميركية إلى وقوع عشرات الجرحى بسبب الهجمات على القواعد الأميركية، وتركزت على قاعدة عين الأسد في العراق وحقل كونيكو النفطي في سورية، لكن الإصابات كانت طفيفة ولم يُعلن عن وفيات، وترد القوات الأميركية عبر غارات بطائرات حربية أو صواريخ على تجمّع المليشيات في سورية والعراق.

وتوقع الخبير العسكري أن يركز الرد الأميركي على قواعد المليشيات والمجموعات المقاتلة، خصوصاً أن المعلومات الأولية تشير إلى أنه تم إخلاء مواقع للفصائل العراقية.

ورجح أن يتم احتواء التصعيد، خصوصاً أنه لا رغبة أميركية للمواجهة المباشرة مع إيران، كما أن طهران لا ترغب بالمواجهة المباشرة مع واشنطن، ليبقى هذا التراشق في الأراضي السورية والعراقية.

من جهته، رأى الكاتب الصحافي ماجد توبة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القضية بين الولايات المتحدة وإيران وأذرعها في المنطقة وليست مع الأردن، والأردن ليس مستهدفاً مع أن الحدث وقع على حدوده، فالمستهدف قوات أميركية تساعد القوات المسلحة الأردنية، متوقعاً ألا يتجاوز دور الأردن وفق المعطيات الحالية الإدانة والتضامن مع ضحايا الهجوم.

وأضاف أن تداعيات الهجوم المستقبلية سترتكز على الرد الذي توعّد به بايدن والإدارة الأميركية على إيران وأذرعها في المنطقة، بعد تحميلهم مسؤولية الهجوم، متوقعاً أن تكون الردود ضربات قوية ومحددة، لا تصل إلى مرحلة الحرب الواسعة بين الولايات المتحدة وإيران.

ولفت توبة إلى أن هذه الحادث، وما سبقه من تداعيات وحوادث في البحر الأحمر متعلقة بالسفن الذاهبة إلى موانئ الاحتلال، والعمليات المختلفة في جنوب لبنان والعراق وسورية، كلها مرتبطة بالعدوان على قطاع غزة، وكل هذه القوى والأطراف في العراق وسورية واليمن تقول أوقفوا العدوان على غزة، فنوقف كل هذه التحركات.

واعتبر أن الولايات المتحدة تريد أن تحصر الحرب لتبقى في قطاع غزة للحفاظ على مصالحها، لكنها تجد نفسها يوماً بعد يوم تغرق في مستنقع توسع الحرب على أكثر من جبهة، مشيراً إلى أنه "ما دامت تدعم إسرائيل ولم تتخذ قرارات تلجمها لوقف العدوان والذهاب إلى تسوية سياسية، ستجد نفسها متورطة أكثر عسكرياً في هذه المنطقة".

المساهمون