اعتقال قيادات الأحزاب التونسية: إفراغ نهائي للساحة السياسية

06 يوليو 2024
تظاهرة في تونس العاصمة احتجاجاً على اعتقال معارضين، 24 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

ارتفع عدد زعماء وقادة الأحزاب التونسية المعتقلين في السجن إلى 7 باعتقال أمين عام اتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، فيما يقارب عدد النشطاء الحزبيين المسجونين نحو 40 شخصية بين وزراء سابقين وبرلمانيين وفاعلين في أحزاب وازنة. 

ويقبع في السجن منذ أكثر من عام، بتهم التآمر على أمن الدولة، كل من زعيم حزب النهضة ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والأمين العام لحزب القطب رياض بن فضل، والأمين العام للتيار الديمقراطي السابق، غازي الشواشي، ورئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي، بالإضافة إلى المرايحي الذي اعتقل الأربعاء الماضي بتهم شبهات فساد مالي. كما يرجح أن يرتفع عدد قادة الأحزاب المعتقلين بعد توجيه الدعوة للتحقيق مع الأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي بتهمة القتل العمد.

ويقبع في السجن منذ عام ونصف نحو 40 شخصية حزبية وسياسية بتهم التآمر على أمن الدولة في سياق حملة الاعتقالات في 11 فبراير/ شباط 2023. وتشمل قائمة المعتقلين كلاً من نائبي رئيس حزب النهضة علي العريض ونور الدين البحيري، ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، والقيادي المؤسس في حزب التكتل خيام التركي، والقياديين في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك ورضا بلحاج، والقياديين في حزب تحيا تونس النائب وليد جلاد، والوزير السابق رياض الموخر، ومن مؤسسي حزب ائتلاف الكرامة النائب راشد الخياري، وغيرهم.

تحظى حركة النهضة بالنصيب الأكبر من عدد القيادات والكوادر الحزبية في السجن، إذ تشمل قيادات محلية وجهوية وإدارية، وحتى مستقيلين منها. وقال القيادي في الحركة محسن السوداني في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "من الواضح أن السلطة تستهدف كل مترشّح جدّي للانتخابات الرئاسية. وتسعى من وراء ذلك إلى خلق وضع لا يسمح إلا بنجاح الرئيس الحالي قيس سعيد. ولا أعتقد أن المعارضة يمكن أن تخوض هذا الاستحقاق المهم فيما لو استمرّت نفس الظروف الحالية الخانقة. وذلك يؤكد قاعدة تاريخيّة في المجال السياسي، وهي أن الانقلاب ليس له أصدقاء. والجميع يظلون في مرمى الاستهداف. فأن تسجن السلطة معارضين سياسيين من اتجاهات متباينة ومختلفة وإعلاميين ومحامين ولا تستثني أيّ تيار سياسي، كل ذلك يؤكد هذا المعنى، وهو أن الانقلاب ليس له صديق".

وأضاف السوداني: "يبدو أن الاتجاه العام لسلطة الانقلاب هو إفراغ المشهد السياسي من كل الرموز والشخصيات التي كانت علامات دالة على تاريخ نضالي في المجال السياسي والحقوقي والمدني. لكأنّ الانقلاب يريد أن يمحو كل آثار الثورة، المادية والرمزية، ويغلق القوس لمرحلة كاملة من الانتقال الديمقراطي". وتابع: "صحيح أن الانقلاب لم يحلّ أحزاباً سياسية بحكم قضائي ولكنه يسعى إلى حلّها بطرق أخرى. وذلك بإجراءات ضاغطة ومضيّقة، مثل غلق المقرات ومنع الاجتماعات واعتقال القيادات، وفضلاً عن ذلك فإنه يخلق مناخاً عامّاً لا يشجّع على العمل السياسي، كما يعمد إلى شيطنة السياسيين وترذيلهم في عيون الرأي العام. وبذلك يخلق توجّهاً عاماً يعادي الأحزاب التونسية والسياسيين، في إحجام الناس عن المشاركة في الفضاء العام بالانخراط في الأحزاب والمساهمة في الشأن الوطني. ويمكن القول إن السياسة في تونس تحتضر، هذا إن لم تكن قد ماتت فعلاً". بحسب تقديره.

سعيّد لا يرى فائدة من الديمقراطية

بدوره، اعتبر المحلل السياسي والجامعي، أحمد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ماكينة (جهاز) السلطة كانت عادلة إلى حد ما في توزيع الاستهداف على الطبقة السياسية المعارضة، عبر اعتقالات طاولت غالبية رموز الحركة المعارضة، والاستهداف تراوح بين السجن والملاحقة والتحقيقات والتضييقات". ولفت إلى أن "الاستهداف هو مواصلة لعملية تصحير الساحة السياسية وتفريغها من الفاعلين الحزبيين والنشطاء السياسيين وضرب للأحزاب السياسية"، مستدركاً بأن "ضرب الأحزاب السياسية لم يبدأ الآن بل بدأ منذ 2014 عندما كان سعيد يجوب البلاد ويقول فليرحلوا حكومة ومعارضة، وهو يرى (سعيد) أن الأحزاب التونسية هي أحد الأمراض العضال التي أصابت تونس ويرى أن الأحزاب أصبحت شريكة في الفساد وقمع الشعوب وتفقيرها".

وتابع المحلل "سعيد يرى أن الديمقراطية لعبة وحيلة ليبرالية، وهذا ليس كلامه هو بل رأي "قوى تونس الحرة" التي رافقها منذ 2011، وهي تعتبر فصيلاً يساريا ًمتطرفاً سليل حزب الوطنيين الديمقراطيين الذي يعتبر الديمقراطية لا فائدة منها بل هي حيلة ليبرالية، ويرون أنه يجب أن يكون هناك قائد ورئيس ينطق باسم إرادة الشعب يمثل مصلحة الشعب ولا فائدة من المنافسة ولا الانتخابات عموماً، وبالتالي منتظر أن يقوم بسجن أي منافس جدي له وضرب الأحزاب التونسية".

واستنتج الغيلوفي "الانقلاب لا ينفذه فرد واحد بل معه مؤسسات أمنية وعسكرية تعيش لحظة خطيرة على مصيرها لأنها تخشى أن يأتي رئيس آخر يحاسبها على أحداث 25 يوليو/ تموز 2021 ، فهناك أجهزة وهناك إرادة قيس سعيد وهناك إرادة هذا الفصيل السياسي، الذي يقوم بكل شيء للبقاء في السلطة وحماية نفسه".

المساهمون