اعتداءات "داعش" تعيد المليشيات إلى بغداد

02 مارس 2016
عراقيون يقولون إن المليشيات هددتهم بالانتقام (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


يعيش الشارع العراقي منذ صباح يوم الأحد الماضي حالة من الهلع والخوف، بعدما نجح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في إرباك الوضع الأمني، واختراق التحصينات الدفاعية للقوات الأمنية حول أسوار بغداد، ما أثار مخاوف من تمكّنه من الوصول إلى قلب العاصمة في أي وقت يريد. وقام التنظيم بجملة عمليات الأحد غرب العاصمة العراقية، ثم داخلها، وأخرى شمالها، مخلّفاً أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى بين صفوف القوات الأمنية العراقية والمليشيات، بالإضافة إلى المدنيين.

هذا الأمر أدى إلى استنفار القوات الأمنية، كما شكّل فرصة مثالية للمليشيات لتفرض وجودها وانتشارها في مناطق كانت إلى حد ما لا تمتلك الغطاء لدخولها، وهو ما دعا كتل التحالف والأحزاب المؤيدة للمليشيات، إلى استغلال هذا الوضع ومهاجمة ما وصفوه بتقليل رئيس الحكومة حيدر العبادي من دور "الحشد الشعبي" وأهمية انتشار عناصره في أي مكان يرونه ويقدرونه كخطر على الأمن، متخذين من خروقات "داعش" ذريعة. وكان العبادي قد اتخذ عدداً من الإجراءات تجاه المليشيات في العراق، من بينها تسريح 30 في المائة من عناصر "الحشد"، واستبدال نائب رئيس "الحشد" أبو مهدي المهندس.

وتشير بعض الوقائع إلى أن الانتهاكات المستمرة والجرائم ضد مدنيين التي تمارسها المليشيات على أسس طائفية، تقف وراءها جهات خارجية، خصوصاً مع زيارات قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، لقوات "الحشد"، ولقاءاته بقادتها في مناطق وجودها داخل العراق.

اقرأ أيضاً: ارتباك أمني في بغداد ومخاوف من هجوم جديد لـ"داعش"

ويوم الجمعة الماضي وجّه رجال دين، منهم مقتدى الصدر وخطباء منابر الجمعة في الكوفة والنجف وبغداد، تحذيرات إلى الحكومة، موجّهة بشكل خاص إلى العبادي، تطالبه بعدم المساس بالمليشيات، والابتعاد عن القرار الأميركي الذي يفرض على العبادي إبعاد المليشيات عن المعارك مع "داعش" بالإضافة إلى الضغط عليه لتفكيكها.

الشارع العراقي الذي ضاق ذرعاً بتصرفات المليشيات، لم يهنأ طويلاً بقرار العبادي منع تجوال السيارات والمسلحين التابعة لـ"الحشد" في الأحياء السكنية، وإناطة مهمة الحماية والمراقبة بالجيش والشرطة حصراً، إذ عادت من جديد تلك المليشيات وبشكل أكثر سطوة ونفوذاً خصوصاً بعد هجمات "داعش" يوم الأحد في أبو غريب، لتمارس دورها في "إرهاب" المواطنين "بدواعٍ طائفية"، كما يقول عدد من السكان.

ويقول المواطن رعد النداوي من سكان مدينة العامرية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "هتافات طائفية رددها عناصر في المليشيات، وهم يستعرضون انتشارهم عند مداخل مدينتنا"، لافتاً إلى أنهم "قاموا ببث الرعب بين السكان الآمنين". ويضيف: "نحن بين إرهابَين، داعش والمليشيات الطائفية، وكل منهما أبشع من الآخر، ونتوقع في أية لحظة وقوع تفجير أو اختراق أمني من قبل داعش يهدد حياتنا، وفي الوقت نفسه نواجه خطر المليشيات التي تحاول ايجاد الذرائع لممارسة عنفها ضدنا".

من جهته، يقول خالد المحمداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المليشيات وجدت الفرصة سانحة لها لتعبث من جديد بأمننا داخل مناطقنا"، في إشارة إلى بعض المناطق داخل بغداد، مضيفاً: "يبدو أن داعش قدّم خدمات جليلة للمليشيات حين نفذ عمليات انتقامية يوم الأحد". ويشير إلى أن المليشيات أسمعت مواطنين من سكان حي الغزالية غرب بغداد، تهديدات ووعيداً بالانتقام "عند انتهائها من دحر داعش".

هذه التهديدات لم تكن مجرد كلام، إذ عادت المليشيات الاثنين، إلى القيام باعتداءات طائفية كانت مارستها قبل نحو أقل من شهر في مدينة المقدادية بمحافظة ديالى. وعمدت هذه المليشيات من جديد، إلى "إرهاب" المواطنين في المقدادية، بعد مقتل 27 من مواطنيها وإصابة آخرين، بينهم قيادات في مليشيا "الحشد"، الاثنين، بتفجير انتحاري تبناه تنظيم "داعش" واستهدف مجلس عزاء بحسب مصدر أمني محلي لـ"العربي الجديد". ويشير المصدر إلى "مقتل ثلاثة من قيادات الحشد بالتفجير، بينهم القيادي في مليشيا "عصائب أهل الحق"، علي حمد التميمي، الذي يحمل رتبة عقيد في الحشد".

ويؤكد الصحافي علي الزبيدي من سكان المقدادية، لـ"العربي الجديد"، أنه "سرعان ما انتشر عناصر المليشيات في المقدادية، وبدأوا بفرض وجودهم عبر دهم المنازل وتفتيش السكان، وقطع الكهرباء، وفرض حظر للتجوال، واعتقال مواطنين". ويضيف: "كما عاد الرعب من جديد بين سكان المدينة، الذين لم يهنأوا طويلاً بتوقف الأعمال الطائفية من قتل الأبرياء واعتقال مواطنين، وفي إثر ذلك هرب الكثير من الشباب والرجال إلى مناطق أخرى، خوفاً من اعتقالهم وقتلهم كما حصل في المرة السابقة".

ويرى مراقبون أن التفجير الذي استهدف مجلس عزاء في المقدادية، يشبه كثيراً التفجير الذي استهدف مقهى شعبياً في المدينة مطلع العام الحالي، وأوقع ضحايا بينهم قادة في المليشيات، وأعطى ذلك للمليشيات الضوء الأخضر في الانتشار وارتكاب "جرائم عنف طائفي".

اقرأ أيضاً: إخراج قوات حماية المقدادية.. جهات سياسية عراقية تعبث بالأمن

المساهمون