اجتماع دول مثلث "فايمار" في برلين: ملامح ربط نزاع بين الغرب وروسيا

09 فبراير 2022
عقد شولتز قمة ثلاثية مع الرئيسين البولندي والفرنسي (تيبو كامو/فرانس برس)
+ الخط -

تسارعت دبلوماسية الأزمة الأوروبية لمنع الحرب على الحدود الروسية الأوكرانية، بعد الزيارة التي قام بها المستشار الألماني أولاف شولتز لواشنطن بداية الأسبوع الحالي، ثم استقباله مساء أمس الثلاثاء، اثنين من أهم حلفائه في المستشارية، الرئيسين، البولندي أندريه دودا والفرنسي إيمانويل ماكرون، العائد لتوه من موسكو، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وناقش معه تداعيات الأزمة على الغرب وروسيا، في حال اندلاع حرب في أوروبا، ومدى أهمية العمل على خفض التصعيد.

ورغم نفي موسكو لوعود أطلقتها باريس تتعلق بوقف المناورات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، أعلن شولتز في ظهوره المشترك مساء أمس في برلين خلال القمة الثلاثية لما يسمّى "مثلث فايمار"، أن الهدف المشترك منع الحرب في أوروبا، وهناك رغبة في الدخول في حوار، قبل أن يعيد التحذير من أن انتهاك وحدة الأراضي الأوكرانية وسيادتها غير مقبول، وستكون له عواقب بعيدة المدى على روسيا.

بدوره، شدد ماكرون على أهمية تضامن الدول الثلاث، وأنه لا يمكن تجنب الخطر إلا بالدبلوماسية، وهو الذي كان قد أبدى تفاؤلاً خلال الأيام الماضية من أنه سيُتَّبع نهج جديد في التعاطي مع ملف الأزمة لتجنب خطر التصعيد، مشدداً على أهمية وحدة الأوروبيين مع حلفائهم. أما دودا، فوصف اللقاء بالتاريخي، محذراً من أن أوروبا في أخطر وضع منذ سقوط الستار الحديدي عام 1989.

وفي السياق، يبدو واضحاً أن الأوروبيين في خضم معركة لاحتواء الأزمة وفعل ما في وسعهم لإيجاد حلّ للصراع الروسي الأوكراني، ولا سيما أن التقارير، وبينها ما ذكرته "بيلد"، تشير إلى أن التحشيد العسكري الروسي بات على مسافة 8 كيلومترات من الحدود الأوكرانية، في وقت أفادت شبكة "أيه آر دي" الاخبارية بأن المحادثات بين ممثلين عن روسيا وأوكرانيا بشأن تنفيذ اتفاق مينسك للسلام ستجري في برلين يوم الخميس على مستوى المستشارين، ضمن صيغة النورماندي.

وفي سياق متصل، ومع عدم ترك الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال لقائه مع شولتز في واشنطن الاثنين، أي مجال للشك في أن خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" المثير للجدل لن يُشغَّل في حال حدوث غزو روسي، وتجنب شولتز ذكر عقوبات محددة، بينها على المشروع الذي سيجر الغاز إلى ألمانيا عبر البلطيق، اعتبر المحلل السياسي شتيفان اندرياس كاسدورف في حديث مع "تاغس شبيغل"، أنْ "ليس عليك دائماً وضع جميع بطاقاتك على الطاولة، وأن كل من ينتقد شولتز، هو ببساطة لا يفهم الأخير ونهجه".

وأضاف: "ما الخطأ في الواقع بالتزام المستشار خطه مع الولايات المتحدة في الصراع الروسي الأوكراني، وهو سياسي لا يتصرف وفقاً للموقف أو بشكل حدسي، ولكن بالتتابع لمعالجة واحدة من أكبر الأزمات الأمنية في القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. علاوة على ذلك، فإن بوتين لا يشرح مسبقاً ما الذي سيحدث بالضبط إذا عبرت قواته العسكرية الحدود إلى أوكرانيا. وعليه، فإن الغموض الاستراتيجي الذي يعتمده شولتز بطريقته الخاصة جيد جداً، والأخير لم يكن مضطراً إلى تأكيد واشنطن أن خط "نورد ستريم 2" سينتهي في حال الغزو".

وحيال ذلك، تحدث الباحث هيرفريد مونكلر، الملمّ بكيفية تطور مسار الحروب، عن أن خطر فقدان ماء الوجه للمسؤول يزداد منطقياً عندما لا يحاول أحد فهم موقفه. والفهم لا يعني تبني فكرة الحل، بل هي جزء من تقييم الخيارات الخاصة. وفي هذا الصدد، فإن ماكرون يبدو كأنه يعتمد سياسة ذكية ومنسقة. ولذلك، يمكن أن يكون أحد أهداف الإجراءات المشتركة والموزعة بين الأطراف، ألا يفقد بوتين ماء وجهه في كل هذا، وهذا ما يذكرنا بالاستراتيجية التي اتبعها المستشار الألماني السابق فيلي برانت، سيد سياسة الانفراج. وفي هذه الحالة، قد يعني ذلك إبقاء خيط المحادثات مع روسيا على أساس عقوبات متفق عليها مسبقاً بشكل واضح، وفق مونكلر.

إلى ذلك، يجب النظر إلى ما يتعلق بعاطفة بوتين، الذي قد يشعر في الواقع بأنه محاصر من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، ويطرح مونكلر سؤالاً، وفيه: "ماذا لو انتهى به الأمر إلى مقاومة ما يسمّيه "هواجس التطويق" بشكل غير معقول؟ لذلك، من المهم العثور بسرعة على إجابات عن ذلك، وما إذا كان العمل الروسي ليس مدفوعاً بالرغبة والقوة، بل بالخوف والقلق". وهنا يبرز الخبير أن تقسيم العمل في الغرب يسير على ما يرام، ويمكن البعض تسليم الأسلحة لأوكرانيا، لكن يتعين على البعض الآخر محاولة فهم الروس، لأن الرغبة في الفهم شرط مسبق وضروري لأي استراتيجية، وخاصة لخفض التصعيد.   

المساهمون