"هيومن رايتس ووتش" تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة محتملة وتطهير عرقي غرب دارفور

09 مايو 2024
مركبة عسكرية مدرعة في أحد شوارع مدينة الجنينة، 16 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- هيومن رايتس ووتش تتهم قوات الدعم السريع والمليشيات العربية بارتكاب تطهير عرقي ضد المساليت في الجنينة، غرب دارفور، مما أدى لمقتل آلاف وتشريد مئات الآلاف.
- التقرير يكشف عن فرار أكثر من نصف مليون لاجئ إلى تشاد، معظمهم من الجنينة، ويحذر من استهداف ممنهج يهدف لدفع المجتمعات غير العربية لمغادرة المنطقة، ما يشكل تطهيراً عرقياً.
- يوثق التقرير العنف المتواصل بعد اندلاع الحرب في 15 إبريل، مشيراً إلى مذبحة في يونيو وضرورة دعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب المحتملة بدارفور.

اتّهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، قوات الدعم السريع في السودان بارتكاب "تطهير عرقي" وعمليات قتل "ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث" ضدّ جماعة المساليت العرقية الأفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. ونشرت المنظمة الحقوقية، ومقرها في نيويورك، تقريراً من 186 صفحة بعنوان "المساليت لن يعودوا إلى ديارهم: التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة"، في إشارة إلى ما تتعرض له المجموعة العرقية غير العربية الأبرز في غرب دارفور التي تتخذ من مدينة الجنينة عاصمتها التاريخية.

ويوثّق التقرير، وفقاً لهيومن رايتس ووتش "استهداف قوات الدعم السريع مع المليشيات العربية أحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات في الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران، وتصاعد الانتهاكات مرة أخرى في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني". وبحسب التقرير فإنّ "الهجمات التي شنّتها قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية (...) أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين".

وفيما أشارت إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد بين إبريل/ نيسان وأواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، "75 % منهم من الجنينة"، أكدت المنظمة غير الحكومية أنّ "استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية (...) بهدف واضح هو دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكّل تطهيراً عرقياً".

ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية للمنظمة الحقوقية، تيرانا حسن، قولها "إن السياق الخاص الذي وقعت فيه عمليات القتل الواسعة النطاق يثير أيضاً احتمال أن تكون لدى قوات الدعم السريع وحلفائها نية تدمير المساليت كلياً أو جزئياً في غرب دارفور على الأقل، ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث هناك. وأضافت المنظمة في تقريرها أنّ "احتمال ارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور يتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الحكومات والمؤسسات الدولية لحماية المدنيين، وينبغي لها ضمان التحقيق في ما إذا كانت الوقائع تظهر نيّة محددة من جانب قيادة قوات الدعم السريع وحلفائها لتدمير المساليت وغيرهم من المجتمعات العرقية غير العربية في غرب دارفور". وناشدت حسن "الحكومات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحرك الآن لحماية المدنيين".

وبدأت أعمال العنف في الجنينة بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في السودان في 15 إبريل/ نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. وأدّت هذه الحرب حتى اليوم إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة. كذلك، دفعت الحرب البلد، البالغ عدد سكانه 48 مليون نسمة، إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8,5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.

"ألقوا جثثهم في النهر" 

وبحسب تقرير "هيومن رايتس ووتش" فإنّ العنف "بلغ ذروته بمذبحة واسعة النطاق في 15 يونيو/ حزيران، عندما فتحت قوات الدعم السريع وحلفاؤها النار على قافلة من المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار ويمتدّ طولها لكيلومترات، برفقة مقاتلين من المساليت". وفي نوفمبر/ تشرين الأول قامت قوات الدعم السريع، بحسب التقرير، مجدّداً بـ"استهداف المساليت (..) الذين لجأوا إلى ضاحية أردماتا بالجنينة، واعتقلت رجالاً وأولاداً، وقتلت ما لا يقلّ عن ألف شخص، وفق الأمم المتحدة".

وأورد تقرير المنظمة إفادة فتى يبلغ من العمر 17 عاماً كان شاهداً على مقتل 12 طفلاً و5 بالغين من عائلات عدة. وقال الفتى، وفقاً للتقرير: "قامت قوتان من الدعم السريع بشدّ الأطفال من ذويهم، وعندما بدأ الآباء بالصراخ، أردتهم قوتان أخريان قتلى بالرصاص، ثم جمعوا الأطفال وأطلقوا النار عليهم. وألقوا في النهر جثثهم وأمتعتهم". كذلك، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" من جهة أخرى قيام المساليت بقتل بعض السكان العرب في دارفور ونهب أحيائهم السكنية، وطلبت من المجتمع الدولي أن "يدعم التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية (...) لتمكينها من الاضطلاع بمهمتها في دارفور وفي مختلف أجندتها".

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد باشرت في 14 يوليو/ تموز تحقيقاً حول جرائم حرب محتملة في دارفور، ولا سيّما أعمال عنف جنسية، واستهداف مدنيين، استناداً إلى انتمائهم العرقي.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون