أوضح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الثلاثاء، أن تشغيل بلاده المئات من أجهزة الطرد المركزي الجديدة عبر ضخ الغاز إليها، كان رداً على العقوبات الأميركية الجديدة التي استهدفت، أمس الاثنين، شركات أجنبية متهمة بمساعدة طهران على الالتفاف على العقوبات.
وقال أمير عبداللهيان، لوسائل الإعلام الإيرانية، على هامش مشاركته في حفل تقديم جائزة "حقوق الإنسان الإسلامي والكرامة الإسلامية" في طهران، إن تشغيل أجهزة الطرد المركزي الجديدة كان نابعاً عن قرار قد اتُّخذ للرد على العقوبات الأميركية، مؤكداً أن واشنطن "لن تحصل على تنازلات" على طاولة التفاوض عبر هذه الإجراءات، وداعياً إياها إلى "ترك مطالبها المبالغ فيها". وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن طهران "جادة" للتوصل إلى اتفاق "قوي"، مهدداً بأنها "لن تقف مكتوفة الأيدي إن واصل الطرف الأميركي هذا المسار".
وأبدى أمير عبداللهيان استغرابه من العقوبات الأميركية الجديدة، في وقت قال إن الرئيس الأميركي جو بايدن يرسل "رسائل عبر الوسطاء للتأكيد على حسن النية الأميركية والجدية للعودة إلى الاتفاق النووي".
وأكد وزير الخارجية الإيراني، أن العقوبات الأميركية "لن تترك أي تأثير" على القرار الإيراني، مستذكراً القرار الغربي الصادر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثامن من يونيو/حزيران الماضي، عازياً إياه أيضاً إلى مساعٍ أميركية لتحصيل "تنازلات" من طهران على طاولة المفاوضات.
وأمس الاثنين، بعد ساعات على إعلان الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على شركات أجنبية عاملة مع إيران، أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، للتلفزيون الإيراني، أنه صدرت أوامر بتشغيل المئات من أجهزة الطرد المركزي الجديدة، مشيراً إلى أنها أجهزة متطورة من الجيل الأول والجيل السادس، مع حديثه أنه تم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك.
تركيب وتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة في نطنز
إلى ذلك، كشفت وكالة "نور نيوز" المقرّبة من مجلس الأمن القومي الإيراني، اليوم الثلاثاء، أن المنظمة قامت بتركيب وتشغيل أجهزة الطرد المركزي الجديدة في الصالات تحت الأرض (الأنفاق) بمنشأة نطنز النووية، التي تُعدّ أهم مركز لتخصيب اليورانيوم في إيران. وأضافت الوكالة أن هذه الأجهزة من الطراز المتطور IR1 وIR6، لافتة إلى أن هذه الأجهزة، لكونها تقع في الصالات المحصّنة التي بُنيت تحت الأرض في نطنز، فإنها "في وضع آمن ومناسب".
وخلال يونيو/حزيران الماضي، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً بشأن عمل إيران على بناء شبكة أنفاق ضخمة في منشأة نطنز النووية لتحصينها أمام أي هجوم محتمل، وهو ما ردت عليه طهران على لسان المتحدث باسم الطاقة الذرية باتهام الصحيفة بالسعي لإثارة "الغموض" حول برنامج طهران النووي. لكن كمالوندي، في الوقت ذاته، أكد صحة العمليات الإنشائية في نطنز، قائلاً إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إطلاع كامل بما يجري في مجمع نطنز".
وحينها، قال المتحدث الإيراني إن "إيران أبلغت الوكالة بالأعمال العمرانية لنقل أنشطة مصنع تسا في كرج إلى أطراف موقع نطنز منذ بدء هذه الأعمال"، مشيراً إلى أن نقل مصنع تسا صناعة أجهزة الطرد المركزي في منطقة كرج غربي طهران إلى نطنز وسط البلاد جاء بعد استهداف المصنع، العام الماضي.
هل تتحضّر إيران لصناعة قنبلة نووية؟
في غضون ذلك، أكد كمالوندي، في حديث تلفزيوني، اليوم الثلاثاء، أن بلاده ستواصل عملية تخصيب اليورانيوم لتحقيق احتياجاتها، مشيراً إلى أنه إذا عادت الأطراف الأخرى إلى الالتزام بتعهداتها، فستعود طهران إلى الالتزام بتعهداتها المنصوص عليها بالاتفاق النووي.
وعن تصريحات رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، وحديثه عن امتلاك إيران القدرة على صناعة القنبلة النووية، قال المتحدث باسم المنظمة إنه "فُهم تصريح السيد إسلامي عن قدرتنا على امتلاك قنبلة نووية بشكل خاطئ"، موضحاً أن "إيران لا تحتاج إلى القنبلة النووية نظراً إلى قدراتها الاستراتيجية، ولن تذهب في هذا الاتجاه".
وكان إسلامي قد قال أمس الاثنين، إن "إيران تمتلك القدرة على صناعة القنبلة النووية كما تحدث السيد كمال خرازي عن ذلك، لكن هذا البرنامج ليس على الأجندة"، وفق تصريحات أوردتها وكالة "فارس" الإيرانية.
وفي السابع عشر من الشهر الماضي، قال رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية بإيران كمال خرازي، إن طهران قادرة فنياً على صنع قنبلة نووية، لكنها لم تتخذ قراراً بعد لتنفيذ ذلك. وأضاف خرازي لقناة "الجزيرة": "خلال أيام قليلة، تمكّنا من تخصيب اليورانيوم لما يصل إلى 60 بالمائة، ويُمكننا بسهولة إنتاج يورانيوم مخصب لنسبة 90 بالمائة... إيران لديها السبل الفنية لصنع قنبلة نووية، لكنها لم تتخذ بعد قرار صنعها".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد قال في بيان الاثنين، إن الإدارة الأميركية تفرض عقوبات على "ستة كيانات تُسهّل المعاملات غير المشروعة المتعلقة بالنفط الإيراني، وكذلك المنتجات البترولية والبتروكيماوية، وهي مصادر رئيسية لإيرادات الحكومة الإيرانية". وأضاف بلينكن أن بلاده "مخلصة في اتباع طريق الدبلوماسية الرامي لتحقيق عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي"، مؤكداً أنها ستواصل فرض العقوبات على إيران لتعود إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي.
في غضون ذلك، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، في بيان بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إن الولايات المتحدة طوّرت مع "شركاء إقليميين"، مقترحاً لضمان العودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي) لضمان عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً.