يبدو أن مؤتمر بغداد الإقليمي، الذي عقد أول من أمس السبت، لم يحمل جديداً على صعيد تسجيل اختراق في التوترات في المنطقة بين طهران والرياض، فكما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أنه "لم يجر حوار أو لقاء" بين الوفدين الإيراني والسعودي على هامش المؤتمر، الذي غاب عنه قادة البلدين وشاركا على مستوى وزيري الخارجية.
وأضاف خطيب زادة في مؤتمره الصحافي الافتراضي، اليوم الإثنين، أنه "في مؤتمر بغداد لم يكن هناك لقاءات جديدة ولا حوارات جديدة" بين إيران والسعودية، كاشفاً عن ثلاث جولات للحوار بين طهران والرياض خلال الأشهر الماضية في بغداد، وقال "إن لزم الأمر ستستأنف هذه الحوارات".
وأكد خطيب زادة أن بلاده مازالت تمد "يد الصداقة والحوار" مع السعودية، قائلاً إنها "لم ترفض يوماً ذلك. ولا توجد خلافات لا يمكن تجاوزها".
وفي معرض الرد على سؤال حول عدم مشاركة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في مؤتمر بغداد، قال المتحدث الإيراني إن "مستوى المشاركة في أي مؤتمر دولي تتحدد على أساس تفاصيل تنظيم المؤتمر واستعدادات الدول ونحن أعلنا أنه كدولة جارة للعراق سنشارك في المؤتمر وندعم أي مبادرة تخدم استقرار العراق والسلام والهدوء فيه".
وكشف عن زيارة للرئيس الإيراني إلى العراق خلال الفترة المقبلة، معرباً عن أمله في "أن تكون هذه الخطوات مؤثرة في خلق التعاون الإقليمي من دون تدخلات القوى خارج المنطقة".
ورداً على سؤال بشأن وقوف وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان في الصف الأمامي بين قادة الدول وعدم وقوفه في الصف الثاني حيث موقع وزراء الخارجية، قال "حواشي"، إن "التطرق إلى الحواشي التي تطغى على النص ليس موضوع السياسة الخارجية. البعض يمكن أن يسعى إلى إثارة هذه الحواشي للتغطية على هدف المؤتمر الذي كان في سياق خلق المزيد من التعاون".
مفاوضات فيينا
من جهة ثانية، أشار خطيب زادة إلى أن مفاوضات فيينا كانت محور الاتصال الهاتفي الذي أجراه مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الجمعة الماضي، قائلاً إن المسؤول الأوروبي دعا إلى الإسراع في استئناف هذه المفاوضات.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن "تحديد الموعد النهائي للاستئناف المفاوضات يتوقف على المشاورات الجارية بين مختلف الأطراف"، لافتاً إلى أن هذه المفاوضات "ليست بهدف الوصول إلى نص جديد" للاتفاق النووي "بل التأكد من تنفيذ الاتفاق النووي من قبل أميركا بالكامل".
وعزا عدم التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا غير المباشرة مع واشنطن إلى "التعنت والسلوك غير المنطقي لأميركا والغرب"، رابطاً إحياء الاتفاق النووي بـ"تغيير هذا السلوك." وقال إنه "يتم متابعة إحياء الاتفاق النووي بعيدا عن قضايا المنطقة".
وخاضت إيران والولايات المتحدة منذ إبريل/نيسان الماضي، ستّ جولات من مباحثات فيينا بشكل غير مباشر بواسطة أطراف الاتفاق (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، قبل أن تتوقف هذه المفاوضات خلال يونيو/حزيران الماضي بطلب من طهران بحجة فترة انتقال السلطة التنفيذية الإيرانية، ولذلك لم يتحدد بعد موعد الجولة السابعة.
وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.
تصدير الوقود إلى لبنان
على صعيد آخر، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن تصدير بلاده الوقود إلى لبنان "قرار سيادي حول بيع النفط والوقود إلى أي دولة أو زبون"، مؤكداً أن "لا أميركا ولا أي دولة أخرى ليست في موقع يمنعنا من التجارة المشروعة".
وأضاف خطيب زادة: "أننا جادون للغاية في فرض سيادتنا والتجارة المشروعة من المسلّمات بالقانون الدولي وجاء في السياق بيعنا شحنات الوقود إلى لبنان ولطالما هناك زبون وطلب سنواصل هذا المسار"، داعياً "الدول الأخرى إلى عدم الانتظار في تخفيف معاناة الشعب اللبناني".
الاعتراف بـ"طالبان"
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت طهران ستعترف بـ"طالبان"، لم يجب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بشكل واضح، قائلاً: "إننا دوماً مع الشعب الأفغاني وأولويتنا هي السلام والاستقرار والازدهار للمجتمع الأفغاني فأفغانستان جارتنا العزيزة".
وشدد على أن "ما نريده في أفغانستان هو تشكيل حكومة شاملة تعكس التركيبة القومية والسكانية"، مضيفاً أن "يجب أن يقرر الشعب الأفغاني بنفسه حول مستقبله ومصيره ولا يحق لأي قوة أجنبية أن تقرر في مكانه".
وجدد عرض بلاده الوساطة بين مختلف القوى الأفغانية، مؤكداً على استعدادها لتسهيل الحوار بينها، وقال إنه "لا ينبغي تشكيل حكومة أقلية مقابل أكثرية وطالبان جزء من المستقبل الأفغاني"، معلناً عن استعداد طهران لتنظيم مؤتمر "مبادرة طهران" الثاني حول أفغانستان.