قدمت عائلة مهسا أميني، اليوم الأربعاء، شكوىً ضد عناصر الشرطة الذين اعتقلوا ابنتها واقتادوها إلى مقر شرطة الآداب، وفق محامي العائلة صالح نكبخت.
وقال نكبخت، في تصريحات لوكالة "إيسنا" الإيرانية، إنه برفقة محام آخر يُدعى علي رضائي تكفلا بالملف بتوكيل من أسرة مهسا أميني، قائلاً إنهما رفعا اليوم دعوىً قضائيةً إلى المحكمة الجنائية في طهران ضد عناصر بشرطة الآداب احتجزوا الشابة مهسا.
وأضاف المحامي أن والد وشقيق وخالة مهسا أميني حضروا أيضاً إلى العدلية الجنائية وردوا على الأسئلة، مشيراً إلى أنه خلال الجلسة "طالبنا بإجراء تحقيقات لازمة ودقيقة حول طريقة اعتقال مهسا حتى نقلها إلى مستشفى كسرى والحصول على التسجيلات عن لحظات الاعتقال وإيقافها لدى شرطة الآداب".
وقال إن محقق المحكمة وعد بضمّ هيئة طبية تختارها العائلة إلى جانب لجنة أطباء الطب العدلي في التحقيقات التي تجري بشأن وفاة مهسا أميني.
والاحتجاجات ما زالت مستمرة على شكل تجمعات متفرقة محدودة على الرغم من تراجع زخمها بشكل لافت في الأيام الأخيرة بالمقارنة مع الأسبوع الماضي، على خلفية محاولات وإجراءات السلطات المكثفة لاحتوائها.
وشكلت النساء عصب هذه الاحتجاجات، فعبرت بعضهن عن احتجاجهن من خلال خلع الحجاب وحرق مناديل الرأس وقص شعورهن، مع الإعلان عن رفض "الحجاب الإلزامي".
وتوفيت الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً في مستشفى في طهران بعد ثلاثة أيام من توقيفها على يد شرطة الأخلاق، ما أدى لخروج احتجاجات على مستوى البلاد إثر وفاتها.
وطالب السلطات بتأمين "كل مقاطع الفيديو والصور" المتوفرة طوال فترة اعتقال مهسا أميني لدى شرطة الأخلاق.
وأكد المحامي أن المدعي العام "تعهد بأن يتم التعامل مع القضية بدقة، وأن تؤخذ جميع طلباتنا في الاعتبار".
وأضاف أن المدعي العام وعد أيضاً "بإبلاغ فريق طبي عينته أسرة مهسا أميني بسير التحقيق".
كانت خجولة وتتجنب السياسة
من جانب آخر، قال مصدران مقربان من أسرة مهسا أميني إنها كانت خجولة ومحافظة، ولم يسبق أن عارضت حكام البلاد أو قواعد اللباس المفروضة في إيران، حسب وكالة "رويترز".
وقال المصدران المقربان من عائلتها إن أميني كانت تهتم بشؤونها فقط، وتبتعد عن السياسة. لكن أميني وجدت نفسها فجأة وجهاً لوجه مع عناصر من شرطة الأخلاق، وهي قوة مكلفة باحتجاز النساء اللواتي ينتهكن قواعد الزي الإيراني.
وتتكون وحدة شرطة الأخلاق عادة من شاحنة صغيرة مغلقة (فان)، فيها طاقم مختلط من الذكور والإناث، وتقوم بدوريات أو تنتظر في الأماكن العامة المزدحمة لمراقبة السلوك واللباس غير اللائقين.
وتوسلت أميني وشقيقها لعناصر الوحدة، وأوضحا لهم أنهما لم يكونا على علم بالقواعد في طهران. كما توسلت لأخيها بألا يسمح لهم بأخذها.
وانتظرها شقيقها أمام مركز احتجاز شرطة الأخلاق في فوزارا. لكن بعد ساعتين وصلت سيارة إسعاف لنقلها إلى مستشفى. وعثرت العائلة في النهاية على أميني في مستشفى كسرى.
ولم يبلغ الأطباء الأسرة بتفاصيل حالة ابنتهم، كما لم تتمكن الأسرة من الاطلاع على أشعة مقطعية لها. وقال المصدران إن جسدها كان مغطى في مكتب الطب الشرعي، بحيث لم يتمكن والدها من رؤية أي شيء باستثناء جزء صغير من ساقها بدا مصاباً بكدمات.
وتنقل "رويترز" عن مصدر آخر: "لقد ظل يتوسل للأطباء ليطلعوه على حالة ابنته. لكن لم يجبه أحد".
وأخبرت نساء كان قد تم إلقاء القبض عليهن مع مهسا والدها بأنها تعرضت للضرب داخل المركبة التي كانت تقلهن. كما أبلغنه بأنها ظلت تبكي وتتوسل للشرطة للسماح لها بالمغادرة.
وقال أحد المصدرين المقربين من الأسرة: "أخبرت الشرطة الأب بأن الكاميرات في المركبة لا تعمل. وبالتالي فإن الأسرة لا تعرف ما الذي حدث داخل المركبة ولا في مركز الاحتجاز"، وأضاف: "هم لا يصدقون الفيديو الذي نشرته السلطات ويظهر سقوطها فجأة في مركز الشرطة. وتعتقد الأسرة أن الفيديو مفبرك".
وبعيداً عن السياسة، لا تزال عائلة أميني تحاول استيعاب موتها.
وتصر والدتها على أن حجاب مهسا كان لائقاً. وخلال الجنازة كانت تردد "لماذا، لماذا؟ ابنتي كانت ترتدي حجاباً مناسباً وكان معطفها طويلاً وأسود، ولا أعرف لماذا تم اعتقالها".
ووفقاً للمصدرين المقربين من الأسرة، تنقل "رويترز" أنها لا تزال تكرر كل يوم "أين ابنتي؟ أين طفلتي؟".
وكان بيانٌ على "إنستغرام" قد صدر عن المستشفى وتم حذفه لاحقاً قد أشار إلى أنها كانت في حالة موت دماغي عندما وصلت إليه.
وذكر المستشفى أنه "تم إجراء إنعاش للمريضة وعاد نبضها، وتم إدخالها لوحدة العناية المركزة"، وأضاف: "لكن للأسف بعد 48 ساعة، وفي يوم الجمعة، أصيبت بنوبة قلبية مرة أخرى بسبب الموت الدماغي. ورغم جهود الفريق الطبي فإنه لم يستطع إنعاشها وفارقت الحياة".
وقال المصدران المقربان من الأسرة إن السلطات الإيرانية طلبت من أقارب أميني تجنب الحديث عن قضيتها. ولا يرد والدها ووالدتها ولا عمها على الاتصالات الهاتفية.