نفى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، اليوم الثلاثاء، تلقي بلاده "أي رسائل من فريق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن"، مؤكداً أن "لا معنى للتفاوض حتى نتأكد من عودة غير مشروطة لأميركا إلى تعهداتها وقيامها بواجباتها القانونية بشكل كامل"، في إشارة إلى العودة للاتفاق النووي وإلغاء العقوبات المفروضة على إيران منذ أكثر من عامين.
وأكد ربيعي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أنّ "الطريق الوحيد أمام الإدارة الأميركية المقبلة هو عودتها أولاً إلى التزاماتها في الاتفاق النووي والقرار 2231 لمجلس الأمن"، مشيراً إلى أن عهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "الشريرة" ينتهي غداً الأربعاء، ليعتبر أن ذلك يشكل "فرصة" لبايدن لتغيير السياسات الأميركية.
ووصف المتحدث الإيراني تركة ترامب بأنها "وصمة عار"، داعياً بايدن إلى عدم التعامل في مواجهة هذه التركة بـ"انتقاء"، ومؤكداً أن سياسة الضغط الأقصى الأميركية تحولت إلى "فضيحة خالدة" في التاريخ.
وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية "12" قد تحدثت، الأحد، عن أن أوساطاً أميركية رسمية أبلغت تل أبيب بأن فريق الرئيس المنتخب جو بايدن شرع بالفعل في إجراء اتصالات مع إيران بهدف العودة إلى الاتفاق النووي.
"بطاقات صفراء" لظريف
وعلى صعيد آخر، أشهر البرلمان الإيراني، الذي يسيطر عليه المحافظون، بطاقتين صفراوين في وجه وزير الخارجية محمد جواد ظريف، لحديثه عن استعداد إيران للتفاوض بعد أسابيع من اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني، ولما اعتبره البرلمانيون ضعف الدبلوماسية الاقتصادية للخارجية الإيرانية.
ويحمل إشهار مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران بطاقة صفراء في وجه ظريف،في هذا التوقيت، دلالات وإشارات إلى معارضة المجلس لأي خطوة قد تقدم عليها الحكومة لاستئناف المفاوضات مع واشنطن في عهد بايدن، والتي تنظر إليها الحكومة الإيرانية كـ"فرصة" للاستثمار فيها لإلغاء العقوبات الأميركية.
وتحمل البطاقة الصفراء دلالات تحذيرية تشير إلى عدم رضا المجلس عن الأجوبة التي قدمها الوزير. علماً أن المصطلح ليس له ذكر في القانون وإنما راج كمصطلح سياسي برلماني منذ عام 2000. وفي العادة، عندما يطرح المشرعون أسئلة محددة على أحد الوزراء في البرلمان ولا توافق الأغلبية من أصل عدد النواب الحاضرين على إجابات الوزير، فحينئذ يقال إن البرلمان أشهر البطاقة الصفراء في وجه الوزير، ويظهر ذلك من خلال عملية تصويت تجرى عادة بعد تقديم الوزير إجاباته. وعملياً لا يبنى على ذلك أي إجراء قانوني محدد، لكن عندما يزداد عدد هذه البطاقات التي يتلقاها الوزير، يشكل ذلك أرضية لاستجواب الوزير في حال تصاعد الخلافات بينه وبين البرلمانيين.
وخضع ظريف لمساءلة برلمانية، اليوم الثلاثاء، للردّ على أسئلة النواب الإيرانيين بشأن قضايا مرتبطة بالسياسة الخارجية، إذ لم يقتنع معظم النواب بإجاباته عن سؤالين؛ الأول عن إعلانه استعداد طهران للتفاوض مع واشنطن بعد ثلاثة أسابيع من اغتيال سليماني في ضربة جوية أميركية في بغداد مطلع عام 2020، والسؤال الثاني هو بشأن أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في الخارجية.
وخلال الجلسة، هاجم النائب المحافظ جواد كريمي قدوسي وزير الخارجية الإيراني والاتفاق النووي، موجهاً سؤالاً احتجاجياً عن حديث ظريف حول التفاوض بعد الاغتيال، لكن إجابته لم تقنع النواب، إذ رفضها 173 مشرعاً من 259 حضروا الجلسة من أصل 290 نائباً عدد النواب الإيرانيين.
وقال قدوسي إن "الاتفاق النووي قد مات وتزعج رائحته النتنة الشعب"، مؤكداً أن "المجلس الثوري (البرلمان) قد دفن الاتفاق بقانونه الثوري"، في إشارة إلى القانون الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران مطلع الشهر الماضي، والذي ألزم فيه الحكومة باتخاذ خطوات نووية لافتة، نفذت منها خطوة رفع تخصيب اليورانيوم إلى 20% في وقت سابق من الشهر الجاري.
ومن الخطوات المهمة الأخرى التي ينصّ القانون على تنفيذها إذا لم ترفع العقوبات الأميركية، وقف تنفيذ البروتوكول الإضافي الذي أخضع البرنامج النووي الإيراني لـ"رقابة صارمة" يوم 21 فبراير/ شباط المقبل، و"تدشين مصنع إنتاج اليورانيوم المعدني في أصفهان في غضون 5 أشهر من إقرار القانون"، أي خلال يونيو/ حزيران المقبل.
وقال ظريف رداً على السؤال إنه، خلال مقابلته مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية بعيد اغتيال سليماني، تحدث عن التفاوض مع واشنطن "في إطار مجموعة 1+5 إذا ما تابت وعادت إلى تعهداتها".
وأكد ظريف "إننا نتحرك وفق توجيهات قائد الثورة الذي قال قبل أسبوع في كلمة له إننا لسنا مستعجلين لعودة أميركا إلى الاتفاق النووي"، مستشهداً بهذه التصريحات ليقول إنه بناء على ذلك "لم يدفن الاتفاق النووي ولا تصعد منه تلك الرائحة النتنة"، رداً على تصريحات قدوسي.
ورداً على اتهامات النائب قدوسي له بإجراء "لقاء مع ضابط إسرائيلي سابق يدعى برغمن" قبل أسبوع من اغتيال سليماني، قال ظريف إن التفاوض كان مع الجانب الأميركي حول الإفراج عن العالم الإيراني مسعود سليماني، مشيراً إلى أنه "تبين لاحقاً أن هذا الشخص الذي حضر اللقاء كان في الكيان الصهيوني قبل عشرة أعوام". وأضاف: "نحن كنا نعرف الشخص الذي كان طرفاً في التفاوض، وهو كان قد أحضر معه شخصاً آخر تبين لاحقاً أنه كان في الكيان الصهيوني قبل عشرة أعوام وهو كان يسجل محضر التفاوض، وبعد الاجتماع التقط صورة تذكارية معي"، وفق ما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية.
ومسعود سليماني عالم إيراني بارز في علوم الدم والخلايا الجذعية، اعتقلته قوات تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (أف.بي.آي) في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، داخل المطار فور وصوله إلى الأراضي الأميركية، قبل أن تفرج عنه واشنطن خلال ديسمبر/كانون الأول 2019 في إطار صفقة تبادل مع طهران، إذ أفرجت الأخيرة أيضاً عن المواطن الأميركي شي يوه وانغ المعتقل لديها بتهمة التجسس.