إضراب شامل في "جبل المكبر" بالقدس رفضاً لسياسة هدم الاحتلال للمنازل

31 يناير 2023
آليات تابعة لبلدية الاحتلال أثناء هدم أحد المنازل في جبل المكبر (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

بدأ أهالي بلدة جبل المكبر، جنوب شرق القدس المحتلة، إضراباً شاملاً، اليوم الثلاثاء، رفضاً لسياسة هدم المنازل التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، وذلك تزامناً مع مواجهات عنيفة تصدى خلالها المئات من الأهالي لمحاولة قوات كبيرة من جنود الاحتلال وآلياته وجرافاته هدم منازل أخرى في البلدة، تنفيذاً لتعليمات الوزير الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير.

وبدت شوارع بلدة جبل المكبر صباح اليوم خالية حتى من طلاب المدارس التزاماً بالإضراب الشامل، وكانت مكبرات مساجد البلدة وجهت منذ الصباح دعوات تؤكد على إضراب اليوم.

وأغلق الشبان والأهالي شوارع بلدة جبل المكبر بحاويات النفايات وسكبوا الزيت على الطرقات للتصدي لجرافات بلدية الاحتلال التي تحاول هدم المنازل، فيما تحاول قوات الاحتلال عبثاً تجاوز تلك المعوقات التي وضعها الأهالي، الذين أشعلوا النار في الإطارات وشرعوا برشق جنود الاحتلال بالحجارة والمقذوفات النارية، وتفشل قوات الاحتلال في الوصول حتى الآن للمنازل المهددة بالهدم.

ووسط انكفاء قوات الاحتلال، التي اندفعت أعداد كبيرة منها لهدم منازل مواطنين في جبل المكبر، بدا المشهد أشبه بمشاهد الانتفاضتين الأولى والثانية، حيث الإضراب الشامل التام وإشعال الإطارات والمتاريس الحجرية التي استعان بها أهالي البلدة لصد اقتحامات الجنود والجرافات للبلدة، وفق ما أكدته مصادر محلية لـ"العربي الجديد".

وأدى سكب كميات كبيرة من زيت السيارات على جميع مفارق ومحاور الطرق، التي يمكن لآليات الاحتلال وجرافاته سلوكها وصولاً للمنازل المستهدفة، إلى انزلاق بعض الآليات وانكفائها بمن فيها وسط أجواء جوية عاصفة وأمطار غزيرة تذرعت بها قوات الاحتلال لتعلن، قبل ظهر اليوم، أنها قد تؤجل عملية الهدم هذه حتى بعد غد الخميس، أو ربما مطلع الأسبوع المقبل.

ولا يزال أهالي البلدة يتجمعون عند المتاريس بينما تشهد البلدة بمجموعها إضراباً تاماً وإغلاقاً للمحال التجارية والمخابز وتعطل الدراسة في المدارس، بعد امتناع مئات التلاميذ عن التوجه إلى مقاعدهم الدراسية استجابة للنداء الذي أطلقته لجنة الدفاع عن البلدة وتجمع عرب السواحرة، حيث إن بلدة جبل المكبر تأتي ضمن التجمع.

وفي هذا السياق، يؤكد المحامي رائد بشير، من لجنة الدفاع عن البلدة، لـ"العربي الجديد" أن ما تشهده جبل المكبر منذ الصباح يمثل شكلاً من أشكال المقاومة الشعبية التي قد تتطور مستقبلاً إلى حالة من العصيان المدني الشامل لإفشال مخططات الاحتلال سواء من ناحية هدم المنازل أو مصادرة الأراضي وإحاطة البلدة بالشوارع الاستيطانية، كما الحال بالنسبة لـ"الشارع الأميركي" الذي التهم مئات الدونمات من أراضي البلدة.

وأضاف بشير: "إذا أصر الاحتلال على الهدم، فنحن أكثر إصراراً على استمرار فعالياتنا الاحتجاجية، والتي سننقلها إلى مداخل بلدية الاحتلال التي تصر على هدم المنازل في وقت ترفض منحنا تراخيص البناء لعشرات المنازل المهددة بالهدم".

ما صرح به المحامي بشير تعكسه المشاهد الكثيرة عند المتاريس المشتعلة التي أضرمها الشبان الملثمون الذين يقفون مسلحين بحجارتهم، بينما تتولى مجموعات منهم مراقبة تحركات آليات الاحتلال عند مداخل البلدة والتثبت من هوية ركاب المركبات الصغيرة التي يسمح الشبان بدخولها للبلدة من بعض محاور الطرق التي يتعذر على الآليات الثقيلة دخولها.

بينما يبدو في مشهد آخر شبان يحملون غالونات البنزين ليسكبوا المزيد منها على الشوارع التي تمركزت بها قوات الاحتلال والآليات الضخمة، كما فعلوا في مرتين سابقتين حين أفشلوا محاولات لهدم منازلهم.

لكن المشهد الأكثر حضوراً، هو اندلاع المواجهات مع قوات الاحتلال والشبان الذين يمطرون الجنود ووحدات المستعربين بالحجارة والمقذوقات الحديدية، فيما تعزز تلك القوات تواجدها رغم انكفاء الجرافات بعيداً، فيما يبدو أنها تتهيأ لاقتحام البلدة بالقوة.

ويؤكد أهالي جبل المكبر، من خلال اللجنة الشعبية، أنهم عازمون على التصدي لما وصفوه بالحملة المسعورة التي تستهدف حقهم بالسكن وحرمانهم من الإقامة في بلدتهم ومدينتهم، وفق بشير.

وأكد بشير أن الأهالي عازمون على سلسلة من الفعاليات التصعيدية الاحتجاجية ضد سياسات بلدية الاحتلال في القدس، التي تفرض قيوداً مشددة على تراخيص البناء للمواطنين المقدسيين، في وقت تشيد آلاف الوحدات الاستيطانية على أراضي المواطنين المصادرة.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً بعمليات الهدم لمنازل المقدسيين، وفرض إخطارات جديدة بالهدم، خاصة بعد عمليتي إطلاق النار في القدس، اللتين قُتل وأصيب خلالهما أكثر من عشرة مستوطنين.

في سياق آخر، اقتحم مستوطنون، اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا صلوات تلمودية.

كما أعطب مستوطنون، فجر اليوم الثلاثاء، إطارات ثلاث مركبات وخطّوا شعارات عنصرية على منازل الفلسطينيين في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، وتدعو تلك الشعارات إلى قتل العرب.

وهاجم مستوطنون مركبات الفلسطينيين، مساء الإثنين، على طريق رام الله- نابلس، وحاولوا اقتحام بلدة ترمسعيا شمال رام الله لكن الأهالي تصدوا لهم. وكان مستوطنون أحرقوا أمس مركبتين وخطوا شعارات عنصرية في بلدة سنجل شمال رام الله، وخطوا شعارات عنصرية تدعو لقتل العرب.

إلى ذلك، اقتحم مستوطن، اليوم الثلاثاء، مدرسة حوارة الثانوية للبنين جنوب نابلس، لكن الهيئة التدريسية تصدت له، فيما أتلف مستوطنون سياجاً وألحقوا أضراراً بخزانات مياه ومعدات زراعية في أرض بمنطقة المسعودية شمال غرب نابلس.

في شأن آخر، أصيب شاب فلسطيني برضوض، أمس الإثنين، بعدما دهسه مستوطن في قرية النبي الياس شرق قلقيلية شمال الضفة، وأطلق مستوطن آخر، الإثنين، النار باتجاه شبان أثناء تواجدهم قرب مفترق قرية عزبة الطبيب شرق قلقيلية. كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم، والليلة الماضية، عشرة فلسطينيين من مناطق متفرقة من الضفة الغربية بما فيها القدس.

المساهمون