الانتخابات التركية 2023 (العربي الجديد)
13 مايو 2023
+ الخط -

تعيش إسطنبول، كما بقية المدن التركية، حالة من القلق والترقب، قبل ساعات من توجه نحو 64 مليوناً و113 ألفاً و941 ناخباً للمشاركة في الانتخابات التركية 2023 الرئاسية والتشريعية، في حدث محوري يضع مستقبل البلد على المحك.

ويمكن الشعور في شوارع المدينة بحالة من عدم اليقين والتوتر تجاه ما قد تحمله النتائج في طياتها لثاني أكبر دولة في أوروبا بعدد سكان يبلغ 85 مليون نسمة، وسط خطاب تحريضي تتبناه بعض قوى المعارضة تجاه العرب ووعودها بطردهم في حال فازت بالانتخابات.

وقام مراسل "العربي الجديد"، الجمعة، بجولة في مناطق الفاتح وأكسراي والسلطان أحمد وميدان تقسيم وشيرين إيفلر، ولاحظ حالة الاستقطاب والخطاب المشحون الذي يقلق شريحة واسعة من العرب والأجانب. كما لاحظ تفاوتاً في زخم دعاية الناخبين، وهو ما أرجعه مراقبون إلى تأثير الزلزال المدمر الأخير الذي ضرب جنوب تركيا والوضع الاقتصادي على مظاهر الدعاية الانتخابية.

لكن الكاتب والمحلل السياسي التركي إسلام أوزكان يرى، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لم يكن هناك خفوت في الحملات الانتخابية رغم الزلزال والوضع الاقتصادي، لافتاً إلى حالة التوتر والاستقطاب الحاد التي تشهدها هذه الانتخابات.

وأضاف: "هناك مشاركة في مهرجانات الدعاية الانتخابية ومشاركة من كافة أطياف المجتمع، الجميع يركز على هذه الانتخابات والجميع يترقب نتائجها لأنها مهمة للبلد والمنطقة"، لافتاً إلى أن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخفقت في أكثر من ملف، وخاصة بعد حدوث الزلزال، وهو ما قد يجعل الأتراك يتجهون لتفضيل مرشح المعارض كمال كلجدار أوغلو.

وفي جولتنا في مناطق إسطنبول، قمنا بسؤال بعض الأتراك حول اسم المرشح الذين قرروا التصويت له قبل ساعات من الانتخابات. في ميدان تقسيم الشهير، وسط إسطنبول، يقول أحد الشباب لـ"العربي الجديد": "بالطبع سأرشح كمال كلجدار أوغلو، سئمنا من هذه السلطة التي تحكم البلد منذ 20 عاماً، لقد حان وقت التغيير".

وفي منطقة أكسراي، تحدث مواطن في الثلاثينيات من عمره قائلاً إن الحشود في الميادين تدعم الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب "العدالة والتنمية"، لكنه عاد وقال إن الوضع الاقتصادي متدهور والناس يشعرون بالمعاناة.

أمام مسجد آيا صوفيا، تقول الشابة هيلين، في حديث مع "العربي الجديد"، إنها ستصوت لصالح أردوغان رغم الأزمات الاقتصادية التي يمر بها البلد، مشيرة إلى أنها لا تثق ببرنامج المعارضة الذي جرى عرضه.

لكن فاتح يخالفها الرأي، ويقول إنه سيصوت لمرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو، مضيفاً: "أغلب الشباب يريدون التصويت لمرشح المعارضة، نحن نبحث عن الحرية وعن دماء جديدة في هذا البلد".

وعن شعار التغيير الذي تطرحه المعارضة ويلقى رواجاً لدى الشباب، يقول المحلل السياسي وعضو حزب "العدالة والتنمية" يوسف كاتب أوغلو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الحديث عن التغيير "حق يراد به باطل"، مشيراً إلى أن المعارضة تستخدم هذا المصطلح لتسويق الوهم. وأضاف أن التغيير يكون إلى الأفضل، وليس كما تسعى إليه المعارضة في خطابها غير المقنع.

في ميدان تقسيم، أغلب الزائرين من السياح الأجانب، والانتخابات تلقى تفاعلاً لدى السياح أيضاً، وهو ما تعبر عنه السائحة الماليزية إيما، موضحة أن الجميع يترقب نتائج هذه الانتخابات باهتمام.

ومع اقتراب ساعات الصمت الانتخابي، حضر الرئيس رجب طيب أردوغان، عصر الجمعة، مهرجاناً انتخابياً في منطقة شيرين إيفلر بمدينة إسطنبول، قبل أن يظهر مساء في حوار مباشر مع 13 قناة تلفزيونية هاجم فيه خصمه في الانتخابات مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو، قائلاً إنه "لم يتعلم السياسة ولا يرتقي لأن يكون رجل دولة"، موجهاً سؤالاً لزعيم حزب "الشعب الجمهوري": "من أنت لتقول إنك ستطبق عقوبات على روسيا؟".

وكان كمال كلجدار أوغلو، المنافس الرئيسي لأردوغان، قد وجه تحذيراً لروسيا، واتهمها بالمسؤولية عن نشر مواد مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل اقتراع يوم الأحد؛ وهو ما استدعى ردّاً من الرئاسة الروسية، نفت فيه "المزاعم" بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التركية، واصفة ذلك بـ"الباطلة ويلفقها كذابون".

في السياق، سارع مرشح المعارضة إلى استغلال هذا الظهور الإعلامي لأردوغان ليسخر منه عبر تغريدة على صفحته في "تويتر" بالقول: "هل يمكنني تقديم وعد آخر؟ أثناء قيامنا بإدارة هذا البلد، لن ترى أبداً جميع القنوات التي تبث نفس المحتوى مرة أخرى. نحن نعد بالديمقراطية. الديمقراطية شيء جميل ورائع، كما تعلمون..".

ووفقاً لنظام التصويت التركي، فإن أي مرشح يصبح فائزاً بحصوله على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات، وإذا لم يحصد أي مرشح هذه النسبة تجرى جولة إعادة تحدد الفائز، وهو تصور محتمل، حيث تُظهر بعض استطلاعات الرأي تساوي حظوظ أردوغان وخصمه الرئيسي في تحالف المعارضة.

وعن احتمالية التوجه نحو الجولة الثانية، يؤكد كاتب أوغلو أن المعارضة تخشى هذا السيناريو لأنها تعي أن أردوغان سيحسم النتيجة إذا ما وصل إلى جولة الإعادة.

وفي حال التوجه نحو الجولة الثانية، فإنها ستجرى بعد أسبوعين، أي في 28 مايو/ أيار الحالي، بحسب تقويم الهيئة العليا للانتخابات، وبالتالي، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية ستعلن بأسرع من نتائج الانتخابات البرلمانية لمعرفة مصير الجولة الثانية من الانتخابات.