إسرائيل قلقة من شراكة إيرانية مع الغرب ضد "داعش"

11 سبتمبر 2014
يستغل نتنياهو مسألة داعش كمخرج لأزمات حكومته (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تحوّل الترحيب الإسرائيلي المتواصل، سواء على لسان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أم وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، بالقرار الأميركي بشن حرب ضد "داعش"، إلى قلق وتوجس. فقد ظهر نوع من تقاطع المصالح بين الولايات المتحدة وإيران في مسألة مواجهة التنظيم، مع اقتراب الجولة الجديدة من المفاوضات بين الغرب وطهران، بشأن المشروع النووي الإيراني.

وأعرب عدد من المسؤولين في إسرائيل عن قلقهم من أن يؤثر التعاون الأميركي ــ الإيراني، على موقف واشنطن من المشروع الذري الإيراني، وتزايد احتمالات تقديم الولايات المتحدة والغرب، تنازلات "جوهرية" تتيح لإيران تطوير مشروعها النووي، وصولاً إلى ما تسميه إسرائيل "بدولة حافة ذرية"، التي تستطيع في حال اتخذت قراراً سياسياً، تصنيع أسلحة ذرية.

وفي السياق، كرر وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شطانتس، صباح أمس الأربعاء، من واشنطن، عبر تصريح للقناة العاشرة، أن "الخطر الإيراني يبقى الأكبر على إسرائيل، والأهم من أي خطر آخر. حتى داعش يمكن التغلب على خطورته خلال سنوات، أما في حال إيران، فإنه لا يمكن مثلاً بعد خمس سنوات، إعادة العجلة إلى الوراء في حال تهاون الغرب وأصبحت إيران دولة حافة ذرية". ودعا شطانتس إلى "عدم التهاون في هذه المسألة، فإذا كان داعش يشكل خطراً على العراق وسورية، فإن إيران الذرية، تشكل خطراً على إسرائيل والشرق الأوسط والعالم بأكمله".

في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، تساحي هنغبي الذي يشارك في الحوار الاستراتيجي الإسرائيلي ــ الأميركي، في واشنطن، حصوله على تطمينات أميركية بعدم التنسيق مع إيران ضد "داعش" على حساب الموقف من مشروع التسلح الإيراني. هذا الموقف كرره زعيم المعارضة الإسرائيلية أيضاً، يتسخاق هرتسوغ، من واشنطن لمراسل الإذاعة الإسرائيلية.

في المقابل، أشارت الخبيرة في شؤون الأمن الإقليمي والإرهاب، في معهد الأمن القومي في تل أبيب، اميلي ﻻنداو، إلى "تضخيم وتهويل كل ما يتعلق بالخطر الذي تشكله داعش، سواء إقليمياً أو إسرائيلياً". وأوضحت أن "الحديث يدور عن نحو 14 ألف مقاتل، يمكن للغرب التغلب عليهم في نهاية المطاف، لكن المشكلة الحقيقية تتمثل في تداعيات التعاون الأميركي ــ الإيراني ضد داعش على مفاوضات إيران والدول الغربية، التي دخلت مرحلة حرجة في الأيام الأخيرة".

"داعش"، سلاح ذو حدين، تسعى إسرائيل الى الاستفادة منه كليّاً، ولكنها قد تضطر لاحقاً إلى دفع استحقاقات هذه الفائدة.

وإذا كان بعض الخبراء، يرون أن الحكومة الإسرائيلية تهوَل وتبالغ في حجم "الخطر الداعشي"، فإن رجال السياسة في إسرائيل يفضلون ركوب موجة التنظيم والتهويل من خطره على إسرائيل والغرب.

هذا التهويل، يقوم على معادلة الربط بين تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" من جهة، وبين التشكيلات والحركات الإسلامية الأخرى، وتحديداً حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" في فلسطين، وحزب الله في لبنان، من جهة أخرى.

وتتبع إسرائيل مساراً إعلاميّاً واضحاً، لمحو التمايزات بين هذه التنظيمات، لدفع الغرب إلى إسقاط كل قرار يتخذ ضد "داعش" و"القاعدة "على كل من "حماس" و"حزب الله"، لخدمة لمصالحها السياسية والأمنية. لكن الترويج للتحالف ضد "داعش" من سياسيين في إسرائيل، قد يرتد لاحقاً على الدولة العبرية؛ فإذا ما تمكن "التحالف الدولي" من هزيمة "داعش" و"القاعدة"، فإنه سينتقل من حالة الحرب إلى حالة التسوية السياسية والإقليمية.

وعليه، ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة ضغوط مشابهة، لتلك التي تعرضت لها في عهد بوش الأب ووزير خارجيته، جيمس بيكر، للخوض في تسوية إقليمية شاملة، تمثلت يومها في فرض المؤتمر الدولي في مدريد بمشاركة وفد أردني فلسطيني. ولعل هذا ما يفسر الفجوة بين تصريحات الخبراء في الإرهاب والجماعات الأصولية والجهادية في إسرائيل، وبين رجال السياسة والحكومة، التي تعكس مواقف حزبية خلافاً للخبراء الذين يفترض أن تكون مواقفهم مبنية على قواعد وبيانات وأسس تحليل عملية أو موضوعية.

وفي الوقت الذي يستغل فيه نتنياهو، مسألة "داعش" للهروب من الاستحقاقات في الملف الفلسطيني، وكمخرج من تطورات الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، التي صدّعت ائتلافه الحكومي، فإن خبراء يعتبرون أن "التحالف ضد داعش"، قد يحمل لإسرائيل في المستقبل، تحدياً وإملاءات لن يكون بوسعها مواجهتها، وعندها ستتحول حماسة نتنياهو في ملاحقة "داعش" إلى نقمة تلاحقه في ولايته المقبلة، في حال أتمت حكومته ولايتها الحالية.