إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا: خطة تبحث ضمانات وآجال تنفيذها

09 أكتوبر 2021
لا يوجد موعد محدد حتى الآن لبدء أي مرحلة من مراحل خروج القوات الأجنبية والمرتزقة(Getty)
+ الخط -

بعد مرور عام كامل على إعلان لجنة 5+5 العسكرية الليبية المشتركة عن اتفاق عسكري، يوم 23 أكتوبر، في جنيف السويسرية، كان من أبرز بنوده إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون تسعين يوما، أعلنت اللجنة العسكرية، أمس الجمعة، عن اتفاق جديد بشأن خطة حول ذات البند، لكن هذه المرة من دون آجال محددة ولا ضمانات لتنفيذها، فأي معطيات للخطة الجديدة وأي آفاق لنجاحها؟

وأكدت اللجنة، في بيان لها أمس الجمعة، أنها "قامت بإعداد وإقرار خطة عمل لإخراج كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية"، موضحة أن هذا الخروج سيكون "بشكل تدريجي ومتوازن ومتزامن".

وإضافة إلى ذلك، بحثت اللجنة "آليات تنفيذ" الخطة، كما أنها اتفقت على "التواصل مع الأطراف المحلية والدولية ذات الصلة لدعم تنفيذ الخطة"، كما أكدت على ضرورة جاهزية آلية مراقبة تنفيذ الخطة "لا سيما تواجد المراقبين الدوليين، التابعة للأمم المتحدة في ليبيا قبل البدء في تنفيذ الخطة".

وجاء هذا الإعلان إثر انتهاء اجتماعات اللجنة العسكرية في جنيف السويسرية، الذي بدأ يوم الأربعاء الماضي، بحضور وإشراف البعثة الأممية في ليبيا.

وبقيت تفاصيل الخطة طي أعضاء اللجنة، لكن الفيتوري غريبيل، أحد أعضاء اللجنة، كشف عن جانب من تفاصيلها، في تصريحات صحافية سبقت اجتماع جنيف، مشيرا إلى أنها ستكون على مرحلتين.

وأوضح غريبيل، في ذات التصريحات الصحافية، أن المرحلة الأولى ستشمل إخراج المرتزقة الجنجويد والسوريين والفاغنر من خطوط التماس، وفي المرحلة الثانية سيتمثل إخراج القوات الأجنبية سواء الروسية أو التركية وغيرها من قوات الدول العربية والأوروبية، لكنه استدرك بقوله "لا يوجد موعد محدد حتى الآن لبدء أي مرحلة، ونتمنى أن نباشر تنفيذ المرحلة الأولى قبل بدء الانتخابات".

وفيما أقر غريبيل بصعوبة تنفيذ هذه المراحل، أشار إلى حساسية الوضع الأمني المرتبط بمخاوف أطراف الصراع المحلية، فـ"هناك تخوفات من أن يقوم أي طرف خارجي بمحاولة تفجير العملية برمتها".

وتزامنت تصريحات غريبيل مع تصريحات أخرى لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء محمد المنقوش، خلال مؤتمر صحافي جمعها بنظيرها الكويتي أحمد ناصر الصباح في الكويت الأحد الماضي، حيث أكدت خروج أعداد بسيطة من المرتزقة، لكنها أشارت إلى أن الجانب الليبي يسعى "إلى تنظيم أكبر وشامل لخروج المرتزقة"، وقالت "هذا ما نسعى إليه في مؤتمر استقرار ليبيا الذي سيعقد نهاية الشهر الجاري، لوضع خطة في لجنة 5+5 وفق جدول زمني".

ملف عصي

وتستعد ليبيا لتنظيم مؤتمر دولي على مستوى وزراء الخارجية، خلال الشهر الجاري، لبحث عدة قضايا في الملف الليبي، ومن بينها ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، وسبل استجابة ودعم المجتمع الدولي للمطالب الليبية بشأن انسحابهم من أراضيها.

وفيما قدرت تقارير سابقة للأمم المتحدة عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في جميع أنحاء ليبيا بنحو 20 ألف مقاتل، لا يرى الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ أي معطيات جديدة منظورة لتحقيق أي اختراق ليبي في هذا الملف، الذي يصفه بـ"العصي"، وقال إن "التقدير الأممي بعشرين ألف مقاتل مر عليه زمن، ومن المحتمل أن يكون العدد زاد أو نقص، في ظل المعطيات الميدانية في ليبيا وتوقف القتال والانسحابات التي تمت في جبهات الحرب".

وعلى صعيد الميدان، يوضح عبد الحفيظ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العملية السياسية الأخيرة لم تتمكن حتى الآن من بناء ثقة بين أطراف الصراع، ولذا فخطوط التماس لا تزال على حالها، وعامل المرتزقة والمقاتلين الأجانب أساسي لديهما"، متسائلا "ما الجديد على الأرض، خصوصا في جانب حفتر، الذي لم يترك منصبه للانتخابات إلا مؤقتا، ما يعني أنه لا يزال عاملا أساسيا في انقسام ليبيا بين معسكرين، وخصومه في غرب ليبيا لا يزالون يتمسكون بالقوات التركية حليفا لهم ويتلقون التدريبات على مختلف الأسلحة".

وتابع "دوليا، يضاف إلى تركيا التي تصر على شرعية وجود قواتها في ليبيا الجانب الروسي، بعدما صرح وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف أن القوات الروسية موجودة في ليبيا بطلب من مجلس النواب، وهذا يعني خطوة روسية متقدمة لتثبيت وجودها العسكري وتحصينه من أي اتفاق لإخراجهم من ليبيا".

ويلفت عبد الحفيظ إلى تصريحات غريبيل بشأن وجود قوات عربية وأوروبية إلى جانب الأتراك والروس، وقال "لم يذكر أسماء تلك الدول سواء العربية أو الأوروبية، لكن اعترافه بوجود دول أخرى يعكس كثافة الحضور العسكري في ليبيا والتنافس الكبير على النفود فيها"، معبرا عن خشيته من عدم صدور أي ترحيب من جانب الدول المعنية بليبيا بإعلان اللجنة العسكرية عن خطتها حتى الآن، وهو أمر مريب، بحسب رأيه، ويثير مخاوف حول عدم القبول بالخطة من أطراف دولية منخرطة في الصراع الليبي.

غياب الآفاق

وقريبا من رأي عبد الحفيظ، يرى المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، هو الآخر، عدم وجود أي آفاق لتنفيذ مثل هذه الخطة التي يصفها بـ"البيان وتوضيح الموقف فقط"، وقال "لم تزد اللجنة عن بياناتها ومواقفها السابقة إلا إضافة عبارة تدريجي ومتزامن، وهي عبارة درج كل مسؤولي الدول المعنية بليبيا على استخدامها في الآونة الأخيرة".

ويذكّر ذويب، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن الاتفاق في أكتوبر من العام الماضي حدد 90 يوما لخروج المقاتلين الأجانب، وقال "لم يحدث شيء ولم يخرج ولا مقاتل، فما الذي استجد الآن لتنشئ اللجنة العسكرية خطة لإخراجهم؟!"، مرجحا أن يكون الأمر على علاقة بالمتغيرات الدولية ومصالح بعض الدول المتدخلة في ليبيا، والتي ترغب في نقل قواتها إلى مناطق أخرى في العمق الأفريقي أو ساحات صراع أخرى حول العالم.

ويلفت إلى أن اجتماع جنيف جاء بعد أسبوع من اجتماع اللجنة العسكرية في طرابلس بحضور قائد القوات الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفين تاونسند، وقال إن "الاجتماع جاء مفاجئا ومن دون شك كان بدعم وتسهيل من الجانب الأميركي وربما بطلب منه، ولذا فنتائج جنيف لن تبتعد كثيرا عن سير السلطة التنفيذية في ليبيا في ركاب السياسة الأميركية التي انخرطت دبلوماسيتها بشكل كثيف مؤخرا في ليبيا لتحقيق مصالحها وأهدافها المحددة ضد المصالح الروسية".

وعلى الرغم من إقراره بإمكانية نجاح ليبيا في إقناع أطراف دولية بسحب جزئي لقواتها، بدعم أميركي وكونه الملف الأكثر إلحاحا على المستوى الدولي، إلا أنه يؤكد أن تنفيذ مثل هذه الخطة سيحتاج وقتاً أطول، خصوصا في ظل عدم توصل أطراف هامة كتركيا وروسيا إلى اتفاق فيما بينهما بشأن وجود قواتهما في ليبيا، وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات لقبول دول الجوار الليبي الأفريقية رجوع المقاتلين المرتزقة لها، فأغلبهم مقاتلون في حركات تمرد معارضة ضد حكوماتهم.