إجراءات مصرية تخصّ معبر رفح لوقف استغلال الفلسطينيين وابتزازهم

20 يناير 2024
معبر رفح، 24 نوفمبر الماضي (علي مصطفى/Getty)
+ الخط -

أدّى الحديث المتزايد عن التنسيقات المصرية لسفر الفلسطينيين عبر معبر رفح البرّي الواصل بين مصر وقطاع غزة، إلى اتخاذ الأجهزة السيادية المصرية قرارات عاجلة عدّة، في محاولة للقضاء على الشكوى من حالة فوضى سادت معبر رفح خلال الأسابيع القليلة الماضية.

سفر الفلسطينيين... تجارة مربحة على معبر رفح

وقالت مصادر مصرية، وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن التجارة في سفر الفلسطينيين المضطرين لمغادرة قطاع غزة عبر المنفذ الوحيد المتمثل في معبر رفح البرّي، ووصول ثمن سفر أي شخص عبر المعبر إلى 10 آلاف دولار أميركي، أي ما يفوق نصف مليون جنيه مصري، من قبل أشخاص في الجانبين المصري والفلسطيني، أدى إلى اتخاذ قرار سيادي باستبدال عدد كبير من العاملين في المعبر من بعض الأجهزة، بشخصيات أخرى منتدبة من القاهرة لمتابعة عمل المعبر والتأكد من استمرار سفر المضطرين للمغادرة من المرضى والجرحى وأصحاب الجوازات الأجنبية والمصرية.

وصل ثمن سفر أي شخص عبر المعبر إلى 10 آلاف دولار أميركي

وأضافت المصادر ذاتها أنه منذ أيام، تم إيقاف كشوف التنسيقات المصرية (لوائح يومية بأسماء المسافرين) التي كان جلّها مواطنين فلسطينيين اضطروا لدفع مبالغ مالية طائلة لتجاوز المعبر والدخول إلى مصر، لا سيما من المرضى أو الطلبة أو أصحاب الإقامات في الخارج، في ظل عدم قدرتهم على السفر ضمن الفئات التي يتم تسهيل سفرهم منذ بداية عمل المعبر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشارت إلى أن قرار وقف التنسيقات المصرية سيستمر لعدة أسابيع إلى حين ترتيب آلية سفر المضطرين لمغادرة قطاع غزة بشكل عاجل، مع استمرار تسهيل سفر المرضى والجرحى المحولين بواسطة وزارتي الصحة المصرية، والفلسطينية.

وشدّدت المصادر على أنه تمّ كشف تورط عدد من العاملين في المعبر، ما أدى إلى ارتفاع أسعار التنسيقات حتى وصلت إلى مبلغ 10 آلاف دولار أميركي في بعض الحالات، ما استدعى تحركاً عاجلاً من قيادة جهاز الاستخبارات العامة وبالتحديد مسؤولي الملف الفلسطيني، الذين وصلت إليهم شكاوى من مسؤولين فلسطينيين، حول عملية الابتزاز وضرورة إنهائها بشكل كامل، حتى لا يصبح المعبر ممراً لتهجير المواطنين مقابل دفع مبالغ مالية.

وفي تفاصيل عمليات الابتزاز، كشف أحد المسافرين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى القاهرة أخيراً، أنه اضطر إلى دفع مبلغ يتجاوز 40 ألف دولار لأحد الأشخاص المقربين من رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني، صاحب شركة "هلا" للاستشارات السياحية والسفر، من أجل تسهيل سفر عائلته. وأشار إلى أن غالبية المسافرين الذين كانوا برفقته يوم مغادرة قطاع غزة بعد نشر كشوفات التنسيقات المصرية، كانوا قد دفعوا مبالغ مالية تراوحت بين 7 إلى 10 آلاف دولار من أجل مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح البري.

ضياء رشوان ناشد الفلسطينيين في حال تعرضهم للابتزاز أو الضغط في معبر رفح الإخطار الفوري للجهات الأمنية المصرية 

وكان رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان، قد ناشد قبل أيام، الفلسطينيين في حال تعرضهم للابتزاز أو الضغط في معبر رفح من أيّ متربح بقضيتهم، الإخطار الفوري للجهات الأمنية المصرية المتواجدة في المعبر، لاتخاذ الإجراءات القانونية الحاسمة والفورية تجاه هذه الوقائع والقائمين عليها.

ابتزاز مالي مُقونن

ولطالما اشتكى الفلسطينيون من الابتزاز المالي للسفر عبر معبر رفح الذي جرت قوننته عبر تأسيس شركة "أبناء سيناء" للسفر، لمالكها إبراهيم العرجاني بالتنسيق مع الاستخبارات المصرية، المختصة بمعبر رفح ولها فروع داخل قطاع غزة والقاهرة، فيما كانت تجبر المسافرين الفلسطينيين على دفع مبالغ مالية في الأيام العادية طيلة السنوات الماضية إلا أن المبالغ المالية زادت مع بداية الحرب.

وكانت مصر فتحت معبر رفح البري في نهاية أكتوبر الماضي بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي لإدخال كميات محدودة من المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة مقابل سفر أصحاب الجنسيات الأجنبية والعربية والمصريين كذلك، إلا أن الفئات المسموح لها بالسفر توسعت لتطاول الفلسطينيين مقابل دفع مبالغ مالية، ولكن في نهاية المطاف كل الأسماء التي ستغادر قطاع غزة عبر معبر رفح ترسل إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للموافقة عليها أو رفضها.

وكشفت مصادر مصرية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أنه تم إيقاف مسار إدخال الشاحنات التجارية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البرّي بعد الكشف عن قيام شركة "أبناء سيناء"، باستبدال شاحنات المساعدات الإنسانية بشاحنات تجارية.

السفر عبر المعبر جرت قوننته عبر تأسيس شركة "أبناء سيناء" لإبراهيم العرجاني بالتنسيق مع الاستخبارات

وفي التفاصيل، قالت المصادر إنه منذ بدء عمل معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي في تفتيش شاحنات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى القطاع، بدأت الشركة الموكل إليها نقل المساعدات من الجانب المصري إلى الجانب الفلسطيني، في إدخال عدد من شاحنات البضائع التجارية إلى غزة، وهذا الأمر لاقى استحسان الأطراف كافة لما يخفف من حدة الأزمة الإنسانية الحادة في القطاع. إلا أن اتجاه الشركة لاستبدال دور انتظار شاحنات المساعدات الإنسانية المصطفة في الجانب المصري من المعبر بشاحنات تجارية تابعة لشركة "أبناء سيناء"، بما يخفض عدد شاحنات المساعدات، لصالح زيادة الشاحنات التجارية، أدى إلى صدور قرار سيادي مصري بإيقاف إدخال شاحنات تجارية لغزة طالما أصبحت تأخذ جزءاً من حصة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى القطاع.

وأوضحت المصادر أن الشركة، تشتري المواد الغذائية من مصانع ومجموعات تجارية تابعة لمؤسسات وأجهزة مصرية ومقربة منها، فيما يضطر التاجر الفلسطيني إلى دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل كل شاحنة تجارية يستوردها عبر معبر رفح تصل إلى ثلاثة أضعاف الأسعار المعمول بها في الشراء والنقل قبل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث كانت البوابة التجارية للمعبر تعمل 3 أيام أسبوعياً، لإدخال الشاحنات التجارية إلى قطاع غزة.

ونوهت المصادر إلى صدور قرار سيادي مصري بوقف إدخال الشاحنات التجارية إلى قطاع غزة، وذلك بعد الادعاء الإسرائيلي في لاهاي بأن مصر هي التي تتحكم في إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وليس الاحتلال، بإجبار الشاحنات المصرية المحملة بالمساعدات الإنسانية على التوجه إلى معبر العوجه على الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وجاء القرار رغم وجود شاحنات تجارية تابعة للشركة تنتظر السماح لها بالدخول إلى معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي.

يشار إلى أن شركات العرجاني لها حصرية العمل في معبر رفح البرّي، سواء المتعلق بسفر المواطنين أو إدخال الشاحنات التجارية وشاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ومع بداية الحرب رافق إبراهيم العرجاني رئيس الحكومة المصرية مصطفي مدبولي إلى معبر رفح البرّي للاطلاع على عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقال أحد العاملين في التخليص الجمركي للشاحنات التجارية المتجهة إلى قطاع غزة، أن شركة العرجاني تتقاضى مبلغ 9 آلاف دولار أميركي مقابل نقل شاحنة بضائع تجارية إلى قطاع غزة، رغم أن أجرة الشاحنة والإجراءات على الطريق لا تتعدى 300 دولار أميركي فقط، مضيفاً أنه في حال كان مطلوباً من الشركة التكفل بشراء البضائع الغذائية للتاجر الفلسطيني، في ظل عدم قدرته على الوصول إلى مصر أو التواصل مع المصانع المصرية كما كان الحال قبل بدء الحرب الإسرائيلية، فإن أسعار البضائع تتضاعف بشكل ملحوظ. 

المساهمون